أوباما يبتسم
نصري الصايغ
أميركا ستتغير. عرب خائفون من تغير لا يأتي لمصلحتهم. ولبنانيون متخوفون من تخلٍ يخلّ بموازين القوى، وفلسطينيون يعلقون آمالا كبيرة، على «جسارة» أوباما، بالتأكيد على فكرة «الدولتين»، علماً، أن الدولة الأولى، موجودة وبشدة، فيما الثانية، مستبعدة، منذ قرار التقسيم. التفاؤل الكاذب في السياسة كارثة. طبعا أميركا ستتغير مع أوباما، ولكن من ضمن ثوابتها:
المصالح ما فوق القومية، الاميركية طبعا، اقتصاديا وأمنيا وسياسيا وعسكريا واستراتيجيا.
والمصالح العابرة للعرب، والمتمثلة بالثابت الاسرائيلي.
التغير، حتى اللحظة، في الأسلوب. جورج دبليو بوش، اختصر سياسته «بالعصا لمن عصى». مع أوباما: الجزرة أولا، و«كل الخيارات تبقى مفتوحة»، بما فيها العصا.
من الثوابت: «الخروج من العراق بمسؤولية»، «استمرار الدعم لأفغانستان، أي، تطوير آلة القتل والقصف والتدمير»، ومساعدة الباكستان على مواجهة الارهاب». وهذا لا يعتبر جديدا. إنها تتمات سياسة المحافظين الجدد.
ومن الثوابت: «وسط كل التغيرات، وفق نائب الرئيس الاميركي جوزف بايدن، سلام وأمن دولة اسرائيل غير قابل للتفاوض والتغيير». هذا التزام مزمن، يعود إلى عهد ترومان، وهو يعبر عن ذروة المصالح المشتركة، غير المنفصمة.
المتغير: «فترة سماح لإيران، كي تأخذ مكانتها التي تستحقها في المجتمع الدولي»، وحل مشكلة النووي، في غضون عام… وبعدها كل الاحتمالات مفتوحة.
أميركا تتغير. والعرب يصدقون ذلك وكذلك العالم، باستثناء من كواهم الجمر الأميركي:
أ ـ على اللاجئين ان يستوطنوا في أماكن اقامتهم. ومن أراد العودة، فليعد الى الدولة الفلسطينية… عندما يعلن نبأ ولادتها، المؤجلة.
ب ـ «حزب الله»، ومنظمة «حماس»، حركتان ارهابيتان، يجري التفاوض مع ايران وسوريا للتصرف بهما، وإلا، فمهمة اسرائيل، مواجهتهما، ان استطاعت.
ج ـ محاربة النفوذ الايراني الشيعي، اذ «انه لأمر مناف للبديهة ان يكون باستطاعة النفوذ الشيعي الايراني ان يمتد في عالم عربي سني». فأميركا، منذ اليوم، سنّية في سياستها.
د ـ على السلطة الفلسطينية ان تبدأ بتنفيذ خريطة الطريق، وتكافح الارهاب.
تفضي التغيرات والثوابت إلى أن ما سيتغير، لغة الاقناع، القوة عندما تدعو الحاجة، والحوار عندما يكون مجديا، على أن تطبق القاعدة على… باستثناء اسرائيل.
ان عودة إلى بطاقة هوية جوزف بايدن، نائب الرئيس الأميركي، توضح مدى الالتزام التربوي والأخلاقي والنفسي والاستراتيجي، بالصهيونية. فهو تتلمذ على يدي لاري وينبرغ، الذي عرفه على «ايباك» منذ 38 عاما. وهو صديق حميم لبنيامين نتنياهو، وأصدق صديق لرئيس «ايباك» لي روزنبرغ والمدير التنفيذي فيها، هوارد كوهر. وفي سيرته محطتان: الأولى قيامه بأول زيارة، فور فوزه في الانتخابات للكونغرس، الى اسرائيل، بعد حرب «الغفران». وأنه عندما زار الجولان، وتبين له ان التخلي عنها لسوريا، سيؤدي إلى أن تصبح قنبلة كبرى ضد اسرائيل، لأن طبيعة الجولان، تجعل من رمي قنبلة يدوية على المنحدرات، ذات ضرر كبير على المستوطنات.
يقول بايدن عن نفسه، ان أبرز شخصية التقاها وأثرت فيه، هي شخصية غولدا مائير، التي أسرّت إليه، «نحن اليهود لدينا سلاح سري في معركتنا هنا، ليس لدينا مكان آخر نقصده». وعليه، فإن على أميركا أن تضمن لليهود، طريق «الصعود إلى اسرائيل»، لاقامة «دولة يهودية ديموقراطية». سيحظى العرب من أوباما، بابتسامة… ولفترة وجيزة، إلا إذا أجبرته قوة الممانعة والمقاومة، على أن يعبس قليلا بوجه اسرائيل. انه أمل… ولكنه مستبعد.
السفير