من شطب الرائد الكبير سعدالله ونوس من احتفاليات دمشق عاصمة الثقافة العربية؟
إذاً لم يكن سعدالله ونوس حاضراً بقوة في احتفاليات دمشق عاصمة عربية، فمن سيكون موجوداً؟ وهذا السؤال طرحته الأوساط الثقافية السورية والعربية، عندما غاب (او غيب) اسم المسرحي السوري الكبير عن لائحة المشهود لهم بدورهم الابداعي على الساحة السورية والعربية.
فالأمينة العامة لدمشق عاصمة ثقافية حنان قصاب حسن، الباحثة والناقدة والمترجمة، ذكرت رهطاً كبيراً من الكتاب والشعراء السوريين لنزار قباني وبدوي الجبل ومحمد الماغوط وهاني الراهب وحنا مينا وأدونيس… لكنها لم تذكر سعدالله ونوس بينهم، وقد توقفت في كلمتها في افتتاح الاحتفالية في دمشق عند قامات عالية من الرواد المهمين، ولكن “غصت” بسعدالله ونوس، احد الرواد الكبار في الكتابة المسرحية، صاحب “طقوس الاشارات” و”منمنمات تاريخية”.. و”الأيام المخمورة” سهرة مع ابي خليل القباني”. والأكثر تمثيلا في العالم العربي، والمناضل الكبير في مواجهة القمع، ومن أجل الحرية وكرامة الإنسان، والحداثة المرتبطة بمشروع النهضة والتنوير؛ أما لماذا غصت الأمينة العامة باسم سعدالله بين هذه المجموعة الواسعة التي نحترم ونقدر، فالله أعلم؛ أبسبب شخصي؟ سياسي؟ إيديولوجي؟ أدبي؟ فني؟ أياً تكن الأسباب، فالذرائع ستكون أقبح من الذنب، ولن تنفع التبريرات التي ستأتي من هنا أو من هناك، خصوصاً وأن ثمة اشمئزازاً عارماً من هذه “البادرة” الناقصة، التي ترتد على أصحابها أكثر مما تصيب الكبير سعدالله ونوس.
ويقال أن الأمينة العامة للاحتفالية (عهدناك أمينة) كتبت قبل أشهر عدة مقالة هاجمت فيها ونوس باعتبار أنه كان له رأي سلبي بدمشق والدمشقيين، علماً بأن حنان قصاب حسن ترجمت لونوس الى الفرنسية “منمنمات تاريخية” وصدرت عن “أكت سود” بباريس.
وماذا سيقول المثقفون العرب عن هذا التغييب: أيستخدم الاحتفالية التي تجري وقائعها، بحسب خطب الافتتاح تحت شعار “حرية الإبداع”، أهذه هي الحرية في أبعار المبدعين، أم أن تكريم الحرية في استثناء المبدعين، والشغوفين بها! أترى ما ارتكبته حنان قصاب من هفوة أو نسيان أو قصد أم أنه استمرار لهجوم قادة اتحاد الكتاب العرب قبل مدة ونزع عن ونوس صفة الإبداع!
والمؤسف أنه الى هذا التغييب “الرسمي” في الافتتاح لسعدالله ونوس، فإن ثمة تغييباً أفدح لأعماله. ويروي أن زوجة سعدالله الفنانة فايزة الشاويش التي ترئس فرقة مسرحية، تحمل اسم زوجها، قدمت قبل أشهر عدة طلباً بتقديم عملين لسعدالله ضمن الاحتفالية “سهرة مع أبي خليل القباني” و”طقوس الإشارات”، ولم توافق الأمينة حنان (أين حنانك يا حنان) قصاب حسن! ولو! الى هذه الدرجة يتم الانتقام من كاتب كبير بحجم سعدالله وهو في قبره! شيء مرعب!
أترى يفيد هذا التغييب الاحتفالية، أم أنه يساهم في إدراجها، ضمن التظاهرات الرسمية المعروفة والتي لا يبرز فيها سوى مثقفي السلطة في حين يهمش المثقفون الآخرون بطريقة مذلّة ومهينة!!
وإذا كان من تعويض لهذه “الخطيئة” فبتصحيح الخطأ عبر إدراج سعدالله ونوس وبعض أعماله في فاعليات الاحتفالية.
سعدالله ونوس، الإسم اللامع والحي، والرائد، والمناضل، والحر، يغيب بهذه الطريقة الشنيعة! يا للهول (بالإذن من يوسف وهبي). ويا للغباء!
ذلك أن مكانه “الشاغر” في الاحتفالية مليء في مسيرة الإبداع العربية، ومليء في كل منصة، ونافذة، وباب…. وحلم!
ألم يقل سعدالله “نحن محكومون بالأمل”. نعم! وإن طال السفر…!