صفحات العالمما يحدث في لبنان

لماذا الآن؟

جورج علم
تحتاج العلاقات اللبنانيّة ـ السوريّة الى إعادة نظر شاملة، مترفّعة عن الأحقاد والكيديات، تعالج تراكمات الماضي، وتقرأ الحاضر بشفافيّة وموضوعيّة، وتخطط لمواجهة المستقبل. ولعل هذا التحدّي هو الأبرز الذي يواجه الرئيس سعد الحريري عندما يستقر وضعه في السرايا على رأس حكومة المشاركة الوطنيّة.
وتبقى الريادة في الإقدام، ملك رئيس الجمهوريّة العماد ميشال سليمان الذي وضع الحجر الأساس لذلك مع الرئيس بشار الأسد في دمشق في آب الماضي. ومع مرور عام على تلك القمّة تصل الرسالة من نائب الرئيس السوري فاروق الشرع مثلثة الأبعاد، البعد الأول: اجتماعه المغطى إعلامياً مع الأمين العام للمجلس الأعلى اللبناني ـ السوري نصري الخوري، في الوقت الذي يسعى فيه الرئيس المكلّف سعد الحريري لتشكيل حكومة المشاركة الوطنيّة، والذي أكد قبل التكليف، وعشيّة السابع من حزيران، ومع إقفال صناديق الاقتراع، أنه يريد أفضل العلاقات مع دمشق، والقائمة على أسس الاحترام المتبادل.
أما البعد الثاني، فيتمثل بما جاء في بيان مكتب الشرع «من ان نائب الرئيس السوري بحث مع الخوري تطورات العلاقات بين البلدين منذ قمة الرئيسين بشّار الأسد وميشال سليمان في دمشق في آب الماضي». وكأن في ذلك دعوة صريحة للمباشرة بالعمل على الإعداد لقمة جديدة، لكن هذه المرّة مختلفة إن في الشكل او النوعيّة او المضمون.
أما البعد الثالث فيكمن في ما أكدّه الخوري إثر خروجه من مكتب الشرع «من ان المجلس الأعلى اللبناني ـ السوري يقوم بدور تكاملي مع دور السفارتين السورية في لبنان، واللبنانية في سوريا، من حيث المتابعة والمساهمة في تطور العلاقات الثنائية واستمرارها».
ويضيف: «ان للمجلس الأعلى أهميّة فاعلة ومساهمة مستمرة لمصلحة الشعبين والبلدين».
وتنطوي الرسالة السورية على أبعاد ثلاثة، أولها التوقيت، والسؤال: لماذا الآن؟. ويأتي الجواب بمنتهى الواقعيّة: إن الأكثريّة بغالبيتها تريد فتح صفحة جديدة من العلاقات مع دمشق بعد السابع من حزيران، مختلفة عن تلك التي كانت سائدة قبله. وإن رئيس تيار المستقبل سعد الحريري نجل الرئيس الشهيد رفيق الحريري، والمكلّف بتشكيل الحكومة، هو الطامح الى فتح هذه الصفحة، وهو المبادر إلى الإعلان عن ذلك، يدعمه حليفه النائب وليد جنبلاط، وهو الذي سيرسم بالتعاون والتفاهم مع رئيس الجمهورية، السياسة التي ستنتهجها حكومته مع الجار والشقيق الأقرب سوريا.
أما ثاني هذه الأبعاد فمحوره أن العلاقات بين لبنان وسوريا لا تصنعها واشنطن، ولا باريس، ولا حتى القرار 1559 الصادر عن مجلس الامن الدولي، بل يصنعها التفاهم اللبناني ـ السوري المباشر المستند الى رصيد التاريخ والجغرافيا.
أما البعد الثالث، فيتمثّل بالقنوات الرسميّة المعنيّة في ترسيم هذه العلاقات وتطويرها. لقد قالت سوريا كلمتها. إنها مرتاحة الى استمرار المجلس الأعلى اللبناني ـ السوري «الذي يقوم بدور تكاملي مع السفارتين اللبنانية في دمشق، والسوريّة في بيروت». فما هو موقف الحريري، وحكومته؟، وما هو موقف لبنان الرسمي؟!
السفير

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى