المصالح الأمريكية الإسرائيلية مسألة إستراتيجية، والمقاومة العربية هي الطريق
لجنة التنسيق من أجل التغيير الديمقراطي في سورية
يأتي خطاب رئيس الحكومة الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في جامعة بار ايلان ليبدِّد مرة أخرى أوهام الذين يعولون على آمال السلام عبر مسلسل من الكمائن الدبلوماسية التي ما انفكت تُنْصَب على المسار التحرري للشعب العربي، من كامب ديفيد إلى مدريد إلى أوسلو إلى شرم الشيخ، ثم أنابوليس. إن اشتراطه في هذا الخطاب الاعتراف بيهودية دولة إسرائيل دولة لليهود وحدهم لا يشاركها فيها غيرهم من الثقافات، والتنكر لحق تقرير المصير للشعب الفلسطيني، ورفض حق عودة اللاجئين إلى ديارهم، والتمسك بالقدس عاصمة موحدة لدولة الاحتلال، ورفض الانسحاب إلى حدود عام 1967، وتصميمه على المستوطنات الاستعمارية وجدار العار، واعترافه المزعوم بدولة فلسطينية منزوعة السلاح ومعدومة السيادة، إن ذلك كله يترجم عن سياسة إسرائيلية مستمرة في مناهضتها للسلام، وتطمح إلى إبادة الشعب الفلسطيني وسلب أراضيه، وفرض الدولة الصهيونية كقوة مهيمنة في المنطقة، من أجل نهب الثروات العربية، وترسيخ تبعية العرب للنظام الرأسمالي العالمي.
خطاب نتنياهو منطق ليكودي يميني توسعي يرسِّخ سياسات الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة وأحلامها التوسعية، ويُسخِّر لنظام الإمبريالية والعولمة وما يرافقها من انهيار للسياسة العربية في عهد الدوحة، مقر أكبر قاعدة عسكرية أمريكية في المنطقة، ويستفيد إلى أقصى حد من تبعية الأنظمة العربية للنظام الرأسمالي العالمي، ليكرس لدولة إسرائيلية، صهيونية توسعية ومهيمنة. وإن نتنياهو يَستثمر إلى أقصى حد عزلة الأنظمة الديكتاتورية المنهمكة في تكديس الثروات عن شعوبها وانغماسها في إنتاج الفساد. ويريد أن ينصِّب نفسه سيد المنطقة على أكتاف الانقسام المدمّر في الصف الفلسطيني، والمعارضات المزعومة التي رحَّبت من دمشق وغيرها من العواصم العربية بالمبعوث الأمريكي ميتشيل، وهي المنساقة وراء السياسة الأمريكية.
وتَبعث، في الوقت نفسه، التصريحات الأخيرة للمبعوث الأميركي جورج ميتشل حول ما يسمى بعملية السلام، والتي يزعم فيها أن بلاده تدعو لخلق الأجواء من أجل العودة السريعة لمفاوضات لم يعد يَحْمُلها أحد على محمل الجد.. تبعث على الريبة والشك حيال الإدارة الأمريكية ومبعوثها إلى الشرق الأوسط. لاسيما وأن الإدارة الأمريكية الجديدة سارعت إلى تأييد خطاب نتنياهو في جامعة بار ايلان، وهي التي تتظاهر بأنها تضع نصب عينيها ترميم السياسة الإجرامية الفاشلة للرئيس السابق بوش الابن في المنطقة من خلال التلويح بوعود كلامية وخطابات رنََّانة، من أجل دفع العرب لتقديم المزيد من التنازلات والتطبيع مع دولة الاحتلال مقابل العودة لما يسمى “بمفاوضات السلام. وغير خاف على أحد أن خطاب الرئيس الأمريكي أوباما بجوهره لم يأت بشيء جديد طالما يتجاهل حق العودة، ويتحدث عن يهودية دولة إسرائيل، ويدين المقاومة العربية المشروعة ضد الاحتلال، كما لم يأخذ موقفاً حقيقياً إزاء حدود عام 1967.
إن لجنة التنسيق من أجيل التغيير الديمقراطي في سورية تحذِّر من الانجرار وراء إرضاء الإدارة الأمريكية على حساب الثوابت القومية ونهج المقاومة لتلبية مصالح الأوساط الحاكمة. والنظام السوري اليوم يتنافس مع الأنظمة العربية المسمَّاة ب/”المعتدلة”لإرضاء الإدارة الأمريكية، وتقديم تنازلات جديدة. وإن لجنة التنسيق، إذ هي تدعو النظام السوري وما تبقَّى من النظام السياسي العربي إلى التوقف الفوري عن المباحثات مع الاحتلال، ورفض القبول بالاشتراطات الخارجية، وسحب المبادرة العربية، وتؤكد أن ما يسمَّى بمسار السلام هو جري وراء سراب موهوم، وتؤكِّد على تمسكها بالمقاومة، وتناضل من أجل الديمقراطية وإعتاق الشعوب العربية من أنظمة الفساد والاستبداد، فإنها تطالب بسياسة عربية تحررية حيال إسرائيل والولايات المتحدة متمسكة بالثوابت القومية والتحررية. وتحث قوى المقاومة العربية بجميع فصائلها، من حماس إلى حزب الله مرورا بالقوى اليسارية والقومية، إلى حوار سياسي معمَّق لتشييد جبهة جماهيرية واسعة تستند إلى تاريخها الاجتماعي والقومي والتحرُّري.
لجنة التنسيق من أجل التغيير الديمقراطي في سورية
باريس، الأربعاء 17 حزيران / يونيو 2009
خاص – صفحات سورية –