صحوة إخوانية أم تخوينية ؟
ثائر الناشف
بين فينة وأخرى ، تطفو على السطح ، وقائع كثيرة ظلت حتى الأمس القريب من المحرمات لا بل من المقدسات لدى عموم جماعة الإخوان المسلمين وفي سورية خصوصاً .
الجديد – القديم في الأمر ، أن يصر أزلام النظام السوري على اعتبار ما يحدث في صفوف الإخوان المسلمين في سورية نوع من الصحوة المتأخرة ، واعتبارهم هذا لا يخلو من الاستخفاف ، كما سبق واستخف وزير خارجية النظام وليد المعلم بعقول الإخوان عندما لوح لهم بورقة المصالحة والتي لا يملك من أمرها شيئاً ، ورغم بيان الإخوان الطلاقي عن جبهة الخلاص ، فإن نظام الأسد لم يقبل أن يلاقيهم في منتصف الطريق كما لاقى إخوان حماس وباقي جماعات الإخوان هنا وهناك .
غير أن الصحوة الإخوانية ، ليست في بيانهم التضامني مع غزة ، الذي فهمه البعض وكأنه قراءة موضوعية من الإخوان للواقع الدولي ومتغيراته الكثيرة ، إنما منبع الصحوة جاء هذه المرة من بعض أفرادهم المنشقين حديثاً وقديماً .
لكي نفهم سر هذه الصحوة ، علينا أن نقلب صفحات التاريخ بحثاً عن السبب أو الأسباب التي دفعت إلى الخروج المدوي من كنف الجماعة ، والسبب الأول هل خرجت لأنها ضاقت ذرعاً من الأوامر والمنهيات الكثيرة ، أم أنها أرادت التكفير عن ذنبها السابق بحق النظام السوري ، وإذا لم تكن صحوة فما عساها أن تكون ؟.
للقارئ الكريم أن يحكم بنفسه في نهاية المطاف ، وأن يقرر أي التساؤلين السابقين أقرب إلى المنطق والواقع ، صحوة حالمة أم تخوين خائب ، فلكل سبب من السببين أعلاه حججه وبراهينه ، بل ونماذجه الحية التي مهما خفت ، فإن وضوحها الفاقع والمرير لا يحتاج إلى مجهر أو منظار .
للدفع بكل الأسباب ، لا بد من إيراد نموذجين سورياليين للدلالة على مدى الحالة المأساوية والمتردية التي وصل لها دعاة الصحوة والتخوين ، حتى لو كانوا فرادى قبل أن يكونوا جماعات .
النموذج الأول من الإخوان المسلمين ويمثله انشقاق العضو علي الأحمد الذي كان انشقاقه بمثابة قلب الطاولة على الجميع ، وهو نموذج أشبه ما يكون بالصحوة على الذات أولاً وعلى الواقع تالياً بعدما ضاق ذرعاً من الأوامر والمنهيات وما رأته العين طرفاً من مستور يستحيل كشفه ، أما النموذج الثاني وهو أشبه بإنسان دفن في غير وقته فخرج من قبره منتفضاً ونافضاً ما عنده من عقد وغرائز على الدنيا والآخرة ، وهو نموذج قد لا يشاطر النظام في حكمه على الإخوان ، بل من المحتمل أن يساير العفاريت بعد أن تلبس الإيمان عقله وقلبه زيفاً ووهماً ، ويمثله في هذا السياق العضو السابق حمدو الشريقي الذي كان من طلائع الإخوان الذين جعلوا ليل حماة يغدو نهاراً ، وفيما بعد أصبح من بعثيي العراق ، واليوم يكاد أن يكون من بعثيي النظام السوري وبأي ثمن ، حتى لو كان هذا الثمن المطلوب أن يقول بحق من دهستم الدبابات وقصفت بيوتهم الآمنة مدافع النظام في حماة ، أنهم ثلة من الإرهابيين ، في محاولة لتبرئة مذنب على حساب مذنب آخر من كل المسؤوليات التاريخية والقانونية .
هذان النموذجان من الإخوان ، تذخر بهما الأحزاب والتيارات السياسية ، وقد شهدنا انشقاقات كثيرة داخل الحزب الواحد ، كما شهدنا انتقالاً من أقصى اليسار إلى اليمين ، لكن الغير مفهوم أن تستمر عملية المزج والدمج الراهنة بين الإسلام والسياسة ، فكل يوم يمضي والإسلام يغرق بصحوات حالمة وأخرى خائبة .
الحوار المتمدن