صفحات ثقافية

الغياب السوري المفجع عن جائزة الصحافة العربية

null
عماد شعبان
شعرت بنوع من الكآبة الممزوجة بالمرارة والمطعمة بنكهة السخرية مع (رشة ) على الريحة من (الحسد )وانا اتابع اخبار الفائزين بجوائز الصحافة العربية في دورتها الثامنة التي اقيمت مؤخرا في دبي والتي كانت اهم ميزة فيها بنظري شخصيا ان الخصوصية السورية(ونحمد الله على ذلك ) غابت عنها بشكل يدعو الى التفجع والندب واللطم من قبلنا نحن رهط الصحفيين السوريين  .
ما دعاني الى هذه الوصلة من التفجع ما شاهدته من تغطيات اخبارية لمهرجان توزيع جوائز الصحافة العربية بدبي خصوصا تلك التي تابعتها على الفضائيات السورية والتي حاولت جاهدة ان تتلمس وجود بعض الصحفيين السوريين (او من يلوذون بالصحافة لاسباب كثيرة) ونحمد الله ان هذه القنوات وجدت بعضا من الصحفيين السوريين المشاركين وطبعا لايوجد اي منهم كان هناك بغرض تسلم احدى الجوائز ولكن كان هؤلاء هناك لاسباب مختلفة لعل السبب الابرز بينها البحث عن عمل في وسيلة اعلامية عربية (ارجو ملاحظة ان ذلك من باب الاستنتاج والتحليل وليس من باب المعلومات) حيث اتكىء في معظم كتاباتي على التحليل وذلك انسجاما مع  الموروث السوري الصحفي العريق وهو أننا نحن معشر الصحفيين السوريين من اعظم المحللين في التاريخ وذلك لعدم وجود المعلومة فنغطي على خيبتنا بالتحليل والاستنتاج والنسبة الى مصادر مطلعة ومصادر عليمة ومصادر قريبة ومصادر متابعة ومصادر من فوق ومصادر من تحت ومصادر (نص نص ).
اكثر ما لفت انتباهي هو ان نجم المشاركين السوريين على قلتهم في حفل جائزة الصحافة العربي كان (مهندسا انقلب الى الإعلام وصار من منظريه ) ففي احدى المقابلات تحدث بجرأة ظاهرة فيما الموقع الذي يديره غالبا ماينضح بالإستنسابية والمحاباة .
بالتأكيد لانريد ان نهاجم في هذا المقام احد ولكننا هنا في معرض ممارسة النقد الشخصي فلا أبرىء نفسي من التقصير فالحريات الصحفية تؤخذ ولاتعطي واتذكر قول لنائب الرئيس فاروق الشرع في احدى اللقاءات مع الصحفيين عندما خاطب الصحفيين المشتكين من الهامش الضيق للعمل الصحفي قائلا : ان الهوامش الصحفية يصنعها الصحفي بنفسه ولاتمنح منحا واذا اردتم ان تأخذوا جوائز صحفية وانتم جالسون فهذا غير ممكن وربما بينكم الان من الصحفيين من سجن بسبب عمله .
ان غياب الصحافة السورية والصحفيين السوريين ونحن منهم عن الاستحقاقات الصحفية العربية والدولية بشكل شبه متواصل يطرح مشكلتين متلازمتين
المشكلة الاولى :غياب البيئة المواتية للعمل الصحفي فالتشريعات التي تقونن العمل الإعلامي شبه غائبة وهو مايترك المجال واسعا امام مختلف الاجهزة للتدخل في العمل الإعلامي فغياب النص يطلق العنان للإجتهاد كما ان غياب مؤسسات إعلامية مبنية على اسس راسخة من التقاليد المهنية الراقية يعمق ازمة العمل الصحفي في سوريا والفاجعة الكبرى ان مؤسسات العمل الصحفي الخاصة التي فتحت ابوابها في شتى الفنون الإعلامية المقروءة والمسموعة والمرئية لم تكن بأفضل حالا من المؤسسات الإعلامية العامة وهذا يعني ان الحال قد يبقى (من بعضو) لفترة طويلة الا مارحم ربي .
اما المشكلة الثانية : فهي أزمة الصحفي السوري نفسه فهو بعيد تمام البعد عن الاستقلالية فيندر مثلا ان نجد صحفيا سوريا مستقلا بالمعني المهني للكلمة وربما السبب الاساسي هو ان العمل الصحفي الصرف لا يوفر استقلالية مادية للصحفي فيضطر حينذاك الى الارتهان في مواقفه وكتاباته لهذه المؤسسة او تلك او لذلك المسؤول او ذاك اما اؤلئك الذين يبحثون عن بطل فاعتقد انهم سيشعرون بالخيبة عندما يبحثون عنه في اوساط الصحفيين السوريين الذين ربما يستحقون افضل جائزة عالمية (لو وجدت مثل هذه الجائزة) في فهم الحدود والهوامش ومراعاة التوازنات والحفاظ على (السبوبة بالتعبير المصري وعلى الرزقة بالتعبير السوري ).
يجب ان يكون الغياب السوري المتكرر عن جوائز الصحافة العربية مدعاة للتفكير والتبصر من مختلف الجهات المهتمة بأن يكون في سوريا إعلام مهني عصري غير مرتزق يكشف ويوضح ويسلط الضوء على مشاكل المجتمع ويناقش بجرأة ومصداقية القضايا الوطنية الكبيرة منها والصغيرة فالصحافة هي ضمير الأمة واذا كان ضمير الأمة يشكومن الوهن فهذا يعني ان آليات دفاع المجتمع عن نفسه تعاني خللا خطيرا ولابد من مضادات حيوية قوية من ماركة (إعلام وطني حر و مسؤول) والكلمة الأخيرة نقولها حتى لا(يزعل) منا جماعة اتحاد الصحفيين.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى