شتائم عربية
ساطع نور الدين
ما زال موسم السباب العربي لرئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو مستمرا. منذ أن ألقى خطابه الخاص بحل القضية الفلسطينية قبل أسبوعين تعرض نتنياهو لسيل من الشتائم العربية المقذعة، وناله ما لم ينل اي مسؤول اسرائيلي سابق منذ ديفيد بن غوريون وحتى اليوم، او ربما منذ تيودور هرتزل.. حتى صار رمز الشر المطلق بل الشيطان نفسه الذي يجوز رجمه صبحا ومساء.
بات الامر اشبه بمبارزة مفتوحة في الهجاء، ينضم اليها كل يوم منافس جديد يريد ان يدلي بدلوه بحق الرجل الذي يختزل صورة العدو، أو يود ان يوضح ما الذي قصده نتنياهو في خطابه الشهير وما أخفاه بين كلماته، أو يرغب في ان يخاطب رئيس الوزراء الاسرائيلي ويقول له ان العرب لم يعودوا سذجا الى هذا الحد وصار بإمكانهم ان يفندوا مزاعمه وأن يكشفوا خدعته ويقارعوا حجته بحجج اقوى منها وأشد.
هي اشبه بمواجهة سياسية عربية تدور على شاشات التلفزيون وصفحات الجرائد مع ذلك الرجل البشع، وتستخدم فيها مختلف انواع الاسلحة اللغوية والخطابية، وتنهمر خلالها الإدانات والاستنكارات من كل حدب وصوب على نتنياهو الذي تطاول بهذا الشكل الفظ على الحق الفلسطيني وعلى الوعي العربي وعلى النهوض الاسلامي.. وقرر فجأة ومن دون سابق إنذار ان يتحدى الجميع فلسطينيين وعربا ومسلمين، وان يتعامل معهم بهذا المستوى من الاحتقار.
ما يقال هذه الايام بحق رئيس الوزراء الاسرائيلي لم يسبق ان عرفته اللغة السياسية العربية حتى في ذرى توترها على اسرائيل وعلى اميركا. صارت جثة نتنياهو النتنة مرمية في شوارع مختلف العواصم العربية والاسلامية، تنتظر من يدفنها، ومزق خطابه شر تمزيق ورمي اكثر من مرة في سلة المهملات، لكي يكون عبرة لاي مسؤول اسرائيلي يمكن ان يأتي بعده بمثل هذه الافكار الوقحة.
كل ذلك يجري في ظل صمت اسرائيلي شبه تام. لا احد في اسرائيل يبادر الى الدفاع عن نتنياهو أو رد السهام الموجهة اليه. ولا أحد يغامر في الدخول في مثل هذه المواجهة التي تستغرق الكثير من جهد العرب ووقتهم ومالهم وإعلامهم. ولا احد من الاسرائيليين يفكر على الاقل في ان حالة التوتر العربية تعني شيئا او تمثل تطورا او تصعيدا، او تتضمن فكرة جديدة، او تعتبر ردا مؤثرا يمكن ان يدفع اسرائيل لاعادة النظر في ذلك المسار الاستفزازي الذي تسلكه، غير آبهة بمشاعر العرب ولا بمواقفهم.
بين الحين والآخر يرد من إسرائيل ما ينبئ بالاهتمام بالشتائم العربية الموجهة الى نتنياهو، لكنه سرعان ما يضيع في السياق الاهم والذي لم يلاحظه كثيرون من الشتامين العرب وهو ان رئيس الوزراء الاسرائيلي لم يكن يخاطب الرأي العام العربي، ولم يكن يحاور الجمهور الفلسطيني، لكنه كان يشتم هو الآخر.. وينتظر الرد من جهات اخرى، غير عربية.
السفير
