توقعات قاتمة لاقتصاد أوروبا
أفاد تقرير أوروبي أن القارة قد تواجه خسارة دائمة في اقتصادها بسبب الأزمة العالمية، بحيث ستظل الحكومات في دول الاتحاد الأوروبي تحت ضغوط مالية في المديين المتوسط والبعيد.
وأوضح تقرير للمفوضية الأوروبية نشرته صحيفة فايننشال تايمز الجمعة “أن الأزمة تعادل خسارة لبعض الوقت لرؤوس الأموال التي تمثل القوة الإنتاجية للاقتصاد”.
كما أشار إلى أن الاضطراب الحالي في أسواق المال وتشديد البيئة الرقابية سيؤديان إلى آثار سلبية على النمو من خلال ضعف تدفق رؤوس الأموال لأغراض الأبحاث والتنمية وأنشطة الابتكار.
ويعتبر التقرير –وهو الأعمق الذي تصدره المفوضية عن الوضع الاقتصادي لمنطقة اليورو حتى الآن- المحاولة الأولى لتقدير الآثار بعيدة المدى للأزمة الاقتصادية على النمو الاقتصادي وعلى الوضع المالي العام لأوروبا.
وتقول فايننشال تايمز إنه من المتوقع أن يكون لهذا التقرير أثره على آراء صناع السياسة في دول مثل ألمانيا -أكبر اقتصاد في أوروبا- والسويد التي تترأس حاليا المجموعة الأوروبية، بحيث يحمل هذه الدول على التأكيد أنه لم يعد لدى أوروبا أي إمكانية أخرى في توسيع خطط الحفز المالي لمواجهة الأزمة الاقتصادية الحالية.
قبل الأزمة
ويقول التقرير إنه حتى قبل الأزمة الحالية فإنه كان من المتوقع أن ينخفض معدل النمو الاقتصادي في منطقة اليورو من 2.2% في الفترة ما بين 2007 و2020 إلى 1.5% في الفترة ما بين 2021 و2030 وإلى 1.3% فقط في الفترة ما بين 2041 و2060.
وتوقع التقرير انخفاض احتمالات النمو الاقتصادي في العامين الحالي والقادم إلى 0.7%، لكن الاقتصاد سيشهد تحسنا تدريجيا على المدى المتوسط.
وفي الوقت نفسه حذر التقرير من أن “الملاحظة التجريبية لأزمات سابقة تظهر أن الاقتصاد لن يعود إلى معدل النمو الذي شهده قبل الأزمة، وأنه سيشهد مرحلة نمو أضعف.. مما يعني أن خسارة دائمة في مستوى النمو ستتبع الأزمة”.
الدين العام
أما بالنسبة للدين العام لمنطقة اليورو فتوقع التقرير أن يرتفع إلى 83.8% من الناتج المحلي الإجمالي عام 2010 من 66% في العام 2007.
ففي بلجيكا واليونان وإيطاليا سيرتفع الدين العام إلى أكثر من 100% من الناتج المحلي الإجمالي في 2010، في حين سيسجل في فرنسا 86% وسيزداد في ألمانيا إلى 78.7%.
وهذا يعني أن نسبة الدين في 11 دولة من الدول الـ16 المكونة لمنطقة اليورو بشكل عام، ستكون أعلى من نسبة الـ60% التي حددها قانون الاتحاد الأوروبي لعضوية منطقة اليورو.
حتى إن التقرير قال إن الوضع قد يسوء، مشيرا إلى أن بعض دول اليورو قد تشهد ارتفاعا في نسبة الدين بعد عام 2010. وستكون بعض العجوزات في الموازنات لهذه الدول هيكلية، بمعنى أن نمو الاقتصاد سيضعف في المديين المتوسط والبعيد.
مشكلات ديمغرافية
كما ستتزايد الضغوط التي تواجهها الدول الأوروبية على المدى البعيد كدول رفاهية، بحيث ستواجه مشكلات تتعلق بانخفاض معدلات الإنجاب وارتفاع معدل أعمار القوة العاملة في المجتمع.
ويمثل الذين تزيد أعمارهم عن 50 سنة أكثر من نصف المجتمع حاليا، لكن في عام 2060 فإن الذين تبلغ أعمارهم 55 سنة أو أكثر سيمثلون النصف، وسيمثل هؤلاء ضعف عدد الأطفال في المجتمعات الأوروبية.
وأوصت المفوضية بأنه سيكون من الضروري للحكومات الأوروبية مقاومة الرغبة في الحمائية ورفض الإجرءات التي تفضل المصالح القومية على مصالح الاتحاد الأوروبي.
كما أوصت بتفادي الإجراءات التي تهدف إلى تقليل مشاركة العمال في السوق مثل التقاعد المبكر.
وفي إيجازه للوضع المصرفي بأوروبا يقول التقرير “إن المرحلة الأكثر صعوبة في الأزمة خفت حدتها لكن الوضع يبقى هشا.. إن وضع البنوك في منطقة اليورو لا يزال قويا من حيث رأس المال، لكن ما زال هناك قلق إزاء نوعية أصولها, وقد أدى هذا القلق إلى إثارة المخاوف بشأن وضع بياناتها الختامية بشكل عام”.