الدور الإيراني والعلاقة الإيرانية ـ السّوريةصفحات العالم

عيران وإيران في الميزان

سعد محيو
“إيران تشكل التهديد الأكبر للدولة العبرية، لأنها تسعى إلى أن تكون قوة بديلة للولايات المتحدة في منطقة الشرق الأوسط وتتصرف باعتبارها وريثة للاتحاد السوفييتي وقوة مضادة للغرب. إن التهديد الأكبر الماثل لدولة “إسرائيل” هو سعي إيران إلى وضع نفسها قوة بديلة من قوة أمريكا كدولة عظمى في منطقتنا، والأمر لا يتعلق بالبرنامج النووي الإيراني وحسب، بل بمجمل الأمور التي تجعل إيران تعرض نفسها وريثة للاتحاد السوفييتي وقوة مضادة للغرب”.
هكذا تحدث نائب رئيس مجلس الأمن القومي “الإسرائيلي” عيران ليرمان، فيما يواصل اللوبي اليهودي اليميني في أمريكا ضغوطه على إدارة أوباما لوقف فكرة الحوار مع طهران وإعادة إخراج سيف الحرب من غمده.
بالطبع، حديث ليرمان وباقي القادة “الإسرائيليين” عن مشاريع إيران للهيمنة على الشرق الأوسط مستفيدة من الانحسار النسبي الأمريكي فيه، يلقى هوىً لدى بعض الدوائر العربية القلقة. لكنه بالطبع أيضاً غير صحيح.
ما هو صحيح أو دقيق هو أن إيران تريد حصة في المنظومة الإقليمية الشرق أوسطية، و”إسرائيل” ترفض ذلك. لماذا؟ لأن هذه الأخيرة تريد أن تبقى القوة العظمى الإقليمية الوحيدة في المنطقة، كما أن أمريكا هي القوة العظمى الوحيدة في العالم. وهي من أجل هذا الهدف خاضت منذ 60 سنة ستين حرباً مع العرب حتى أجبرت معظمهم على قبول هذا “الأمر الواقع”، وتخوض اليوم مجابهات مماثلة مع إيران، وقد تخوضها غداً مع تركيا إذا ما بدأت هذه الأخيرة هي الأخرى بالمطالبة بمقعد في قمرة قيادة الشرق الأوسط.
وبالمناسبة، الهيمنة “الإسرائيلية” على المنطقة لن تقتصر بأي حال على السيطرة أو التفوق العسكريين، بل هي ترتكز أيضاً إلى منع التطور الاقتصادي والتكنولوجي وعرقلة الاستقرار والنضج السياسي في كل الدول العربية. وأبرز دليل على ذلك كانت مصر. فبدلاً من تحويل هذه الدولة العربية الكبرى إلى يابان أو كوريا الجنوبية أو حتى ماليزيا أخرى بعد توقيعها معاهدتي السلام مع “إسرائيل” والتحالف الاستراتيجي مع أمريكا، تم دفعها باتجاه الاقتصاد غير المنتج في السياحة والخدمات، ما جعل 90 في المائة من شعبها ينوء تحت وطأة الفقر والعوز والانفجارات الديموغرافية.
وقل الأمر نفسه عن العراق الذي تم تدميره في الواقع بقرار “إسرائيلي” أساساً، وعن لبنان الذي نسف أيضاً لأنه كان بإمكانه منافسة الدولة العبرية ديمقراطياً وتكنولوجياً، وعن أي دولة عربية أخرى حاولت النهوض.
“إسرائيل” هي القوة العظمى الإقليمية الحقيقية في الشرق الأوسط. وكل ما يجري الآن من مخاضات وتفاعلات سببه رفض تل أبيب وجود أي طرف إقليمي آخر يتطلع إلى دور في المنطقة.
في السابق، كان هذا الطرف اسمه مصر الناصرية، أو العراق الصدامي، أو السعودية الفيصلية. واليوم اسمه إيران الإسلامية، وغداً قد يكون تركيا العثمانية الجديدة.
الاسماء قد تتعدد، لكن المعركة واحدة: الحفاظ على القبضة الحديدية “الإسرائيلية” المنفردة فوق رقبة الجميع في الشرق الأوسط.
لكن، هل هذا الطموح “الإسرائيلي” الإمبراطوري قابل للاستمرار طويلاً؟ وإذا ما كان الجواب بالنفي، ما بديله؟
الخليج

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى