التطوير في سوريا لا يشمل حقوق الانسان
يجلس الكاتب والسياسي السوري ميشيل كيلو في منزله الصغير في احد احياء العاصمة السورية دمشق يتابع ما يجري في ايران عبر احدى محطات التلفزيون وهو يشرب قهوته.
ومنذ خروجه من السجن قبل فترة قصيرة يكرس كيلو كل وقته لاسرته وللكتابة عن القضايا القومية العربية والاقليمية بدلا من التركيز على الشؤون الداخلية السورية، كما كان يقوم قبل اعتقاله وما تلاه من حكم عليه بالسجن لثلاثة اعوام.
وكان كيلو الى جانب عشرة من النشطاء السياسيين السوريين الذين وقعوا بيانا عام 2006 يدعون فيه الى تصحيح العلاقة بين سورية ولبنان وهو البيان الذي يعرف اعلان بيروت – دمشق، وهو البيان الذي وقعه ايضا عشرات المثقفين اللبنانيين.
عند اعتقال كيلو كانت سورية تواجه ضغوطا عديدة، اذ كانت تتهم بانها تدعم اعمال العنف في العراق والضلوع في اغتيال رئيس وزراء لبنان السابق رفيق الحريري.
لكن المشهد اختلف الان، اذ تشهد العلاقات بين سورية والدول الغربية بعض التحسن وفتحت الدول الغربية قنوات حوار مع دمشق بهدف ضمان مساهمتها في تحقيق الاستقرار في المنطقة.
ورغم ذلك لم تخفف السلطة من قبضتها الشديدة على الصعيد الداخلي ولم تسمح بأي شكل من اشكال المعارضة منذ وصول حزب البعث الى السلطة في انقلاب عسكري عام 1963.
ويقول الكاتب والناشط في مجال حقوق الانسان ياسين الحاج صالح ان وجود اي معارضة او اصوات مستقلة ليست ضمن سلم اولويات السلطة في سورية.
ويقدر عدد المعتقلين السياسيين في سورية بنحو ستة آلاف شخص بينما يمنع حوالي 400 من السفر، الا ان نشطاء حقوق الانسان يعتقدون ان عدد الممنوعين من السفر يزيد على ذلك اضعافا.
وتشمل هذه الاجراءات اصحاب المدونات على شبكة الانترنت من الشباب وبعض مستخدمي الانترنت والكتاب والفنانين.
ويقول مهند الحسني رئيس منظمة حقوق الانسان في سورية ان هناك تدهورا متناميا في مجال حقوق الانسان في سورية.
واوضاع المعتقلين الاسلاميين هي الاسوأ حسب رأي حاج صالح، ويقول ان ” هناك العديد من المعتقلين ذوي التوجهات الاسلامية دون ان يكونوا اعضاء في اي تنظيم، حيث ان اغلبهم من ابناء الريف، وتتعرض عائلاتهم الى ضغوط ومضايقات امنية”.
ولا تلقى هذه الاعتقالات اي اهتمام اعلامي وخاصة في المناطق الريفية والنائية.
وقد اندلعت مواجهات العام في سجن صيدنايا في ضواحي دمشق بين السجناء الاسلاميين والحراس، حيث تحدثت الانباء عن مقتل عدد من السجناء فيها.
ودعت منظمة هيومان رايتس ووتش الحكومة السورية الى وضع حد لمعاناة ذوي المعتقلين والاعلان عن اسماء السجناء الذي قتلوا واصيبوا في هذه مواجهات والسماح لهم بمقابلة ابنائهم المعتقلين.
انعدام الرؤية
ليست هناك معارضة منظمة في سورية بل شخصيات ونشطاء تعارض السياسات الحكومية حتى هؤلاء منقسمون وليست لديهم رؤية، حسب رأي المخرج السينمائي عمر اميرلاي.
ويضيف اميرلاي ان “المعارضة بحاجة الى نقد ذاتي واصلاح ومصالحة”.
لكن هناك آخرين يرون انه حتى لو توحدت المعارضة وامتلكت الرؤية الواضحة فان جهودها لن تؤدي الى نتيجة بسبب القيود المفروضة عليها من قبل السلطة.
شوارع دمشق تبدو هادئة، حيث يجلس السوريون حول الطاولات في المقاهي والمطاعم ويدخلون في نقاشات ساخنة حول القضايا الدولية المهمة والاوضاع السياسية الاقليمية دون ان يتطرق احد الى الاوضاع السياسية الداخلية في البلاد.
ويرى الحسني ان على سورية مجاراة التطورات الاقليمية والدولية وتحسين سجلها في مجال الحقوق الانسان والحريات المدنية.
ويقول: “يجب احياء منظمات المجتمع المدني وتفعليها، والسلطات هي الجهة الوحيدة القادرة على ذلك”.
ويضيف ان على المسؤولين النظر الى هذه القضية بجدية واعطائها الاهمية الكافية، فمن الصعب ان تستمر بعزل نفسها وتسير في طريق غير الطريق الذي يسلكه بقية العالم.
البي بي سي