صفحات سورية

زيارات واتصالات دبلوماسية مكثفة ستشهدها دمشق خلال الاشهر القادمة

null
كامل صقر
دمشق ـ ‘القدس العربي’ فيما يُجمع المراقبون على ان دمشق لا تبدو مستعجلة للدخول في مفاوضات سلمية مباشرة مع اسرائيل قبل نضوج الظروف المناسبة لاطلاقها سواء المتعلقة بالحالة الدولية من جهة وبالداخل الاسرائيلي الذي يجب ان يُعلن استعداده للانسحاب من جولان سورية من جهة اخرى، توقعت مصادر دبلوماسية غربية في دمشق ان تشهد دمشق خلال الاشهر المقبلة زيارات لدبلوماسيين ومبعوثين غربيين وكذلك اتصالات دبلوماسية مكثفة تتركز بمجملها حول الدور السوري الممكن في مختلف القضايا المطروحة في المنطقة بدءا بعملية السلام والوضع الفلسطيني ثم لبنان والعراق وصولا الى الخلاف الغربي الايراني.
ولفتت المصادر الى ان التوجه التركي اللافت نحو العاصمة السورية يتم ايضا في جزء منه بمباركة وتشجيع اوروبي وامريكي بعد ان تبين نجاح الجهود المشتركة السورية التركية في مقاربة اكثر من ملف سياسي عالق.
واوضحت تلك المصادر التي تحدثت لـ ‘القدس العربي’ ان المقاربات السعودية المصرية لم تنجح في اكثر من محطة على مدى السنوات الاخيرة الماضية ما دفع للاقتناع بأن الدور السوري وبشيء من الدعم والمساندة سيكون فعالا اكثر في مختلف الملفات بحكم القدرة الجيوسياسية السورية المتشكلة من موقعها الجغرافي وعلاقاتها السياسية القوية.
واضافت لا مانع لدى دمشق من تقديم المساعدة في حل الدولتين ولكن ضمن حل شامل وسلة متكاملة تضمن قيام دولة فلسطينية حقيقية تتمتع بسيادة كاملة، مع انسحاب اسرائيلي كامل من مرتفعات الجولان المحتلة وكذلك انسحاب اسرائيلي تام من بقية الاراضي اللبنانية التي ما تزال تحتلها، وتابعت ان دمشق تشدد على انه وخارج تلك السلة لا يمكن تقديم اية مساعدة في مسألة حل الدولتين وانها لن تمارس ضغطا على حماس او بقية الفصائل الفلسطينية للقبول بشروط غير مناسبة لها.
وفي سياق آخر، رأت تلك المصادر ان علاقة دمشق بطهران وطبيعتها الاستراتيجية المتينة لم تعد تشكل عامل ضغط على سورية للابتعاد عن حليفتها ايران بل على العكس ثمة تحول جزئي في اروقة دوائر القرار الغربي (ضمنا في واشنطن) بأنه لا مشكلة في علاقة قوية تربط ايران مع سورية خاصة انها ليست وليدة السنوات القليلة الماضية، سيما اذا احسن استثمار تلك العلاقة باتجاه سورية لمساعدة الغرب على تحقيق تفاهم سياسي يريح الغرب.
وتابعت ان الدبلوماسية السورية قد حققت تقدما ملموسا في تفهّم دوائر القرار الغربية للسياسة الايرانية في المنطقة وللهواجس الايرانية تجاه الاوروبية والامريكية المقابلة لها كما نقلت دمشق لطهران مجموعة من الملاحظات والهواجس الغربية المتعلقة بالشأن الايراني، وكشفت ان موضوع السلام في الشرق الاوسط شكل جزءا فقط من مباحثات المبعوث الامريكي جورج ميتشل مع المسؤولين السوريين خلال زيارته لدمشق فيما شكل الدور السوري المحتمل في حل قضايا المنطقة جزءا كبيرا من مباحثات ميتشل وتحديدا في المسألة العراقية التي تصر ادارة اوباما على ضرورة مساعدة سورية لها بهذا الخصوص، وكان ميتشل قد شدد على ان لسورية ‘دورا اساسيا’ تلعبه في تحقيق السلام الشامل في المنطقة.
وكان وزير الدولة البريطاني لشؤون الشرق الاوسط ايفان لويس قد اكد بعد لقائه وزير الخارجية السوري وليد المعلم في دمشق اول امس على اهمية تحقيق الاستقرار والامن في العراق ولبنان، داعيا سورية لاستخدام ‘دورها الهام للغاية’ لتحقيق المزيد من الامن والاستقرار في هذين البلدين، واللافت دعوته سورية لاستخدام نفوذها وتقديم المساعدة في خلق الظروف لحل الدولتين بين الفلسطينيين والاسرائيليين.
هذا الكلام لا يبدو بعيدا عن كلام لرئيس لجنة السياسة الخارجية في البرلمان الالماني روبريخت بولنتس الذي نقلت عنه تقارير اعلامية قوله في ندوة صحافية اقيمت بالبرلمان الالماني ان سورية لم تعد الدولة العنيدة التي تقف امام الجهود التي تبذل لاحلال السلام في الشرق الاوسط وعلى الحكومة الالمانية ان تحذو حذو باريس وواشنطن بتحسين علاقاتها مع دمشق لتأثيرها السياسي على اطراف النزاع في المنطقة والمساهمة بالهدوء فيها، علما ان وزير الخارجية الالماني كان قد رد على سؤال خلال زيارته لدمشق عن اشتراط اسرائيل على سورية قطع علاقاتها بحزب الله وايران بالقول ان لدى كل طرف مصالح وهذه المصالح واضحة جدا، في تأكيد على اعتراف اوروبي بأهمية العلاقات القائمة بين طهران ودمشق، وفي سياق غير بعيد رأت الشخصيات الغربية التي طلبت عدم الكشف عن اسمها ان مسألة تجديد العقوبات المفروضة من قبل الادارة الامريكية على شخصيات وشركات سورية امر مرتبط بثوابت السياسة الامريكية التي لا يمكن ان تتخلى عنها اية ادارة في البيت الابيض مهما كان توجهها وطبيعة تعاطيها السياسي، لان دوائر القرار الامريكية تصر دائما على القليل من الضغط في سياساتها الخارجية، لقناعتها بأنها ستجني من هذه التصرفات فوائد مستقبلية وان كانت لا تجني شيئا في اغلب الاحيان.
القدس العربي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى