أكثر من مليوني مواطن في عشوائيات دمشق
إيلاف، مصادر: ذكر تقرير لوكالة الانباء الإيطالية أن أوساطا سورية مختصة قدّرت عدد سكان دمشق وريفها الذين يشغلون مناطق السكن العشوائي المخالف بنحو 45% من السكان المقدر عددهم بـ 5 ملايين، أي ما يقارب من 2.25 مليون شخص يعيشون في مناطق عشوائية مخالفة بكل المقاييس
وكان وزير الإدارة المحلية السوري أشار قبل أيام إلى أن أكثر من 35% من سكان المدن الكبيرة يسكنون في المناطق العشوائية، موضحاً أن ثمانين بالمائة إلى تسعين بالمائة من سكان هذه المناطق هم من أصحاب الدخل المحدود
وتشير الدراسات الحكومية الأخرى إلى وجود 42 منطقة مخالفات في دمشق وريفها على الأقل، موزعة على مساحة تزيد عن 15 ألف هكتار. ويقدّر خبراء حجم التزايد في مناطق السكن غير النظامي في سورية بأنها تزايدت أربعمائة بالمائة خلال السنوات العشر الأخيرة
ووفقاً للدكتور عادل فقير فإن السكن العشوائي المخالف هو “تجمعات سكنية غير مرخصة ومخالفة للمخططات التنظيمية، وتتركز في معظم مناطق دمشق ومحيطها، حتى أن بعض الأحياء الراقية كالمزة وكفرسوسة لا تخلو من تجمعات سكنية عشوائية على أطرافها، ليقترب بعضاً من هذه المناطق لشكل مدن الصفيح المحاورة لأفخر وأغنى المناطق” حسب تعبيره للوكالة الايطالية
وتذكر الوكالة في تقريرها أن الدراسات التي قامت بها هيئات تنموية تشير إلى أن مدينة دمشق مصممة لتستوعب من 1.5 إلى 2 مليون ساكن، فيما يقطنها حالياً أكثر من 5 مليون نسمة. مما ينعكس على مستوى الخدمات والطرق والبنية التحتية غير القادرة على تخديم وتوفير المتطلبات الأساسية لعدد كبير من السكان
ويشار إلى أن العشوائيات في سورية عموماً ودمشق خصوصاً بدأت منتصف الخمسينات في مناطق محددة ومحصورة، وازداد عددها في عقد السبعينات بشكل لافت بسبب هجرة أبناء الريف إلى المدينة، وتضاعف 100% خلال العقدين الثامن والتاسع، ثم تضاعف 400% خلال السنوات العشر الأخيرة بسبب ارتفاع أسعار الأبنية والمواد الأولية بشكل كبير، وكذلك الهجرة المتزايدة وغير المنظمة من الريف إلى المدينة
امتدت العشوائيات خلال العقود الماضية في دمشق وحولها لتخرق الإجراءات الإدارية والتنظيمية والبيئية، واستندت إلى شبكة واسعة من الفساد الإداري والتجاري، وأنتجت مناطق لا تتوافر فيها الحدود الدنيا لأنظمة الإنشاء الهندسي والخدمي والصحي، كما أنتجت طبيعة علاقة اجتماعية غريبة وغير سوية في الكثير من الحالات
وكتب وسيم الدهان في صحيفة سورية محلية واصفا حال تلك العشوائيات بأن الأسلاك الواصلة للكهرباء على جدران بيوتهم وفوق أسطحها وأحياناً تلاصق الشرفات، وفي كثير من الأحيان يمكن للأطفال الوصول إليها برفع أيديهم فقط! ويرد المسؤولون على شكاوى السكان بإن منطقتكم منطقة سكن عشوائي والمادة العازلة انصهرت لأن بعضكم يسرق الكهرباء.. وبضيف متسائلا بلسان سكان تلك المناطق لماذا لا يقومون بحماية هذه الكابلات من السرقة عبر رفعها بعيداً عن متناول الأيدي وإبعادها عن الشرفات والأطفال، أو تمديدها تحت الأرض، أو استبدالها بأخرى لا تنصهر عوازلها ولا يمكن للعابثين استغلالها؟!..
ومعاناة السكان كثيرة مع اسلاك الكهرباء إذ يضيف الدهان في تقريره على لسان أحد السكان «فجأةً تنقطع الكهرباء والسبب أن أحد الأسلاك الموصلة انقطع لسبب أو لآخر… تزورنا هذه الظاهرة كل صيف، خاصةً حين يشتد الحر ويلجأ الناس إلى تشغيل مكيفاتهم ذات الأطنان هرباً من القيظ. إذ ما أن يتم المكيف حتى تنقطع الكهرباء لماذا؟ لأن الكابلات لا تحتمل السحب الكبير حسب ما يقول لنا رجال الطوارئ، ودائماً يقومون (مشكورين) بإصلاح الخلل عبر ترقيع النقطة الذائبة دون العمل على إنهاء الخلل من جذوره وتبديل الكابلات القديمة، لكوننا، حسب قول المسؤولين: نسكن في بيوت مخالفة! فمن ينصفنا؟!»
ويرى الكاتب عدنان عبد الرزاق «أن موسم تنظيم العشوائيات أو قوننتها وفق الأمر الواقع قد فات دونما حصاد ولاغلة، فشركة الأولى العقارية السعودية استقدمت لهذا الغرض على ما أعتقد، غابت أخبارها دونما تبرير، الإغراءات التي قيل إنها ستعطى للمستثمرين العقاريين ليعيدوا تشكيل وتنظيم العشوائيات، هي الأخرى سقطت بتقادم المواسم لتبقى الآمال جميعها على القانون 33 الذي قيل إنه سيحل مشكلة ازالة الشيوع وسيمكّن سكان المخالفات من الحصول على مقاسم بأسمائهم، أي كل ساكن يملك وثيقة تؤكد أحقيته في مناطق العشوائيات- أو بعضها المستهدف على الاقل- سواء ايجار أو تملك.»
ويذكر في مقالة له نشرتها صحيفة سورية «القانون 33 الذي اقترب صدوره من العام ولم نر من تعليماته شيئاً على الأرض، حل المشكلة وإن نظرياً، إذ سمح بإعطاء سندات ملكية للعقارات في مناطق السكن العشوائي المحددة والمحررة مقابل دفع نسبة 10٪ من قيمة العقار لخزينة الدولة.»
لكن لاسباب عديدة لم يتم تطبيق القانون كما تم تجاهل آراء الخبير الدولي هير ناندودي سوتو حول المشكلة وكذلك لم يتم تنفيذ ما أشيع عن التعاون بين وزارة الإسكان والمصرف التجاري لإطلاق قروض سكن طويل الأجل. كل ذلك أدى وفق وجهة نظر الكاتب إلى استمرار البناء في المناطق العشوائية وخاصة بعد إغراء التملك ونشط تجارة العقارات رغم الركود وتخمة الاسعار.
أما الخدمات في تلك الاحياء فيتحدث عنها الدهان بقوله: إن المشاهدة اتاحت له روؤية الزوايا ممتلئة بالقاذورات دون خجل، والسبب هنا ليس تلكؤ عمال النظافة بل ضعف تخديم المناطق بسيارات جمع القمامة (ولاسيما الأحياء المرتفعة منها)، ما يؤدي إلى فوضى في مواعيد رمي القمامة وإزالتها من الحاويات التي أخذت في المزة والمهاجرين وركن الدين شكل براميل بدل الحاويات الخضراء الكبيرة في المناطق الأخرى من المدينة، وطبعاً ما من داع للإشارة إلى ما يمكن لهذه القاذورات المتراكمة والمكشوفة أن تسببه من آثار بيئية وصحية خطيرة على السكان!.
ويبلغ عدد سكان دمشق وريفها نحو 21% من سكان سورية، فيما تشكل مساحتها أقل من 10% من مساحة سورية. ويبلغ النمو السكاني في سورية أكثر من 3% سنوياً، وهي من أعلى المعدلات في العالم.
ايلاف