لا مفـاوضـات غيـر مبـاشـرة مـع سـوريـا
حلمي موسى
تحاول حكومة بنيامين نتنياهو سد الأبواب أمام كل محاولة اميركية للتقدم نحو حل سياسي للصراع العربي الإسرائيلي على كل مساراته.
وبالأمس القريب كانت العقبات الإسرائيلية تلقى أمام المساعي الأميركية لتجميد الاستيطان، واليوم تحاول إلغاء كل تفكير بتحريك المسار السوري. وقد استغل نائب وزير الخارجية الإسرائيلية داني ايالون وصول وفد سياسي وعسكري أميركي إلى دمشق ليعلن، امس، أن حكومة نتنياهو لن تستأنف المحادثات غير المباشرة مع سوريا بوساطة تركية. غير أن أيالون ذهب أبعد من ذلك ليقول إن «المحادثات الوحيدة المستعدة إسرائيل لإجرائها مع السوريين هي المحادثات المباشرة».
وقال أيالون «لدينا احترام هائل وتقدير كبير لمساعي الوساطة التركية»، لكنه أضاف أن هذه الاتصالات لم تحقق نجاحاً ولا ينبغي اتهام الأتراك بهذا الفشل. وشدد على أن العقبة التي تعترض طريق السلام هي «عناد السوريين». وأكد أن «ما تعلمناه من هذه التجربة هو أن المباحثات غير المباشرة غير مجدية». وقال «إذا كانوا جادين بشأن السلام، وليس فقط بشأن العملية السلمية، التي يمكن أن تخدمهم لإنهاء العزلة الدولية، فعليهم أن يأتوا ويجلسوا معنا».
وتشير أقوال أيالون إما إلى تخبط الإدارة السياسية لحكومة نتنياهو في كل ما يتعلق بمساعي التسوية، وإما إلى قرار جديد يقضي بالتصادم مع المساعي الأميركية بهذا الشأن.
تجدر الإشارة إلى أنه سبق لمعلقين إسرائيليين أن شدّدوا على أن نتنياهو يؤمن بنظرية رئيس الحكومة الأسبق ارييل شارون السياسية القائلة: إذا كنت لا تنوي التنازل فعليك تجنب دخول غرفة المفاوضات. ومن المعلوم أن وسائل إعلامية مختلفة نشرت، قبل ثلاثة أسابيع، تقارير أفادت أن إسرائيل
طلبت من رئيس الحكومة التركية رجب طيب أردوغان العمل على استئناف مساعي الوساطة مع سوريا. وفي حينه أعلن أردوغان استعداد بلاده لأداء دور الوساطة بين سوريا وإسرائيل في المحادثات غير المباشرة بينهما.
ومن المعلوم أن إسرائيل لا تنظر بعين الرضى إلى الاتصالات الأميركية السورية، وترى أن هذه الاتصالات تخرج دمشق من العزلة الدولية من دون إجبارها على دفع أي مقابل. وتحاول الدولة العبرية إقناع الإدارة الأميركية بربط التحسن في العلاقات مع دمشق وإزالة بعض العقوبات المفروضة عليها بتنفيذ سوريا لعدد من المطالب الإسرائيلية، وبينها تقييد حركة القيادات الفلسطينية على أراضيها ومنع وصول الأسلحة إلى «حزب الله».
يذكر أن رئيس الحكومة الإسرائيلية السابق إيهود أولمرت أدار، في العام الماضي، اتصالات غير مباشرة مع سوريا بوساطة تركية. وقد توقفت هذه الاتصالات أثناء الحرب الإسرائيلية على غزة، ولكن منذ وصول حكومة نتنياهو إلى سدة الحكم ارتفعت الأصوات بين مسؤوليها منادية بالسلام مقابل السلام مع دمشق وبأن الجولان سيبقى بيد إسرائيل في أية تسوية مع سوريا.
وكان مستشار الأمن القومي الإسرائيلي عوزي أراد أبرز من تحدث على هذا الصعيد من الجانب الإسرائيلي. كما أن زعيم الحزب الذي ينتمي إليه أيالون، أفيغدور ليبرمان أعلن أنه في كل اتفاق مع سوريا «ينبغي أن تبقى هضبة الجولان تحت السيطرة الإسرائيلية». وأبلغ ليبرمان وفداً من الكونغرس الأميركي قبل أيام بأن إسرائيل مستعدة لاستئناف المفاوضات مع سوريا ولكن من دون شروط مسبقة.
من جهة أخرى، ذكرت صحيفة «هآرتس» أن إسرائيل شرعت في الأسابيع الأخيرة بحملة دبلوماسية هادئة في موضوع الجندي المفقود غاي حيفر، الذي اختفى في الجولان قبل 12 سنة. وهدف الخطوة هو البحث في ما إذا كانت لدى سوريا معلومات عن مصير الجندي. قبل بضعة أسابيع نقلت إسرائيل رسالة إلى سوريا عبر وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، تفيد أنها معنية بالحصول على أي معلومات لدى سوريا في قضية حيفر.
ويدور الحديث عن المرة الأولى التي تصدر فيها تعليمات من هذا النوع. فقد وجه مسؤولو وزارة الخارجية لرفع مستوى الانشغال في الموضوع وطرحه كمسألة إنسانية مع كل دبلوماسي أو جهة أجنبية تزور القدس المحتلة وتواصل طريقها إلى دمشق. إضافة إلى ذلك أعدت وزارة الخارجية ورقة خلفية عن القضية ستقدم إلى كل جهة أجنبية تسافر إلى سوريا.
وأشارت الصحيفة إلى انه قبل نحو أسبوعين زار إسرائيل نائب وزير الخارجية الروسي لشؤون الشرق الأوسط الكسندر سلطانوف، والتقى ليبرمان ومدير عام الوزارة يوسي غال. وطلب الرجلان من سلطانوف مساعدة روسيا في الحصول على معلومات عن مصير حيفر، كما طلبا بان تنقل روسيا رسالة إلى المسؤولين السوريين بأن إسرائيل تطلب الحصول على كل المعــــلومات التي لدى دمـــشق عن مصير الجندي المفقود كبادرة إنسانية.
وتابعت الصحيفة انه في أعقاب الطلب الإسرائيلي تحدث لافروف مع الرئيس السوري بشار الأسد، ونقل له الرسالة من ليبرمان. الأسد لم يرد في هذه المرحلة على الرسالة بل وفي الحديث مع لافروف لم يعطِ جواباً بل قال انه سيدرس الأمر. سلطانوف سافر بعد أسابيع إلى دمشق ليطرح مرة أخرى الموضوع ويطلب من السوريين أجوبة. وبالتوازي طلبت إسرائيل من أعــــضاء في مجــــلس الأمن الدولي طرح الموضــوع مع السوريين.
وأشار موظف إسرائيلي رفيع المستوى إلى أن نقل الرسالة إلى سوريا تم في ضوء الإحساس بأنه «فتحت نافذة فرص سياسية حيال سوريا في هذا الشأن، ضمن أمور أخرى على خلفية التقارب بين دمشــــق وواشنطن».
وأشار إلى أنه في الماضي جرت بضع توجهات لسوريا، ولكن الموضوع لم يكن مرتباً ولم يعرف كمهمة للتنفيذ في وزارة الخارجية.
السفير