فيسك: الديمقراطية لن تجلب الحرية
نعم لقد أصر الأفغان على التصويت في الانتخابات وتحدوا تهديدات طالبان, لكن هل كان تصويتهم للديمقراطية؟ “كلا”, يقول روبرت فيسك في مقال له بصحيفة ذي إندبندنت ناقش فيه مبررات الأفغان للتصويت مبرزا كون الأفغان وغيرهم من الشعوب التي يريد الغرب فرض الديمقراطية عليها، تريد الحرية أولا.
يقول فيسك “لا أعتقد أن أحدا في أفغانستان صوت أمس انطلاقا من قناعاته ببرنامج مرشحه المفضل, بل صوتوا لمن طلب منهم زعيم جماعتهم العرقية التصويت له, ولذلك استنجد حامد كرزاي بعبد الرشيد دوستم لمنحه صوت الأوزبك، واعتمد عبد الله عبد الله على صوت الناخبين الطاجيك وكرزاي على صوت الناخبين البشتون.
فالحال بأفغانستان لا تختلف عن حال العراق, حيث يصوت الشيعة للحكومة الشيعية، ولا عن حال لبنان حيث يتحالف السنة مع جزء كبير من المسيحيين للوقوف في وجه وصول الشيعة إلى السلطة, بل إن الأمر لا يقتصر على العالم الإسلامي, فكم من البروتستانت في أيرلندا الشمالية مثلا من يصوت لحزب شين فين الكاثوليكي؟
غير أن مشكلتنا بأفغانستان أعمق من ذلك, فنحن نعتقد أننا نقدم للأفغان “ثمرة جهود مجتمعنا الغربي الكامل من كل النواحي” كما أننا ما زلنا نؤمن بعصر التنوير وبأن كل ما علينا فعله هو العبث بالقوانين الأفغانية وتحويل هذا البلد إلى مجتمع ديمقراطي يحترم حقوق الإنسان وينعم بمساواة الرجل والمرأة.
ولا شك أن هناك من الأفغان من يكافح من أجل تلك القيم في أفغانستان وربما دفعوا حياتهم ثمنا لذلك, لكنك لو تجولت في مناطق نائية كولاية ننغرهار مثلا يستحيل عليك إقناع كبار السن بمزايا تعليم الإناث مثلا.
وفي غضون ذلك يستمر جنود حلف شمال الأطلسي في التضحية بأرواحهم لتحقيق حلم تنظيف المكان وترتيبه, وتلك مهمة لا نستطيع إنجازها ولن ننجزها أبدا.
وفي النهاية سيكون على شعوب هذه البلدان الأجنبية أن يحددوا مستقبلهم، ويطوروا مجتمعاتهم متى ما شاؤوا وكيفما شاؤوا.
إنني بالطبع أرتاح لرؤية النساء والرجال وهم يدلون بأصواتهم في الانتخابات، وأعتقد أن الأفغان يريدون التصويت -تماما كالعراقيين- لكنهم أيضا يتوقون إلى الحرية التي ليست بالضرورة مرادفة الديمقراطية.