إسرائيل والجولان: ماذا تغيّر؟
رنده حيدر
الإهتمام الكبير الذي يحتله موضوع المفاوضات المقبلة بين إسرائيل والفلسطينيين صرف ظاهرياً الإهتمام داخل إسرائيل عن متابعة تقدم المباحثات الدائرة حالياً بين الإدارة الأميركية وسوريا، على الرغم من أن عودة المفاوضات السلمية بين سوريا وإسرائيل هي من الموضوعات الأساسية المدرجة على جدول أعمال المباحثات الأميركية –السورية.
من الواضح في المرحلة الحالية أن الحكومة الإسرائيلية لا ترغب في فتح ملف المفاوضات مع سوريا إفساحاً في المجال أمام إدارة أوباما المضي حتى النهاية في مساعيها من دون تدخل من جانبها، ومن جهة أخرى لعدم رغبة حكومة نتنياهو فتح ملف الإنسحاب من الجولان أو العودة الى حدود الرابع من حزيران للعام 1967 في خضم مواجهتها مع الإدارة الأميركية حول شروط العودة الى التفاوض مع الفلسطينيين وتمترسها حول شروطها للبدء بهذا التفاوض.
منذ وصول باراك أوباما الى الرئاسة الأميركية تبنت إدراته منطق الحوار مع خصومها وفي طليعتهم سوريا. يعكس المقال الذي كتبه السفير الأميركي السابق في سوريا إدوارد جيرجيان في صحيفة “الوول ستريت جورنال” هذا التوجه الجديد من سوريا. ففي رأيه من دون اتفاق إسرائيلي-سوري لا يمكن التوصل الى السلام بين إسرائيل والدول العربية. كما أن الحوار الأميركي-السوري سيؤدي الى تقليص التأييد لـ”حماس” و”الجهاد الإسلامي”، و”حزب الله”، و سيساعد في تعزيز السيادة اللبنانية، ويضمن الأمن على الحدود السورية – العراقية. والأهم من هذا كله أن هذا الحوار سيساهم في إبعاد سوريا عن أحضان إيران.
والحق أن هناك تقاطعاً كبيراً في المصالح الإسرائيلية والأميركية في موضوع الحوار مع سوريا. فقد سبق لحكومة إيهود أولمرت أن بادرت هي أيضاً لفتح الحوار مع سوريا على الرغم من موقف إدارة الرئيس بوش المعارض آنذاك لهذا الحوار. وكان الهدف الإسرائيلي الأساسي من هذه المفاوضات غير المباشرة التي بدأت في أيار 2008 بوساطة تركية إضعاف محور التطرف الذي تقوده إيران في المنطقة من طريق إبعاد سوريا عنه. لكن هذا الحوار ما لبث أن توقف بعيد إندلاع الحرب على غزة في كانون الأول من العام الماضي.
لم تغير عودة اليمين الى الحكم في إسرائيل كثيراً من الموقف الإسرائيلي المبدئي المؤيد لعودة المفاوضات السلمية مع سوريا ولا من المصلحة الإسرائيلية، بإستثناء نقطة مهمة هي الصعوبة الكبيرة التي يجدها اليمين الحاكم اليوم في الموافقة على الشرط السوري لأي تفاوض، أي الانسحاب الكامل من هضبة الجولان. ولكن مع افتراض أنه جرى تخطي هذه العقبة، ونجحت المفاوضات بين إسرائيل وسوريا في التوصل الى تسوية، فإن الرئيس الحالي للحكومة و لحزب الليكود بنيامين نتنياهو بصفته زعيماً للأكثرية النيابية هو الأقدر في الحصول على الغالبية المطلوبة داخل الكنيست الإسرائيلية لأي قرار مستقبلي للإنسحاب من هضبة الجولان.
تنحو المقاربة السياسية للحكومة الإسرائيلية الحالية من موضوع المفاوضات الى تبني نظرية الحلول المرحلية بدلاً من الحل النهائي. ومنذ وقت ظهرت أصوات من داخل الأوساط المقربة من نتنياهو تدعو الى البحث عن حل مرحلي يجري بموجبه التوصل الى حل موقت مع سوريا تنسحب فيه إسرائيل من جزء من هضبة الجولان مقابل ما يسميه الباحث في معهد دراسات الأمن القومي شلومو بروم “اتفاق وقف للقتال” مع سوريا يشكل مرحلة موقتة. وثمة شك كبير في أن تقبل سوريا بمثل هذا الترتيب المؤقت في ظل إصرارها على الإتفاق على الإنسحاب الإسرائيلي الشامل من الجولان.
ولكن إذا ما نجح اليمين في إسرائيل في تحويل قضية تجميد البناء في المستوطنات اليهودية في الضفة الغربية الى موضوع خلاف كبير مع الإدارة الأميركية إستغرق ساعات من الأخذ والرد مع الموفد الأميركي الخاص جورج ميتشل؛ فماذا سيكون رد فعل هذا اليمين عندما سيحين موعد دراسة مصير المستوطنات اليهودية في هضبة الجولان الذي تعتبره إسرائيل جزءاً من أراضيها بعد قرار الضم الذي أصدرته عام 1981؟
النهار