صفحات العالم

العراق بين سندان السطو ومطرقة التفجيرات

عبد الزهرة الركابي
لم يكد العراقيون يتنفسون الصعداء بين موجة السرقات المتناسقة التي طالت في اسبوع واحد مصرفيّ الزوية والبياع ومكتب صيرفة الصناعة في بغداد، حتى دهمتهم تفجيرات دموية طالت مباني وزارات ومناطق مختلفة في بغداد والحلة وديالى، وهو أمر يتناقض مع تصريحات المالكي بشأن تحسن الأمن.
وبعيداً عن تورط إحدى الجماعات الحاكمة في هذه السرقات على النحو المعروف، راح الأمن في الآونة الأخيرة يزداد سوءاً وإضطراباً الى حد جعل بغداد في يوم واحد تهتز أكثر من مرة، جراء تفجيرات أدت إلى مصرع 96 مواطناً وإصابة 420 مواطناً بجروح.
وفي اليوم نفسه اهتزت مناطق عدة في بغداد بفعل الصواريخ والمفخخات عرضاً وطولاً، مثل فندق الرشيد الذي اهتزت أركانه قبل وقت قليل من وصول رئيس الوزراء المالكي الى الفندق لحضور مؤتمر عشائري، بالإضافة الى مناطق البياع وباب المعظم والوزيرية والصناعة وحافظ القاضي والكرادة والعامرية وعلاوي الحلة وشارع الكفاح، ناهيك عن المنطقة الخضراء التي تعرضت الى قصف مركز بقذائف الهاون والصواريخ، والذي ألحق أضراراً بالغة بمبنى برلمان المنطقة المذكورة.
لذا، فإن الادعاء بتحسن الأمن، يظل ادعاء ساذجاً وسمجاً، خصوصاً وان وتيرة التفجيرات في بغداد على نحو خاص وخلال الفترة الأخيرة، تسارعت وتضاعفت أكثر من المرحلة الأولى من عمر الاحتلال، ومن هنا، فمن حق المراقب للساحة العراقية أن يتساءل : ماهو دور قوات حكومة المالكي بمختلف تسمياتها والتي يتشكل عديدها من آلاف مؤلفة، وأين هي الجدران العازلة والحواجز الثابتة والطيارة وأفواج المخابرات والاستخبارات والمخبرين والأدلاء والمستشارين وأفواج الأمن الخاصة وكذلك قوات وزارة الداخلية؟.
من المؤكد أن الرهان على هذه الفئة أم تلك، ليس بمقدوره حماية حكومة أو مجموعة سياسية هي من إفرازات ونواتج الاحتلال، وإذا كانت جماعات رسمية حاولت تجيير هذه الفئة أو تلك لصالحها، فإن الواقع السائد في العراق يشهد على ان مثل هذا الغطاء أو التجيير لم يجعل هذه الجماعات بمنأى عن الفشل والخيبة، والدليل ان العملية السياسية القائمة تحت سقف الاحتلال لم يستقم الأمر لها على كل الصعد، على الرغم من التجيير الفئوي والاعتكاز على قوائم الاحتلال، ولاسيما بعد التفجيرات الأخيرة التي بينت هشاشة الأمن واهتزاز الاستقرار.
ولو حصرنا الأمر بالأداء السياسي لجماعات السلطة في بغداد، نرى أن هذه الجماعات تطرح نفسها تكراراً للانتخابات القادمة ضمن نفس السياق والتجيير الفئوي  (الإئتلاف العراقي الموحد)، ويبدو ان الأمر لا يفتقر هذه المرة على الائتلاف الأخير، حيث أُعلن في مناطق الفرات الأوسط والجنوب عن تأسيس ائتلاف آخر هو (ائتلاف جماهير العراق )، وقد عقد مؤتمر أخيرا مؤخراً لهذا الغرض في مدينة الرميثة التابعة لمحافظة السماوة ( المثنى )، وحسبما يقول رئيس اللجنة التحضيرية لهذا الائتلاف، فإن الائتلاف الجديد جاء ليضم القوى المستقلة التي فازت او التي لم تصل الى العتبة الانتخابية خلال انتخابات مجالس المحافظات في بغداد والمحافظات، واضاف ان هذه القوى التي بلغ عددها 40 كياناً مستقلاً تسعى للدخول في ائتلاف ضمن انتخابات البرلمان المقبلة.
وبعيداً عن تجاذبات الجماعات المنضوية في العملية السياسية، يظل الواقع الأمني المضطرب والمتدهور، هو الهاجس الذي يشغل العراقيين، حيث عادت لغة الدم ممزوجة بضجيج التصفيات السياسية الى بغداد التي دهمتها في الأيام الأخيرة موجة من التفجيرات الدموية، ولم تقف اعمال القتل على العاصمة بغداد، فبعض المحافظات القلقة أمنياً وفي مقدمتها الموصل وكركوك وديالى، مازالت تحصد حصة الاسد من هذه التفجيرات، وبدت هذه التفجيرات التي يجري توزيعها على القوميات والطوائف بالعدل والقسطاس كما لو كان يقف خلفها مايسترو بارع في تنويع الحان الموت والدمار، وفي الوقت نفسه عجزت حكومة المالكي عن إيقاف مسلسل التفجيرات المتواصل، وبدت متفرجة وعاجزة، وهي تحاول إلهاء وإشغال نفسها بآلية السياسة الخارجية، بينما الوضع الداخلي في شتى جوانبه يستغيث من غياب الأمن واستشراء الفساد في أوساط الجماعات التي تضطلع بالعملية السياسية شكلياً.
وعلى كل حال، فإن الأيام المقبلة حبلى بالتفجيرات الدموية، وهذه التوقعات صدرت عن ضباط كبار في أجهزة أمن حكومة المالكي، حيث توقعوا وفقاً لمعلوماتهم الاستخبارية المزيد من الهجمات المماثلة.
الخليج

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى