دولـــــة فيــديــرالــيـــة فــي إسرائـيــل – فــلسطـــين
بقلم شبلي ملاّط، محمّد أبو ردينه، شرحبيل الزعيم
ألقى رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو خطاباً مهماً في حفل تخريج ضباط المدرسة الحربية الإسرائيلية في 3 آب الجاري، يختصر فيه حلّ الصراع العربي – الإسرائيلي بالإعتراف باسرائيل كـ”دولة الشعب اليهودي”، عدا بعض الفقرات العائدة الى المناسبة، يقدِّم هذا المقال نص نتنياهو الكامل بصيغة فقرات وجواباً مفصّلاً على الحجج والمطالب الأساسية فيه من جانب شبلي ملاط ومحمد ابو ردينة وشرحبيل الزعيم ينبني على نظرة الى حقوق الإنسان في إطار جامع للشعبين اليهودي والفلسطيني في دولة فيديرالية على أرض فلسطين التاريخية.
• بنيامين نتنياهو (ب.ن):… لو كنا في وسط القرن التاسع عشر، لما كانت أثيرت مثل هذه المسائل، لأنه لا يمكن أن يصدق أحد أنه يمكن أن يكون شيء هنا. كان هنالك حوالى ثلاثين أو على الأكثر أربعين ألف يهودي على كامل أرض إسرائيل. لم يجرؤ أحد على تصديق أن ما حصل هنا كان يمكن أن يحصل.
بعد مئة عام نما عدد اليهود الى ستمئة ألف نسمة، واليوم بات العدد يناهز الستة ملايين. للمرة الأولى منذ زمن الهيكل الثاني، سيعيش معظم اليهود على أرضهم. تطلبت هذه الأمور رؤية وجرأة وإيماناً كبيراً، وكذلك قدرتنا على تركيز إمكاناتنا في الاقتصاد والتعليم والثقافة والعلوم والتكنولوجيا والزراعة، وقبلها كلها في الأمن. في الأمن وفي الإيمان.
– محمد أبو ردينة، شرحبيل الزعيم، شبلي ملاط (م.أ.ر، ش.ز، ش.م): الحقيقة المقابلة لا توحي بمثل هذا الإنشراح: عام 1860، كان عدد السكان من غير اليهود في أرض فلسطين التاريخية ثمانية أضعاف أهلها اليهود أو تسعة اضعافهم تقريباً. 400,000 نسمة يعيشون بوئام نسبي مع الثلاثين أو الاربعين ألف يهود في الظل العثماني. في عام 1948-1949 شُرِّدت الجالية غير اليهودية في خمس موجات متوالية من العنف فصّل يومياتها المؤرخ بيني موريس، في ظاهرة باتت تعرف اليوم بالتطهير العرقي. عام 1948 فقط ثلث السكان على أرض فلسطين التاريخية كانوا من اليهود، يقابلهم 800 الف انسان ساكنين في المناطق التي خضعت للحكم اليهودي بإنشاء دولة اسرائيل، وقد طُرد أو شرّد جراء العنف تسعون في المئة منهم، ومنعوا في ما بعد من العودة الى ديارهم، فصار عددهم اليوم 4 الى 5 ملايين مُبْعد يعيش معظمهم في مخيّمات بائسة في غزّه والضفة الغربية وخارج حدود فلسطين التاريخية.
أما الفلسطينيون في اسرائيل الذين لم يهجَّروا، فقد ازداد عددهم الى 1,3 مليون نسمة، يمثلون خمس سكان اسرائيل والربع تقريباً مقارنة بالمواطنين اليهود بحسب الإحصاءات الإسرائيلية الرسمية – وهي تدرج تقريباً 5% من السكان باعتبارهم ليسوا يهوداً أو فلسطينيين. وبهذه الحقائق تصبح ‘الرؤية’ المكتملة كالتالي: في مقابل ستة ملايين يهودي يتمتعون بالسلم والمساواة في ما بينهم، يعيش أربعة ملايين من السكان الأصليين قسراً خارج اسرائيل، وثلاثة ملايين يعيشون درجات متفاونة من الحصار (غزّة) والإحتلال المباشر إضافة الى الخضوع لاستعمار متواصل لأراضيهم (الضفة الغربية والقدس) فيما يستمر المليون وثلاثمئة فلسطيني من حاملي الجنسية الإسرائيلية محرومين من أي تمثيل في الحكومة: فحقوقهم السياسية والإجتماعية والإقتصادية منتهكة بانتظام في القانون الإسرائيلي والممارسة الدستورية، والتمييز ضدهم مُقَنَّن في التملك، وفي الزواج، وفي فرص العمل، وفي خدمات الدولة وفي الإلتئام العائلي. وهم كانوا وما زالوا ممنوعين من أي حقيبة وزارية فعالة، ومن أي مركز قضائي رفيع، ومن أي رئاسة للجنة برلمانية ذات أهمية.
• ب.ن: عندي إيمان راسخ أننا سنتمكن من اجتياز هذه المصاعب، وسنثبت السلام مستقبلاً بيننا وبين جيراننا. غير أن إيماناً كهذا يتطلب، كما الصهيونية، تحققاً صحيحاً للمشكلة وإيجاداً سريعاً للحل الصائب.
نستطيع أن نرى المشاكل من هنا. تسلّقوا إحدى ناطحات السحاب، وانظروا نحو الشرق: سترون البحر الميت وجبال الأردن. إذا اخترتم ناطحة أعلى ونظرتم نحو الغرب، سترون البحر الأبيض المتوسط. في أقصى تمددها ستبقى أرض إسرائيل صغيرة جداً، وستتعدل الحدود إذا عقدنا اتفاقات سلام. لذلك، إن أول مشاكلنا التي تجعل تحقيق أمننا الوطني صعباً هي أن لدينا بلداً صغيراً جداً. وهذا بحد ذاته لا يعني أن هنالك مشاكل أمنية – ليس لدى موناكو مشاكل أمنية، وكذلك الأمر بالنسبة الى اللوكسمبور. هذان البلدان أصغر من بلدنا، ولكن عندما تقارن صغر وأبعاد الوطن وتنظر الى بعض جيراننا وأنشطتهم ونياتهم – هذه المقارنة بين الحجم الصغير والجيران الذين ينكرون حق اسرائيل في الوجود ويتوسلون كل الوسائل في سبيل إزالة وجودنا – هذا ما ينشئ مشاكل الأمن الوطني التي لا وجود لها في أي بلد آخر ولا يعاني منا أي شعب آخر.
– (م.أ.ر، ش.ز، ش.م): إذا كنا موافقين على أن رفض وجود دولة اسرائيل أصلاً خاوٍ من المعنى لا يفيد في المقام، يبقى واجباً علينا جميعاً التساؤل عن الفحوى الأخلاقية لمبدأ دولة هويتها الحصرية يهودية. فأمن اسرائيل لا يمكن أن يستَتِبَّ طالما دولة اسرائيل مرادفة لدولة الشعب اليهودي وحده، ترفض الناس المعنيين بوجودها إما بتجاهلها لهم أو التمييز ضدهم. المساواة حق أساسي غائب، قانوناً وممارسةً، لغير اليهود على امتداد فلسطين التاريخية. حق أساسي آخر هو حق اللاجىء المشرّد في العودة الى المكان الذي تركه بسبب العنف. أما اللوكسمبور وموناكو فلا وجود لناس كالفلسطينيين داخلهما أو حولهما.
• ب.ن: من أجل تأمين الحل لهذه المسألة، ومع الأخذ قس الاعتبار محاولاتنا تحقيق السلام مع الفلسطينيين، نحن بحاجة للجواب على مشكلتين: من جهة أولى مشكلة إنكار حقّنا في الوجود، ومن جهة أخرى مشكلة الأمن المتأتية عن الأبعاد الجغرافية لإسرائيل.
– (م.أ.ر.، ش.ز.، ش.م.): نحن موافقون طالما أن ترتيبات الوجود والأمن متوازية في الجواب.
• ب.ن: طريقة التعاطي مع إنكار حقّ دولة إسرائيل في الوجود هو الاعتراف بحق دولة اسرائيل في الوجود. هذا هو الأساس. هذا مطلب لنا نعلنه بشكل واضح ومباشر أمام جيراننا. وهذا ليس بهدف الحصول على موافقتهم التي لسنا بحاجة اليها، إنما لكي يُستبطن internalize هذا الحق داخلياً لدى الفلسطينيين.
– (م.أ.ر، ش.ز، ش.م): صحيح أن الحق في الوجود حق طبيعي فطري لا يحتاج الى موافقة. والمشكلة تكمن في طبيعة النظام السياسي والدستوري في دولة اسرائيل كما هو قائم اليوم. كما في مجمل الدول العربية، تحتاج اسرائيل الى تغيير في النظام يتم إنجازه بوسائل لا عنفية. أما في موضوع “الإستبطان الداخلي” internalization لحق حُرِم منه ضحاياه، فهو مطلب فارغ، وعلى اليهود الإسرائيليين أن يكفوا عن مطالبة الفلسطينيين بـ”استبطان” حق يناقض عذابهم.
• ب.ن: إذا طلب منا، وهو مطلوب منا، أن نعترف بالدولة الفلسطينية كدولة للفلسطينيين – ونحن نريد ذلك – فإنه من الطبيعي أن نطلب من جيراننا الفلسطينيين أن يعترفوا بالدولة الإسرائيلية كدولة للشعب اليهودي. وهذا ليس فقط طبيعياً، إنما ضرورياً وعادلاً ومنطقياً، وهذا أول أساسات السلام.
– (م.أ.ر، ش.ز، ش.م): ما موقف المواطن اليهودي أو المسلم أو البوذي أو الدهري في الولايات المتحدة إذا تم إعلانها دولة الشعب المسيحي فيها؟ يمكننا قبول طلبكم اعتبار اسرائيل “دولة الشعب اليهودي” فقط بإضافة كلمة “أيضاً” لهذا المطلب. أما الجواب القانوني الأوسع الذي يشملنا بمبدأ المساواة، فردياً وجماعياً، فهذا مطلب مركّب لا بُدّ أن نفصِّله معاً.
ونطرح مقابل المفهوم الحصري الذي تقدمونه، مبدأ دولة اسرائيل-فلسطين الفيديرالية لجميع مواطنيها اليهود وغير اليهود على امتداد فلسطين التاريخية، تشجع التفاعل والتزاوج، وتساوي بين جميع المواطنين الأفراد، وتوفر للجماعات اليهودية وغير اليهودية إطاراً جماعياً متوازياً.
• ب.ن: مرتكزان إضافيان، الثاني والثالث متحدران من المرتكز الأول أي من مبدأ الاعتراف. المرتكز الثاني هو أن يتمّ حلّ مشكلة اللاجئين الفلسطينيين خارج حدود دولة اسرائيل، إذ من غير الممكن الإبقاء على هذه الدولة الصغيرة ذات الغالبية اليهودية إذا أغرقت دولة اسرائيل باللاجئين وذريتهم. هو أيضاً أمر غير عادل.
– (م.أ.ر، ش.ز، ش.م): إننا نقدّر الخطر الذي تمثله عودة مفاجئة وشاملة للاجئين غير اليهود على يهود اسرائيل، إلا أننا نواجه حقّين متقابلين يشكلان المعضلة تاريخياً، أحدهما حق اللاجئين بالعودة، وهو حق أساسي ثابت عالمياً، في القانون الدولي كما في المواقف المستقرة لمجمل جمعيات حقوق الإنسان الدولية، بما فيها منظمة العفو الدولية. والحق الآخر حق اليهود كجماعة إنسانية لا يجوز أن تُزال من الوجود، إذاً علينا أن نجد معاً طريقة للتأليف بين هذين الحقيّن.
إننا مستعدون للدخول في حوار نكون جميعاً مرتاحين لمغزاه وترتيبه يبنى على حل لمعضلة اللاجئين يوفّق بين هذين الحقّين الأساسيين: حق اليهود في اسرائيل بالحماية من تطورات ديموغرافية وأمنية يعتبرونها خطراً كيانياً، والوسائل العملية لتنظيم حق الفلسطينيين في العيش على الأرض التي أرغموا على هجرها ولا يزالون ممنوعين من زيارتها. في قلب مثل هذا التوفيق نقترح النظر في تحقيق تدرجي ومتواصل لمبدأ حرية الإنتقال للإسرائيليين والفلسطينيين على السواء، ومن بينهم اليهود الإسرائيليون في سائر دول الشرق الأوسط، في إطار خطة إنسانية مشتركة نطوّرها بالتواتر والتأني لفترة عشرة الى عشرين عاماً. وعلى هذا الحوار، وما يتأثر منه في الخطة المشتركة، أن يعير اهتماماً خاصاً لقلق الشعب اليهودي، كما الى بؤس الحالة التي يعيشها المشردون الفلسطينيون في مخيمات الضفة الغربية، وغزّة، والمخيمات خارج حدود فلسطين التاريخية.
• ب.ن: إنه أمر غير عادل لأن هجوم العرب على إنشاء دولة اسرائيل سنة 1948 خلق نوعين من مشكلات اللاجئين. النوع الأول هو مشكلة اللاجئين الفلسطينيين التي يعرفها العالم أجمع. أما النوع الثاني فهو مشكلة اللاجئين اليهود الذي أجبروا على مغادرة البلدان العربية. ولا أحد يتكلم عن هذه المشكلة لأن إسرائيل تمكنت من حلها بإمكانات محدودة في بقعة أرض تخلو من الموارد النفطية، في حين أن مشكلة اللاجئين الفلسطينيين لا تزال قائمة حتى يومنا هذا.
– (م.أ.ر، ش.ز، ش.م): التدخل العسكري للدول العربية المجاورة لفلسطين عام 1948 يعتبر في لغة القرن الحادي والعشرين من باب “الحق في الحماية Right to Protect “، إنما لا بأس في النظر الى المظالم التاريخية بعين استشراقيّة. مع زملاء كثيرين على امتداد العالم العربي طالبنا مراراً وتكراراً بضرورة معالجة فعالة لتركة الفرهود المتعاقب على اليهود العرب التابع لإنشاء دولة اسرائيل عام 1948، وقد عمل الكثير مِنّا على معالجة هذه المآسي، وسوف نتابع هذا العمل بغضّ النظر عن موقف الحكومة الإسرائيلية. من أسوأ خسارات الدول العربية ضياع الجماعات اليهودية العريقة فيها.
• ب.ن: المرتكز الثالث للتوصل الى إنهاء النزاع – هو إنهاء النزاع. عندما نوقع اتفاق سلام مع الفلسطينيين، وهو ما أعتقد أنه سيتحقق – نريده أن يكون اتفاقاً نهائياً يضع حداً للصراع ولمطالب الصراع.
– (م.أ.ر، ش.ز، ش.م): موافقون.
• ب.ن: نحن لا نتوقع حالة تواصل فيها دولة فلسطينية منشأة داخل حدود دولة اسرائيل مطلب دخول اللاجئين، أو مطالب وطنية إزاء الأرض والسكان داخل حدود دولة إسرائيل. إنهاء الصراع يعني نهاية المطالبات.
– (م.أ.ر، ش.ز، ش.م): أيضاً موافقون، على أن نذكّر بأن الفلسطينيين المتضررين قادرون وحدهم على إنهاء المطالبات العائدة لهم. على الحكومة الإسرائيلية أن تجلس معهم للبحث عن تسوية عادلة للضرر اللاحق بهم، وبعضهم قابل للتعويض، فيما آخرون راضون بالعودة الى الولاية-الإقليم الفلسطيني داخل دولة فيديرالية لاسرائيل-فلسطين، ومنهم من يقبل الحق في الزيارة والعمل المستقر كقوة عمل أجنبية في الدولة المستحدثة، كما قد يرضى الآخرون بالتوجه الى أوروبا أو الولايات المتحدة، والعديد منهم سوف يلجأ على الأرجح الى خليط من العودة والتعويض في إطار برنامج لا بُدّ من تطويره معكم دولياً. إنما المبدأ ثابت، فلا أحد غير اللاجئين أنفسهم قادرٌ على تسوية مطالباتهم الفردّية. وليس عندنا من شك أن النقلة النوعية ممكنة إذا أعلنتم عن استعدادكم للتفاوض الحقيقي وغير المشروط مع فلسطينيي الشتات.
• ب.ن: لقد أشرت الى مرتكزات ثلاثة في خطابي: الاعتراف بدولة إسرائيل كدولة الشعب اليهودي، وحلّ مسألة اللاجئين خارج حدودنا وإنهاء الصراع. وكلها مرتبطة بمسألة الاعتراف بدولة إسرائيل. لقد أثرنا هذه الأمور بشكل صريح وواضح بهدف التوصل الى اتفاق. هذه شروط أساسية وضرورية ليس فقط لبدء المفاوضات – ونحن لا نضع شروطاً لافتتاح المفاوضات، إنما هذه شروط أساسية لنجاح اكتمال اتفاق سلام حقيقي.
– (م.أ.ر، ش.ز، ش.م): اليكم عرضنا المقابل. نجلس معاً، يعني العرب المتضررين من اسرائيل والإسرائيليين المتضررين من العرب، من دون شرط مسبق. أما مرتكزاتنا فهي التالية: الترحيب بدولة اسرائيل كدولة فيديرالية تحفظ الحلّ المرتجى وحقوق الناس جماعة وفرادى، يهوداً وغير يهود، كما الاقتناع بأن حل مأساة اللاجئين ممكن على أساس خطة ترسم لمدىً منظور وبتراتب واتصال، تشمل يهود الدول العربية كما الشتات والفلسطينيين الساكنين على الأراضي التي تسيطر عليها الدولة الإسرائيلية.
• ب.ن: والمرتكزان اللاحقان يتصلان بالأمن، ولو تم تحقيق المرتكزات الثلاثة الأولى، وأنا أؤمن بأنها سوف تتحقق، فإن الأمر يتطلب جيلاً كاملاً من الفلسطينيين لكي يستبطنوا الاعتراف ونهائية شرعية دولة اسرائيل.
– (م.أ.ر، ش.ز، ش.م): هذا الطرح صحيح. لكنّه ضروري أن نتصارح مجدداً في موضوع الـ”استبطان”. فالفلسطينيون، شأنهم شأن سائر الشعوب المستعمرة، مستمرون في ندبهم ستين عاماً من المصائب الحالة بهم بسبب إنشاء دولة اسرائيل، تماماً كما نتفهّم أن اليهود الإسرائيليين الذين خسروا ذويهم في الستين عاماً الماضية في الحروب والإنفجارات سوف يستمرون في ندبهم أحبابهم وذويهم، وعلينا جميعاً قبول الحسرة والندب على ألا يثنيانا عن رفض العنف لحل مشاكلنا المستقبلية، وهي كثيرة بطبيعتها، على طريق تحسين مآل مصيرنا المشترك ضرورةً.
• ب.ن: بالنسبة الى المستقبل المنظور، نحن بحاجة لتأمين المحافظة على السلام. وأول مرتكزات ذلك هو الأمن، وأول مرتكزات الأمن بالنسبة الى الترتيبات المقترحة هو نزع السلاح.
لا أحد منها يريد تكرار ما حدث في غزة أو في جنوب لبنان. نريد أن نضمن أن الأرض التي سوف نخليها نتيجة أي اتفاق لن يحتلها الارهابيون أو ممثلو إيران. هذا هو المرتكز الرابع.
الأمر ليس مناقشة نظرية. نعلم تماماً ماذا حدث في الشمال وماذا حدث في الجنوب. تحرّم السماء حدوث ذلك في وسط البلاد وعلى الجبال والهضاب المطلة فوق معظم سكان دولة إسرائيل وعلى المستوطنات الاستراتيجية التي عليها تعوّلون والتي هي حيوية لحمايتنا – سيضعف ذلك امننا وطبعاً سيبطل السلام. لذلك، إن مطلبنا بنزع فعلي للسلاح هو مطلب أساسي لإقامة سلام حقيقي ودائم مع الفلسطينيين. وأستعمل عبارة نزع فعلي للسلاح لأننا نرغب في إجراءات عملية وفعّالة. لدى جميعنا خبرة في نزع السلاح غير الفعلي. نزع السلاح الفعلي يعني أنه لن ينشأ جيش أجنبي غرب الأردن. سيكون هنالك قوة من الشرطة وحتماً جهاز ضد الإرهاب، ولكن لا سبب على الإطلاق يبرر امتلاك مثل هذه القوات الدبابات والمدافع وما شابهها من الأسلحة. والأمر الثاني هو أننا سنسيطر على الأجواء. وهذا حيوي لضمان أمننا.
والمكوّن الثالث هو منع دخول الصواريخ والمدافع وما شابهها من الأسلحة الى الوطن. لا يتطلب حق تقرير المصير الفلسطيني أن يتخذ شكل القسام والصواريخ التي يمكن إطلاقها في اتجاه تل أبيب على السهل الساحلي والمدن أو أي منطقة أخرى من دولة إسرائيل. والعنصر الخامس والأخير للسلام هو المواكبة الدولية للإجراءات الدقيقة لنزع السلاح التي أتينا على ذكرها. وأريد أن أوضح أننا لا نعني جنوداً أميركيين أو تابعين للحلف الأطلسي يدافعون عنا أو يقومون بأعمال الدفاع نيابة عن دولة إسرائيل. لم نطلب يوماً ذلك، ولا نطلبه اليوم.
– (م.أ.ر، ش.ز، ش.م): حسناً في جميع النقاط طالما أن المطالب قابلة للحل المتوازي، ومعظم النقاط الأمنية تفقد معناها في ظل دولة فيديرالية. بل يمكننا أن نتخطى الطرح لأننا مستعدون القبول بغطاء عسكري من الحلف الأطلسي لاتفاق الطرفين الإسرائيلي والفلسطيني على أساس المساواة في دولة فيديرالية هي أيضاً دولة الشعب اليهودي.
• ب.ن: لا نتكلم عن ضمانات دولية، على رأسها الولايات المتحدة، من أجل إجراءات نزع السلاح التي سوف نضعها. نريد منهم أن يعلنوا أن إجراءات نزع السلاح ستكون بمجملها شرعية، وأن يضفوا الشرعية على أي عمل ضروري للمحافظة على نزع السلاح. وهدف هذه الضمانات تشكيل غطاء رادع لنيات الذين يفكرون في المستقبل إلغاء إجراءات نزع السلاح أو خرقها.
الاعتراف بدولة إسرائيل، وحلّ مشكلة اللاجئين خارج إسرائيل، وإنهاء المطالب كجزء من وضع حد للصراع، ونزع السلاح الفعلي مع مواكبة دولية لإجراءات نزع السلاح – هذه هي المرتكزات الخمسة التي هي أساسية للسلام، والتي تحظى برضى الرأي العام الإسرائيلي. إنها من ثوابت حكومة الوحدة التي شكلتها مع وزير الدفاع والمجموعات الأخرى.
ما دمنا موحدين على هذه الشروط، فإن حظوظ تحقيقها تتضاعف لأن المجتمع الدولي يحترم المواقف الواضحة والقوية والمنطقية والعادلة.
أعتقد أن هنالك مرتكزاً إضافياً يساعدنا على التوصل الى اجراءات السلام وفي المحافظة عليها.
لقد عدت لتوي من جولة على جسر ألنبي، وأصدرت توجيهات بتمديد ساعات العمل على هذا الجسر لتأمين انتقال البضائع والمشاة. هذا جزء من سياسة نعتمدها لتسهيل حياة الفلسطينيين حيث يكون ذلك ممكناً، وهو يهدف في الواقع الى تنشيط الاقتصاد الفلسطيني.
لقد ألغى وزير الدفاع عدداً من العوائق عن الطرقات، ونحن نعمل سوية في الحكومة لإزالة الحواجز التي تعوّق المشاريع الاقتصادية المحفّزة للاقتصاد الفلسطيني. وعندما نفعل ذلك، إنما نفعله لأننا مقتنعون أن التقدم والتنمية الاقتصادييين يساعدان على تحقيق السلام الديبلوماسي والسياسي.
– (م.أ.ر، ش.ز، ش.م): في موضوع المبادرة على جسر ألنبي، هي مبادرة جيدة وأية مبادرة تصب في هذا الإتجاه الصحيح مباركة منا، وهي في الحديث القانوني رديفة للحق في التنقل والإستقرار freedom of movement and establishment الذي بُنِيَت عليه المجموعة الأوروبية تدريجاً في مجموعة من القرارات القضائية والتشريعية. وبمجرد تمسكنا بمبدأ حرية التنقل أساساً في الإتفاق، يمكن تطويره تراكمياً أسوةً بالمسار العظيم الذي خطّه الأوروبيون منذ معاهدة روما عام 1957.
• ب.ن: نحن مقتنعون بذلك لأنه يوجد لدينا حرب، كما في أمكنة أخرى من العالم، مع قوى مظلمة وأصولية آخر شيء تبغيه هو التقدم. وأقول إن الامتحان الحقيقي هنا مع السلطة الفلسطينية، هو إذا ما كانوا يستطيعون مماثلة دبي، أو أنهم سيندحرون في اتجاهات غزة. ولا أقول إنهم سيصبحون غداً أو بعد غد مثل دبي، إنما سيتطورون نتيجة لأعمال قاموا بها ونقوم.
– (م.أ.ر، ش.ز، ش.م): للأسف لا يمكن اعتبار دبي دولة ديموقراطية. إذا كان للدولة الفيديرالية الإسرائيلية-الفلسطينية أن تنجح، لا بد لها من أن تكون ديموقراطية.
• ب.ن: إن الاقتصاد الفلسطيني هنا في اليهودية وفي السامرية آخذ في النمو بمعدلات تفوق 7%، وبإمكانه النمو أكثر. أريدكم أن تتخيلوا ما يمكن أن يحصل عندما تمتلئُ سماء رام الله وجنين والخليل بناطحات السحاب، وعندما تفتتح المراكز التجارية mall ودور السينما والمطاعم، وعندما يدرك الشباب الفلسطيني أن لديه مستقبلاً.
– (م.أ.ر، ش.ز، ش.م): في حديث أكثر خِفَّةً، لا بد لنا من التحفظ على عنوان للسِّلم قوامه ناطحات السحاب و”المولات”، ولا بد من تجنب القدس ما انحدرت اليه تل أبيب معمارياً.
• ب.ن.: لست أنفي الحاجة الى اتفاقات ديبلوماسية. بالعكس، أدعي أن السلام الاقتصادي يساعد السلام الديبلوماسي. في الصراع بين الظلام والإرهاب وبين النمو والازدهار، لا شك في أن غالبية شعوب العالم الاسلامي سوف تختار النمو والإزدهار. لقد شهدنا على ذلك منذ حوالى الشهر في طهران، وكذلك منذ ستة أشهر خلت في الخليل وجنين ورام الله أثناء العملية ضدّ غزّه، وأقول لكم إننا سنشهده غداً في غزة أيضاً.
أستطيع أن أجزم أن نظام “حماس” المنبثق من الديكتاتورية الإيرانية والذي يجبر النساء على ارتداء الحجاب، لا يكسب ود الفلسطينيين في غزة، وإذا كان لهؤلاء القوة لقلب هذا النظام لكانوا فعلوا – وسيفعلون. هذا هو السبب في ضرورة تقديم السلام الإقتصادي والتطور الإقتصادي أساسي للمساعدة في تحقيق السلام.
في النهاية، ستنهزم الأصولية الإسلامية أمام الثورة المعلوماتية العالمية وأمام حرية الأفكار التي تنطلق عبر التكنولوجيا وعبر أفكار الحرية. لن يتحقق ذلك مباشرةً، ولكنه سيتحقق، وسيتحقق هنا أيضاً.
الأمر الوحيد الذي يمكنه تأخير ووقف سرعة اندحار الإسلام الراديكالي هو إمكان امتلاكه سلاحاً نووياً. إنه أمر خطير الى درجة أنه يمكنني الذهاب الى حد القول إن فهم هذا الخطر يعني نشره على الحكومات والقادة وموجهي الرأي العام وحتى الجيوش.
إذا كان من مهمة نحن شركاء فيها، هي أن نضمن فوز قوات الاعتدال والنمو والازدهار والسلام في هذه الحرب.
وأتوجه الآن الى ممثلي الدول العديدة التي هي معنا هنا.
لدينا جميعاً المهمة ذاتها، وجميعنا ملتزمون بها، وهي أن نتأكد من اندحار قوى الراديكالية الظلامية الغابرة.
إنني على يقين من قدرتنا على تحقيق هذا الهدف، وأريد شكر رابطة قدامى المعهد الوطني للدفاع لكل ما فعلوه في سبيل تأمين الأمن والازدهار والسلام لدولة اسرائيل، ولكل ما بقي عليهم أن يفعلوه.
في قمة جبل سكوبوس سنضمن السلام لأورشليم ولدولة إسرائيل.
– (م.أ.ر، ش.ز، ش.م): هذا حديث إنشائي يطغى فيه الشكل على المضمون. عندما تصبح دولة اسرائيل دولة لجميع مواطنيها، لا بد للمضمون أن يطغى على الشكل، أما نحن، فليس عندنا من شك في أن أيّ تصوّر إنساني مشترك لمستقبل اسرائيل-فلسطين مرهون باللاعنف سبيلاً لتحقيقه.
(شبلي ملاط محام وبروفسور في القانون في الولايات المتحدة ولبنان.محمد أبو ردينه – فلسطيني من مخيم صبرا، فقد أباه وعدداً من ذويه في مجزرة 1982، يسكن لندن.شرحبيل الزعيم محام فلسطيني يعيش في غزّة.)