خلافات الإخوان بين روايتين
أي انشقاق لتنظيم الإخوان في الأردن، سيكون حقيقيا ومعقدا وله تبعات اجتماعية وأمنية واقتصادية خطرة تتجاوز دائرة الجماعة
لخلافات الإخوان المسلمين الداخلية في الأردن وجهان، ويوجد حولها روايتان على الأقل.
الوجه الأول هو طبيعة العلاقات الداخلية بين قيادات “الإخوان”، والثاني موضوع العلاقة بين “حماس” وإخوان الأردن.
أمّا الروايتان، فأولاهما؛ أنّ ما يحدث هو خلاف داخلي بين إخوان الأردن، وأنّ “حماس” تتوسط لحل الخلاف، حتى بإنهاء الازدواجية بين التنظيمين، بينما تيار الصقور هو من يرفض هذا.
والرواية الثانية أن “حماس” تريد الازدواجية وتريد الحفاظ على ممثلي “الخليج” في التنظيم كجزء من الاحتفاظ بهيمنة في “الساحة” الأردنية. وأنّه بالرغم من حداثة سن وتجربة قيادة “حماس” مقارنة ببعض قيادات “الصقور” فإنّ “حماس” هي من يحركهم!
في موضوع طبيعة العلاقات الداخلية، من الثابت أنّ “الصقور” قاموا بتنظيم اجتماع، لم يدع له الطرف الآخر، قرروا فيه قرارات حاسمة. وهذا بالتأكيد سلوك غير ديمقراطي إقصائي. فإذا كان إخوان الأردن في الفترات السابقة سجلوا نجاحا يحسدون عليه، بإقامة حياة ديمقراطية داخلية تنظيمية نشطة فيها تداول سلس للمناصب، فإنّ مسلك تيار الصقور، وهو ذات التيّار الذي زار رموز منه بيت عزاء الزرقاوي، يؤكد أنّ هذا الجناح إذا ما تمكنت له الأمور فإنه لن يكتفي بإقصاء غير الإسلاميين والإسلاميين من خارج الإخوان، بل سيقصي حتى خصومهم داخل الجماعة. وهذا يؤكد أن المخاوف من ديكتاتورية إسلامية يتبناها جناح في الحركة الإسلامية مبررة.
المفارقة أن أحد السببين البارزين للخلاف، إضافة لقضية “حماس”، قضية تقرير سياسي عن موقف الأردن من “مشروع صهيوني”، والغريب أن “المتشددين” هم من يتبرؤون من التقرير ويحملون مسؤوليته لـ”لحمائم”، فمن هو المتشدد ومن هو المرن؟! أم أن القضية مجرد مناسبة لتصفية حسابات وخوض معارك مراكز قوى؟!
إذا ما ثبت أنّ “حماس” لا تمانع بأن تنتهي الازدواجية بينها وبين “إخوان الأردن”، وبأن تحل القضية، وأن “الصقور” يصرون على الازدواجية، فهذا يعني أنّ “الحمائم” أقرب لموقف “حماس”، وأنّ القضية مجرد صراعات قوة، لا علاقة لها بالقضايا الوطنية، ولكنها متصلة بالثقل التصويتي والمالي لإخوان الخليج.
خروج القضية للعلن مدمر لصورة الجماعة وخطر، إذ يكشف خيوطا غير معروفة لتنظيم الإخوان في الخليج. ودول الخليج لا تتسامح كثيرا مع هذا التواجد. أي أن صراعات القوة أدت إلى المقامرة بالتنظيم وصورته وأمنه ومقدّراته. ويعني أنه بعد خلافات الإخوان السودانيين والجزائريين والسوريين والمصريين والكويتيين الداخلية جاء دور الأردنيين، بما يثبت أنّ الإسلاميين ليسوا محصّنين ضد أمراض الانشقاق والتنافس الداخلي.
أما إذا كانت “حماس” معنية بالفعل بالنفوذ في تنظيم إخوان الأردن، وتريد الهيمنة عليه، وذلك بعد أن خرجت من عباءة تنظيم الأردن، فهذا يعني مجددا، أنّها تتبع خطى فصائل منظمة التحرير لا على طريق التسوية السياسية وحسب، بل وتسعى للتدخل في الشؤون الداخلية للدول العربية، كما فعلت تلك الفصائل قبل نحو أربعين عاما.
أي انشقاق لتنظيم الإخوان، في الأردن، سيكون حقيقيا ومعقدا، وله تبعات اجتماعية وأمنية واقتصادية خطرة تتجاوز دائرة الجماعة. لذا فحتى خصوم الإخوان يجب أن يخشوا من تبعات هذا الانقسام على المصلحة الوطنية العليا.
الغد