سراب الاسـتنجـاد بالإدارة الأمـريكـية
لجنة التنسيق من أجل التغيير الديمقراطي في سورية
بقدر ما يزداد قمع النظام السوري وإصراره على إلغاء الحياة السياسية بقدر ما يزداد عدد المواطنين والنشطاء السياسيين الذين يضيِّعُون اتجاه بوصلتهم السياسية، فيقعون في وهدة اليأس والاستنجاد بالخارج لإخراج البلاد من أوضاعها! فلقد وجَّه نحو مائتين وخمسين سوريا رسالة مفتوحة إلى وزيرة الخارجية الأمريكية هيلاري كلينتون يطالبونها فيها بعدم التضحية بالمثل الإنسانية العليا وحقوق الإنسان على مذبح العلاقات مع النظام!
بادئ ذي بدء لابد من التنويه بأن ممارسات كهذه يتحمَّل مسؤوليتها ليس فقط القائمين عليها بل النظام السوري نفسه. فهو الذي دفعَ البلاد منذ أربعين عاما إلى حالة القمع وكمِّ الأفواه، ومنعَ حرية النشر والتعبير، ونَشَرَ القمع والفساد، وسدَّ آفاق المستقبل أمام الأجيال الجديدة، مما يُسقط الكثيرين في ظلمات الإحباط واليأس واللهاث خلف سراب. ذلك أن السياسة الأمريكية الإمبريالية سياسة مؤسسات، وليست سياسة إدارات انقلابية. فهي لا تتغير بتغيُّر الرئيس. وليس من باب المصادفة أن إدارة الرئيس أوباما لم تغيِّر حتى الآن أي شيء جوهري في السياسة الأمريكية بالرغم من مرور ما يقارب العام على تولي هذا الأخير منصبه، وبالرغم من الهالة الإعلامية البراقة المحيطة به! إن لجنة التنسيق تَعتقد أن الولايات المتحدة الأمريكية ليست مصدرا لحقوق الإنسان، أو مرجعا يُرجَع إليه في هذا المجال. إن تاريخها المعاصر هو نفسه تاريخ الإمبريالية وجرائمها في العالم.
إن مُوَجِّه الإدارات الأمريكية هو المصالح الأمريكية الإمبريالية. وها هنا، حري بنا أن لا ننسى أن أفظع ما كان ارتكبه النظام في الثمانينات جرى تحت سمع وبصر الإدارات الأمريكية المتعاقبة دون أن تنبس ببنت شفة! من هنا يصبح التعويل على الخارج بيعا للأوهام لا يجدر بأي سياسي واقعي أن يمارسه. ناهيك وأن القيم الوطنية ترى في الولايات المتحدة الأمريكية عدوا مستمرا لشعبنا العربي ونصيرا غير مشروط لإسرائيل والأنظمة العربية الفاسدة والمستبِدَّة.
إن لجنة التنسيق إذ هي تذكِّر بالمعتقلين السياسيين السوريين، من معتقَلي إعلان دمشق إلى معتقلي حزب العمل الشيوعي الخمسة، إلى اعتقال المحامي مهنِّد الحسني، وتطالب بإطلاق سراحهم فورا، فإنها تؤكد بأن الديمقراطية هي مطلب للشعب السوري، وحق له، وهي من مسؤولية أبنائه ومسخَّرة للدفاع عن مصالحه. إن الديمقراطية لا تنفصل عن الولاء الوطني والعدالة الاجتماعية وهي مفتاح المستقبل لبلدنا.
لجنة التنسيق من أجل التغيير الديمقراطي في سورية
باريس، السبت 12 أيلول/سبتمبر 2009
خاص – صفحات سورية –