حول الرواية الفضائحيّة في السعوديّة: هذه روايات لا روايات فيها
الدكتور عبدالله بن أحمد الفَيفي
لمقاربة هذه المسألة ينبغي عدم فصل الرواية في السعوديّة عن إطارها العربي. إلاّ أن ظاهرة الرواية في السعوديّة بعد 2001 جاءت طافحة بدوافع الفضح لعاملين: الأول يتعلّق بمارد تحرّر من قمقم كبتٍ طويل، فكان تخبّطه شغفًا بالحريّة صاخبًا، والثاني يتعلّق بمارد سرديّ، كان محاصرًا بالشِّعر والشِّعريّة، وهو مندفع ليحظى بمقعده الروائيّ، ولو بأيّ ثمن. ولقد أسال العاملان- مع ما واكبهما من ضخٍّ إعلاميّ فَتَحَ باب الشهرة لكلّ مَن سرد- لُعاب أقلامٍ شتّى، بعضها ليس لها أيّ رصيد، لا معرفيّ ولا فنّيّ، في مجال الرواية، وربما لا حظّ لها في مجال الأدب أصلاً.
وهكذا نُشرت روايات لا روايات فيها، ولا هدف لبعضها- إلى جانب هدف الشهرة، وشرف المنع من الرقابة، ونعت الجرأة والتمرّد- إلاّ تملّق الآخر الغربيّ، لسان حالها: ها نحن هؤلاء لا نقلّ عنكم انحلالاً، وهذا هو معيار الحريّة والتحضّر كما يفهمها بعضنا أحيانًا! أو ربما كانت الرسالة على نحو آخر، قائلة: ها هي ثقافتنا العربية والإسلاميّة ثقافة نفاق، ظاهرها طهوريّ، وباطنها حيواني.
ولهذه الحالة تاريخ عريق، وسَلَف صالح من أدباء التراث وفقهائه ومؤلّفيه. فلماذا نظلم حضارتنا وفيها ما فيها من تلك الصفحات المشرقة؟! فلئن هزمنا الغربُ في العلوم والفنون والتكنولوجيا، فلا أقلّ من أن نُثبت جدارتنا في وجوه أخرى من التفوّق، وأن نحطّم الأرقام القياسيّة في هذا المضمار الحيويّ من تخطّي الحواجز! ولعلّنا نستطيع أن نغزوه مجدّدًا، كما غزوناه من قبل عبر عابرة القارات “ألف ليلة وليلة”، بجواريها وسيّداتها وغلمانها وعبيدها! ولهذا، فحبّذا أن تكون المؤلّفة اليوم، أو على الأقلّ بطلة النص الروائي، شهرزاد معاصرة كالمرحومة جدّتها؛ لأن ذلك أنكى تاريخيًّا وأدلّ على مقولة: إن التاريخ يعيد نفسه! وتلك هي المهمّة الجليلة التي اضطلعت بمشروع البرهنة عليها مؤخّرًا إحدى الماجدات العربيات من شهرزاداتنا المحدثات!
aalfaify@yahoo.com
http://alfaify.cjb.net
خاص – صفحات سورية –