سوري في جنازة وطنه
الداعي ” يعني أنا ” سوري…اللي ” بزروني ” سورييّن…هذا بالإضافة أنني أحمل الجنسية السوريّة…و شهادة ميلادي سوريّة ….و
هويتي سوريّة….و أدرس في جامعة سوريّة..و أحب فتاة سوريّة…باختصار ” أنا سوريّ حتى النخاع “…..و مع ذلك فأنا أكره هذا البلد…أكرهه أيضاً ” حتى النخاع “و ما هي إلا سنوات قلائل حتى تراني قد ركبت ” أول ” طيارة تبعدني عن هذه ” الزبالة ” المسماة ” سوريّا “و حين سترتفع الطائرة ارتفاعاً مناسباً ستراني أفتح سحاب بنطلون الجينز الذي أرتديه و ” أشخ ” على ” حبيبتي ” سوريّا بكل مدنها و قراها و حاراتها و سكانها….
بصراحة … لقد أعلنت موت ” سوريا ” في نفسي منذ عدة سنوات….فالغوغائية والهيمنة والسلبطة والنصب والاحتيال والعجرفة والسرقة هي ما يخطر ببالي حين أتذكر أنني أنتمي لسوريا….
في ” سوريا “…
أشعر أني مُكَبل اليدين والقدمين….
أن هناك سيداً يدوس على رأسي كلما حاولت النهوض…
أن هناك من يأخذ اللقمة من أفواه أولادي…. وثاني ” ينجّر ” لي ” خازوقاً “…. و ثالث يغشّني…ورابع يودع ملايينه خارج ” سوريا ” المغتصبة ….
أن هناك من يراني ” حشرة ” لا تستحق حتى ” متر بمتر ” تحت التراب….
أن هناك من يرفض تماماً الاعتراف بأن له حقوقا في ” سوريا ” و كأنها مزرعة أبوه…
في ” سوريا “
أذرف دموعا على ملايين الشباب العاطل عن العمل….
أشعر بدونية أمام قانون الطوارىء…
أشعر بأني ” حشرة ” يسحقها حذاء ضابط ” مخابرات “…..
بصراحة أنا قادر على احتمال شتى أنواع الأوجاع والآلام…. و عقلي قادر على تبرير مختلف ” أكل الهوا ” السائد في سوريا إلا الإلغاء فهو الموت المهين ….وتلك لعمري صناعة العبودية التي مارستها معي “سوريا ” حتى أني أعتدت عليها…واستعذبتها…والتصقت بروحي…فأنا كوني ” سورياً ” قد تمت برمجة حياتي ..آكل وأشرب وأنام وأبحث عن عمل و بالمقابل عليّ أن أصفق..وأبتسم…وأسخر من نفسي…وأفرج عن كرباتي بنكتة أو تهكم…وأغوص في عَرَقي..ولا أرى شمسَ يوم بدون قانون الطوارىء بحكم أن يومُ مولدي البائس بعد آذار 1963..كما أن عليّ أن أشاهد مليارات من خيرات بلدي تُنهَب أمام عينيي….
كما أنك عزيزي ” السوري ” باعتبارك “سورياً ” ربما تكون واحدا من ملايين العاطلين عن العمل…أو معتقلا من بين الآلاف…أو ربَ أسرة تأكل بعد اليوم الثامن من كل شهر من أحلامها ودعائها لرب العزة أن يستر الجميع حتى بداية الشهر القادم….
فأنت كونك ” سورياً ” يجب عليك أن تصدق ” الخرى ” عماد فوزي الشعيبي بكل ما يتمتع به من غلاظة و غباء و تمسيح جوخ…كما أن عليك أن تصدق ” الخرى التاني ” النائب محمد حبش و هو يتمظرط على سماك بنفاقه المستمر…
و كونك ” سورياً ” فهذا يعني كون أساتذتك في الجامعة من مخلفات أكاديميات الاتحاد السوفييتي وفلول جامعات رومانيا لا يعرف الطيخ من البطيخ…
و كونك ” سورياً ” فهذا يعني أن كلمة ” آخ ” ممنوعة حتى عند طبيب الأسنان…. و سيتم ” لعن دينك ” إذا ما تذمرت على قلّة الراتب أو دخلت أحد المستشفيات أو ركبت باصات النقل العام …
فعلى غرار ” أم المعارك ” و ” أم الطنافس ” و ” أم القرى ” و ” أم العبد ” …..أتدرون ما ” أم الجرائم “…؟؟!
” أم الجرائم ” من وجهة نظري باعتباري ” آكل هوا ” هي ” أغتيال ” الوطن….للأسف لقد اغتيل ” وطني ” في نفسي في أقل من نصف قرن…
اغتيل وطني حين اعتبر أن التطوير و الإصلاح حكر على حزب معين و أتباعه…
حين اعتبر أن الرأي الآخر يمس استقرار الوطن…
حين اعتبر المعارض مخرّباً شاء أم أبى…
حين استمر قانون الطوارئ والأحكام العرفية ما يقرب من أربعين عاماً…
حين تم احتكار السلطة…
حين فرض الوصاية على الشعب وقواه الحية …
اغتيل وطني…
حين غيب الآخر و لعن دينه…
حين تم تمزيق الوحدة الوطنية…وضرب قيم السيادة الشعبية والمواطنة…حين تم تغييب الحوار….
حين اعتبر مقياس مواطنة المواطن هي المشاركة بالمسيرات و الجلمقة بالمبايعات و الدبك و الرقص بالحفلات و التغزل بالمسؤولين و لعق أطياظ المدراء …
و في هذه المناسبة بحب قول للفنان ” عبد الرحمن آل رشي ” يلعن سماك …. صرعت سمانا و إنتا بتغني ” أنا سوري آه يا نيالي “…
أنا بدي أعرف ” ليش نيالي “….
هل لأنّي في كل يوم أزداد انحطاطاً وأتراجع سنين ضوئية للوراء ….
هل لأن الرفاهية تشرشر…و الرخاء عم يخدق خدق..
هل لأن كل ما في البلد الشوارع والأبنية والسيارات والشعارات والإعلام…جديدة و رائعة…
ويحي أنا كم خبصت…
بيكفي لهون…. لعل اللهَ يُحدثُ بعد ذلك أمرا!…
آكل هوا
http://aklhawa.wordpress.com/