رمـوزُ الدّمـار
إيليمر هانكيز
ترجمة : عبد الله حسين
الصـدمـة: لم يصدم العالمَ الغربيّ، وليس الولايات المتّحدة الأمريكيّة فقط منذ اغتيال الرئيس كينيدي، شيءٌ أكثر من الهجوم الإرهابيّ في 11 سبتمبر، من جانب، هذا مفهوم، فنحن – مواطني العالم نفسه، ورثة الحضارة نفسها- تربطنا أكثر وبشكل متلازم معاً العلاقات الإنسانيّة التي لا تعدّ ولا تحصى، الاتّصالات المؤسّساتيّة، المصالح والقيم المشتركة، والمجازفات والمشاريع، لكن من جانب آخر، شدّة الصدمة خارج الولايات المتّحدة شيء يستحقّ إنعام النظر فيه أكثر، بعد الحزن العميق على أولئك الأبرياء الذين فقدوا حيَواتهم، والسخط على وحشيّة الهجمة، كان الناس مصدومين في وجودهم الحقيقيّ، والقلق والخوف ملئا حياتهم، السؤال هو: لماذا،،؟! هناك بعض الإجابات واضحة، والبعض منها أقلّ وضوحاً.
مـركز العالـم: لا شكّ أنّ أمريكا أصبحت في العقود الأخيرة، بكلّ ما في الكلمة من معنى حرفيّ ورمزيّ، مركز العالم، لنأخذ البيت الأبيض كمثال، فقد أصبح بشكل طبيعيّ مركز القوّة السياسيّة العالميّة، اُتخِذت أكثر القرارات السياسيّة أهمّيّة بين جدرانه، لكن في الوقت نفسه، البناء نفسه- مع جدرانه البيضاء، الأقسام الهادئة، صفوف الأعمدة، الهندسة المعمارية اليونانيّة الكلاسيكيّة قد أصبح رمز قوّة تشعّ، ليس فقط القوّة بل السلام والحرّيّة والتوافق أيضاً، هذه الرمزيّة الغنيّة والإيجابيّة تُدعّمها بشكل يوميّ أجهزة الإعلام التي تذيع صور هذا القصر المتألّق، الأناقة الباهرة للغرفة البيضاويّة، المهارة المدهشة والقمصان البيضاء لرجال الرئيس المنزّهين، المعاشب الخضراء الجميلة، ينزل عليها رئيس واثق الخطا مبتهج، ويخرج كلبه اللعوب بفطنة من الهليكوبتر أشبه ما يكون بإله يونانيّ ينزل من أولمبس*، وقد كان البيت الأبيض واحداً من هذه العوالم الحقيقيّة بالإضافة إلى مراكز العالم الرمزيّة في أمريكا، يمكن أن ندرّج بعض هذه المراكز بالطريقة التالية:
الولايات المتحدة الأمريكيّة مركز العالم
رمز العولمة ومجد العالم الغربي: مركز التجارة العالمي المركز الرمزي والحقيقي للقوّة المالية العالميّة: وول ستريت مركز القوّة السياسيّة العالمي: البيت الأبيض مركز ورمز القوّة العسكريّة العالميّة: البنتاغون مركز ورمز القوّة والتطور التكنولوجي والرقمي: سيليكون فالي مراكز علميّة لمعارف جامعة ستانفورد والبحث العلمي: هارفرد ييل مركز عالمي ومصدر المعلومات، الأشياء التي تذاع من قبلها هي التي تحدث حقاً في العالم: سي إن إن مركز الأساطير والألوهيات المعاصرة: هوليوود مركز ” قوّة الزهرة “*: سان فرانسيسكو مركز لأسلوب الحياة الجديدة وبهجتها: كاليفورنيا الرمز العالمي للثروة والقوّة: الدولار الأمريكيّ
حطّم 11 سبتمبر تقريباً كلّ هذه الرموز، انهار مركز التجارة العالميّ مادّياً، رسالته الرمزيّة؛ نصر العالم الغربيّ، قد أتلفت.
ضُرب البنتاغون بشكل مريع، والمناعة الرمزيّة لقوّة أمريكا العسكريّة وجبت أن تكون معزّزة بسرعة بنصر متألق في أفغانستان، وول ستريت وسيليكون فالي ارتعدتا، الـ«سي إن إن» تلعثمت وفقدت لأيام قليلة أو أسابيع قبضتها على الأحداث، وفجأة صور شركة تلفزيونيّة جديدة، الجزيرة، تظهر من مكان غير محدّد، ملأت الشاشات حول العالم، ألوان قوّة الزهرة أصبحت شاحبة، القلق زحف إلى بهجة حياة كاليفورنيا، هوليوود فقدت فجأة ثقتها بنفسها، ولم تكن متأكّدة بأنّها تستطيع إذاعة الأوهام نفسها، والأساطير، وصور الإرهاب الافتراضي كما ذي قبل، أصبحت أمريكا ضميراً واعياً ولاواعياً، مرجعاً إدراكيّاً وعاطفياً، لأكثر الناس الذين يعيشون في العالم الغربيّ، ما عدا كونها مركز القوّة، الثروة، المعلومات، قد كانت أيضاً مصدر مجموع القيم الأساسية: الحرّيّة، الروح التجاريّة، تأليه الشخصية الإنسانيّة، أفكار ومبادئ جديدة، حركات وأنماط حياة، وأمل جديد، والآن فجأة، تحطّم هذا المحور الرمزيّ لعالمنا، وظهر فراغ مخيف، حتى ولو لأيام أو أسابيع في مركز العالم، وقلوبنا هبطت، من الواضح أنّنا نحتاج إلى نقطة ثابتة في العالم لنتشبّث بها، لقد كانت أمريكا قادرة على تأدية مثل هذه المسألة الأرخميديّة، على الرغم من تناقضاتها الداخليّة، وعلامات الاستفهام حول دورها في العالم، خسارة هذا الموقع المعتمد قد كان تجربة مخيفة لمئات ملايين الناس في العالم الغربيّ، لكن على الرغم من التأثير المزعج لهذه الخسارة، لم توضّح بشكل كامل شدّة الصدمة التي عانى منها الناس في 11 سبتمبر، يجب أن تكون هناك عوامل إضافيّة قد لعبت دوراً فيها.
تراكيـب عـميـقة: ربما ضرب فعل الإرهاب بعض الأعصاب الأعمق في أذهاننا وأرواحنا، على الأرجح كان فرويد، يونغ، رانك، روهييم، إلييد، كامبيل، سيقولون إنّ أحداث 11 سبتمبر حرّكت مخاوفنا الأصلية اللاواعية أو الطاقات الرمزيّة، الأسطوريّة، البدائيّة، وانفجار هذه الطاقات ربما ضخّم الصدمة إلى مستويات مرعبة، سأشير إلى بعض الظواهر التي من الممكن أن تدعم هذا النوع من التفسير.
– المشهد: كان المشهد نفسه مرعباً، من يستطيع أن ينسى مشهد الطائرة في سماء نيويورك، تأخذ انحناءة لطيفة، ثمّ فجأة تضرب البرج وتنفجر في كرة ناريّة، كان صاعقاً رؤية ذاك التحوّل المخيف لطائرة فضيّة جميلة، رمز السلام، الحرية والبهجة إلى سلاح مدمِّر فظيع، انسلاخ حمامة السلام إلى مفترس، تحوّل ملاك فضّي إلى شيطان ناريّ.
– سفر الرؤيا: كان الدّمار تقريباً شبيهاً برؤيا، الملاك الناقم ينقضّ على العالم، ليُظهر صور الوحي للقدّيس يوحنا اللاهوتيّ، أو الإلهة اليونانيّة نيميسيس.
– سفر الرؤيا، الآن: في عالمنا الافتراضيّ الذي خلقته أجهزة الإعلام، سبق وأن شاهدنا، مرّات عدّة، موت مئات وآلاف الناس، فكّر في أفلام وأخبار التلفزيون والسينما، التي تظهر قصف المدن مشتعلة ومدمّرة، الدبابات والشاحنات التي تنسفها الصواريخ، وطاقمها يتعثّر محترقاً خارجها، لكن كان هناك فاصل زمنيّ، ساعتان، أيّام، شهور بين الحدث واللحظة التي كنّا نشاهدهم، وغالباً في نسخة منقّحة على الشاشة، ربما كان 11 سبتمبر هي المرّة الأولى التي واجهنا فيها الموت «مباشرة»، «في وقت حقيقي،» كنّا نشاهد آلاف النساء والرجال يتساقطون، عاجزين، إلى موتهم.
– اقتحام اللاعقلانيّ: المستحيل وما لا يمكن تخيّله حدث تحت أنظارنا بالذات، اقتحم اللاعقلانيّ عالم عقلانيّتنا الديكارتيّ الكنتيّ، ربما يثبت التأثير أنّه مدمِّر كما حدث في زلزال ليسبون* في 1755، والذي – وفقاً لشهادة فولتير- هزّ إيمان التنوير بشكل يتعذّر إصلاحه في كون عقلانيّ ومنسجم.
– المعجزة السلبيّة: في لحظات الارتطام كنّا مشدوهين برؤية «معجزة سلبيّة» مريعة، بدلاً من رؤية فعل مداواة أو خلق إعجازيّ، شاهدنا معجزة دمار جهنميّة، في عالم هوليوود الأسطوريّ، كان البطل الأمريكيّ قادراً على إنجاز «المهمّة المستحيلة» بانتصار، كانت رؤية أعدائنا الذين أنجزوا المستحيل بنجاح صدمة لنا الآن.
– برج بابل: بمقارنة واضحة، ربما استحضر انهيار البرجين العاليين جدّاً، رمزَي عظمة الإنجازات البشريّة، إلى أذهان العديد من الناس أسطورة برج بابل، الذي كان دماره وفقاً للعهد القديم، عقوبة الله لطموحات الإنسان الإلهيّة.
إيكاروس*: أظهرت الحضارة الأمريكيّة الحديثة نوعاً لم يسبق له مثيل من الشخصيّة الإنسانيّة، التي تكون بمساعدة قوّة الإرادة، توجيه الإنجاز، الثقة بالنفس، التفكير الإيجابيّ، الإيمان بالعالم والفرص البشريّة، التنافس، المهارة، الشجاعة، قادرة على تجاوز كلّ الصعوبات، وجلب السلام، الحرّية، الراحة إلى الناس في العالم، كانت العقود القليلة الأخيرة من النوع الذي فيه تأليه للشخصية الإنسانيّة، والتحليق إلى مرتفعات لم يسبق لها مثيل، والآن في 11 سبتمبر، لاشيء ولا أحد استطاع أن ينقذ هذا الإيكاروس المنتصر من السقوط في أعماق الدمار.
– عجلة الثروة: شعار وأسطورة أخرى من تلاشي المجد، القوّة، الثروة البشريّة، استحضرت أحداث 11 سبتمبر هذه الرؤية المرعبة من سقوط الكائنات البشرية من علو المجد والنجاح إلى أعماق السحق والعدم، لعلّ موضوعاً قريباً أيضاً أسهم في التأثير المروّع لمنظر انهيار الأبراج هو سقوط الأمراء*، فقد كان عملاً فنيّاً في أواخر العصور الوسطى، والنهضة، لكن الانتقادات اللاذعة والأعمال الأدبيّة الرفيعة الثقافة، «كالمجلات وتراجيديات شكسبير على سبيل المثال» أبقته حيّاً في الخيال الشعبيّ.
– الأسهم والرماح: ضحايا 11 سبتمبر ندبوا كشهداء، ربما امتدّ الاستشهاد، بشكل رمزيّ إلى الأبراج نفسها، ذكر العديد من الناس استشهاد القدّيس سيباستيان، المطبوع في أذهاننا بصور ورموز ورسوم جصّيّة لا تعدّ ولا تحصى، حيث ُربط إلى عمود، وكان يطعن بسهام قاتلة، بنفس الطريقة اخترقت سهام الطائرات القاتلة الأبراج.
– المحور الكونيّ: نعرف من ميركيا إيليد وآخرين أنّ الجبال العالية، الأشجار، الأبراج تظهر في خيالِ الناس الأسطوريّ كمحاور كونيّة، على سبيل المثال «كالمحاور» التي تربط العالم الدنيويّ مع العالم السماويّ، الجوهريّ مع الاستعلائيّ، الكائنات البشرية مع الله، الطائرتان كسرتا هذا المحور، هذا الاتّصال بين البشرية والنطاق السماويّ والتأليه الذاتيّ.
– ألواح موسى: هل سيكون من المُستبعد جدّاً القول إنّ البرجين منتصبان ومرتفعان عموديّاً، كرمزَي النصر والمجد في العالم الغربيّ، لديهما شبه مبهم على الأقلّ لألواح موسى، مع المبادئ الأساسية لحضارة جديدة منقوشة عليهما؟
– رعب الفراغ: عندما بدأت سحب الغبار بالاستقرار، كانت رؤية الفراغ المنافي للعقل، الخواء، غياب شيء ما كان هنا قبل دقيقتين، في قوّتها وحقيقتها الكاملة، صدمة مؤلمة لنا، كنّا نحدّق في الأعماق المرئية للعدم، يمكن لصانعي الأفلام أن يجعلوا الأجسام والأشخاص تختفي من مشهد في لحظة، بما يسمّى خدعة التوقف، لكن في الحقيقة لم نشاهد على الإطلاق هذا السحق المفاجئ للحياة.
– الشيطان: عقول الناس المعاصرين أقلّ استثناء لحدّ كبير من العناصر الأسطوريّة بالقياس إلى ما نودّ أن نعتقده في لحظاتنا العقلانيّة، ظهور الشيطان، مع أجنحته السوداء «القفطان» منبسطة على الأبراج، جعل السماء والكون عتمة، من الواضح أنّها تجربة مشتركة من غير شكّ لهؤلاء الذين شاهدوا الهجمة، اكتشف الكثير من الناس الخطوط العريضة لوجه الشيطان في الصورة التي حصلت على شهرة كبيرة حول العالم وأظهرت الدخان والشرارات الجهنّميّة للانفجار.
– الخير والشرّ: ربما ألهب المشهد المفزع في عقول العديد من الناس الرؤية المانويّة لمعركة الخير والشر، النور والظلام، قوى الخلق والدّمار، حاربت التعاليم اليهومسيحيّة هذه الرؤية الثنائيّة، لكن اكتسحت خيال الناس ومجتمعاتهم مراراً وتكراراً، في أوقات الصراع والأزمة، بعد نهاية الحرب الباردة، تأمّلنا بأنّنا تخلّصنا من الثنائيّة المدمّرة والخطيرة للأبد، لكن على إثر أحداث 11 سبتمبر رجعت بشكل هائل.
– تدنيس المقدّسات: في الرؤية المانويّة يعرّف الناس أنفسهم بالخير وأعداءهم بالشرّ، على الأرجح يعتقدون أنّ حقيقتهم هي المطلقة والوحيدة في العالم، واتّهامات أعدائهم هي أخطاء ومكائد خطرة، هذه هي حقيقة، الشكّ بهذه الحقيقة، ناهيك عن محاولة تدميرها، هو تدنيس مرعب للمقدّسات.
– الموت، منتصر: نستطيع أن نقول، إلى حدّ معين من المبالغة، إنّ وهم الخلود انهار أيضاً في 11 سبتمبر، سوية مع الأبراج، ماذا يعني في هذه الحالة؟ نحن، الناس نعيش في حضارتنا الاستهلاكيّة المعاصرة، نؤمن ونريد أن نؤمن، بشكل قويّ للغاية بقوة الإنسان في حلّ مشاكل الحياة التي تقريباً نوشك على الاعتقاد بأنّه حتى مشكلة الوجود الإنسانيّة الجوهرية، الفناء، يمكن أن تحلّ، أو على الأقلّ، يمكن ويجب أن تزال من الوعي الإنسانيّ، العديد من العلماء أقرّوا بأنّ «إنكار الموت» من الخصائص الرئيسة لمواطني الحضارة الغربية المعاصرة، حضارة الاستهلاك.
فئة الشباب، بهجة الحياة، النجاح، الثروة، إبعاد الموت من المحادثة السوية، المتحضّرة بشكل سياسيّ، فصل المسنّين اللبق عن عالم الشباب، إنتاج الملائكة، الأرواح، ومسافري الزمن، هؤلاء عادوا من أرض الموت على شاشة التلفاز، الجنديّ الأمريكيّ الذي يجب أن يفوز الحرب ولا يترك نفسه عرضة للقتل، إنّه ما وراء الشكّ- على الأقلّ ظهر للعيان، حضارتنا المعاصرة تدور حول فكرة الموت والفناء أقلّ بكثير بالقياس إلى الحضارة الأوربيّة التقليديّة «وأكثر الحضارات التقليديّة الأخرى» التي مضت.
في 11 سبتمبر، كنّا بشكل مفاجئ وبفظاظة في مواجهة مع هشاشة الحياة الإنسانيّة، ولم نستطع أن نحوّل أعيننا عن المنظر المريع، لم نستطع أن نتجاهل حقيقة الموت غير المقبولة، حتى ولو بشكل مؤقت، انتقل الموت إلى قلوبنا، كلّ هذه من بين العوامل التي جعلت من 11 سبتمبر يوم رموز الدّمار.
– ردود عالميّــة:
سيكون من الأهمّيّة معرفة ما إذا كانت دراما 11 سبتمبر غنيّة جدّاً بالعناصر الأسطوريّة والرمزيّة في العالم الإسلاميّ، ما نعرفه هو أنّه في عالم الإسلام يلعب التصوير البصريّ دوراً أصغر بكثير منه في العالم المسيحيّ، وكنتيجة، ربما أحداث 11 سبتمبر أدّت إلى ارتباطات بصريّة أقلّ بكثير منه في مخيّلة الشعب في الغرب، نستطيع أن نقول إنّه في عالم الإسلام، كانت هناك رؤى وأحداث دراماتيكيّة أقل نسبيّاً، لا توجد هناك رؤيا في القرآن، الشيطان لعب دوراً مثيراً أقلّ إلى حدّ كبير بالقياس إلى تعاليم اليهومسيحيّة، الرؤية المانويّة لمعركة الخير والشر، التي ظهرت مراراً وتكراراً في اليهومسيحيّة، إنّها إذا لم تكن غائبة، فهي أقلّ وضوحاً في الإسلام.
صحيح بالرغم من أنّه في القرن العشرين، وخاصة منذ الصراع الجزائريّ، الفلسطينيّ ـ الإسرائيليّ وصراعات أخرى، ازدادت حدّة المشاعر المعادية للغرب، لكن بقيت تقريباً في عالم الإحباطات، الغضب، والاحتجاج على الظلم والاستغلال، كان الغرب قد تحوّل إلى أسطورة في تجسيد الشر الفائق حدّه، خاصّة ضمن مجموعة متطرّفة معيّنة للأصوليّين، في مخيّلة الناس الأسطوريّة في الغرب، ابن لادن سرعان ما عرّف وبسهولة بالشيطان الناقم، من المفترض أنّ أغلبية المسلمين اعتبروا ببساطة أحداث 11 سبتمبر مع دراما بصرية ورمزيّة أقلّ بكثير، كإشارة إلى غضب الله.
سيكون من الأهمّيّة معرفة الكثير أيضاً عن التأثير العاطفيّ والرمزيّ لأحداث 11 سبتمبر في المجتمعات الأخرى في العالم، كيف استجاب الناس في الهند، الصين، أمريكا الجنوبية، أفريقيا، روسيا، بشكل عقلانيّ وعاطفيّ لهذه الأحداث،، هل كان التأثير مضخّماً، أو معتدلاً ومتكتّماً عليه بالتراث الرمزيّ والأسطوري التقليديّ المتنوّع،،؟ ما هو، وما مدى التوافق بين الردود المختلفة للأحداث المأسَويّة في المجتمعات المتنوعة: تعاطف وتعزية؟ مقت، شماتة، رضى؟ قلق وخوف؟ أو،،،؟ إذا ما كانت الإجابات معروفة، إذا كان من المحتمل أن تكون الردود المتنوعة مخطّطة، هذا سيساعد الكثير من الناس في الغرب لتحديد مواقعهم في نطاق عالميّ عام، ستساعدهم لرؤية صورتهم العالميّة بشكل أفضل، ليعيدوا التفكير بالدور العالميّ الذي يلعبونه، لتطوير معايير سلوكهم العالميّ على نحو أفضل، على أيّة حال، هل نتعلّم لغة جديدة، لغة حضارة الاستهلاك الرمزيّة؟ أو يجب علينا بالأحرى أن نقول إنّنا نتعلّم لغة قادمة هي لغة «حضارة ما بعد المستهلك».
* تعريف بالمؤلّف: إيليمير هانكيز: مدير البحوث في معهد العلوم السياسيّة في الأكاديمية الهنغاريّة للعلوم، درّس في العديد من الجامعات الأمريكيّة والأوروبيّة «ستانفورد، جورج تاون، فلورنسا، الأوروبية المركزيّة،، إلخ» نشر عدداً كبيراً من الكتب بالإنكليزيّة والألمانية والروسيّة والبولنديّة والهنغاريّة والفرنسيّة والبلغاريّة،
– توضيحات المترجم:
* قوة الزهرة: أصبح هذا المصطلح معمّماً مابين عام 1960و1970 في سان فرانسيسكو كإشارة إلى حركة الشبان الذين وجدوا المحبة والسلام أكثر الأشياء أهمية في الحياة، حينها احتج الشبان ضدّ العنف في الحرب الأمريكيّة على فيتنام، وارتدوا ثياباً مطرزة بالأزهار والألوان الحيوية، كما وضعوا الزهور على رؤوسهم، ووزّعوها على الصحفيّين والسياسيين والشرطة، وتناولوا المخدّرات للمتعة.
* أولمبس: أعلى جبل في اليونان، وهو في الميثولوجيا الإغريقية مقرّ الآلهة.
* إيكاروس: في القصص الإغريقيّة القديمة، ابن المخترع ديدالوس، الذي صنع أجنحة مربوطة معاً بالشمع لنفسه، لكن استطاع إيكاروس أن يهرب بها من جزيرة كرييت بالطيران، وأن يحلق إلى الأعالي ، إلى أن وصل بالقرب من الشمس، فذاب الشمع، وسقط ميتاً.
* سقوط الأمراء: قصيدة طويلة تمتد عبر تسعة كتب في ستة وثلاثين ألف بيت من الشعر، تروي انهيار الرجال العظماء عبر التاريخ، كتبها الراهب يوحنا لايغييت مابين 1431 و 1438 لراعيه هومفري، دوق كلوسيستر، وهي مدينة في غرب إنكلترا على نهر سيفرن.
* زلزال ليسبون: معروف أيضاً بزلزال ليسبون العظيم، حدث في 1 نوفمبر 1755، تبع الزلزال حرائق وفيضانات، أدّت إلى دمار شامل في مدينة ليسبون في البرتغال، راح ضحيّتها مابين عشرة آلاف ومِائة ألف شخص، يعتبر زلزال ليسبون الزلزال الأكثر دماراً في التاريخ، كتب الفيلسوف الشاعر فولتير قصيدة بعنوان «قصيدة على كارثة ليسبون»، حينها أثّر الزلزال على المثقّفين الأوربيين في عصر التنوير.
موقع الآوان