التسريبات الإعلامية في الشأن الداخلي السوري.. هل هي بداية إصلاح ….؟!
فيصل يوسف
كان لافتاً، ومثيراً للاهتمام، لدى شرائح واسعة من أبناء الشعب السوري، في الأشهر الثلاثة الأخيرة، ماتناقلته بعض وسائل الإعلام، لتصريحات صدرت من مسؤولين رسميين في الحكومة السورية، أو منسوبة لمصادر سورية مطلعة، دون أن تسمي نفسها، حول قضايا في الوضع الداخلي السوري، ومن أهمها:
– اعادة النظر في شكل علاقة حزب البعث بالدولة والسلطة.
– البدء في ترتيب البيت الداخلي.
– زيادة على الرواتب بنسبة 35′ حتى نهاية 2010 ومشاريع لتحسين المعيشة.
– تغيير حكومة المهندس ناجي العطري.
– دراسة لإلغاء القانون الخاص رقم 49 المتضمن الحكم بالإعدام للمنتسبين لجماعة الإخوان المسلمين في سورية.
– ترتيبات لإطلاق سراح معتقلي ‘إعلان دمشق’، ضمن عفو رئاسي، بمناسبة عيد الفطر
لكنه سرعان ما تم نفي الأنباء المذكورة، بطرق مختلفة بوساطة مسؤولين رسميين أوغيرهم، بعد أن أشاعت أجواءً من التفاؤل، بقرب البدء في معالجة الأوضاع الداخلية في البلاد.
لاشك أن القضايا الواردة في التصريحات، تأخذ حيزاً على أجندة القوى الوطنية والديمقراطية في البلاد، لكونها تؤشر لما ستكون عليه السياسة الحكومية في المرحلة القادمة، ولأنها تلامس مطالب جوهرية تخص الشعب السوري. وحقيقة أن قوننة الحياة العامة، وإنهاء احتكار حزب البعث للسلطة، وتحسين الأوضاع المعاشية للمواطنين، والإفراج عن المعتقلين السياسيين، ومحاربة الفساد، وإلغاء القانون رقم /49/ والذي يفرض عقوبة الإعدام بحق منتسبي جماعة الإخوان المسلمين، وإيجاد حل عادل للقضية الكردية في سورية، في إطار وطني ديمقراطي هي مقدمات لاغنى عنها للانتقال بالبلاد نحو مرحلة جديدة، عنوانها ‘استكمال وتمتين مقومات الدولة المدنية العلمانية’، على أسس قانونية ودستورية، تدعيماً لموقع البلاد على الصعيدين الإقليمي والدولي، فلا سياسة خارجية مؤثرة دون أن تكون سندها أوضاع داخلية، يشترك الشعب في صياغة القرارات المتعلقة بها، وفق أسس ديمقراطية. لم تعد مسألة ضرورة الإصلاح والتغيير في البلاد، موضع الخلاف أو الاختلاف، بين المهتمين بالشأن الوطني، بل حول سبل تفعليها، وتسريعها، ومداخلها، وتشخيص القوى المتضررة منها، والتي باتت تختلق الذرائع، لإطالة أمد الأوضاع الراهنة، بسلبياتها وإبقائها دون حل .
فمنذ تولي الرئيس د. بشار الأسد، لمقاليد الحكم في البلاد، ودعوته للإصلاح عبر خطاب القسم الأول، بذلت قوى العطالة جهوداً حثيثة لإعاقة هذه التوجهات، إلى أن تمكنت من ذلك تحت يافطة عدم السماح بجزأرة سورية، وتفتيتها، وإيجاد الذرائع لمنع معالجة قضايا وطنية ملحة، مثل الإحصاء الاستثنائي الخاص بمحافظة الحسكة لعام 1962 والترخيص للمنتديات، وغيرها وأثارت المشاكل الأمنية هنا، وهناك، ولاحقاً أرادت بعض تلك القوى لنفسها موقعاً بين المعارضة، عندما أفلست على صعيد السلطة وظهرت على حقيقتها.
الآن، وبعد أن تجاوزت سورية الأزمة في علاقاتها مع المجموعة الأوروبية وأمريكا، وبعض الدول الأخرى في العالم، فإن ذلك يتطلب التفاتة للأوضاع الداخلية، عبر الإسراع في طرح برنامج شامل وواضح لمعالجة قضايا المواطنين، ومعاناتهم، والاعتماد على القوى التي لها مصلحة في إصلاح أحوال البلاد وتغييره نحو الأفضل، والاستفادة من العثرات التي حدثت خلال السنين السابقة .
إن الأكثرية الساحقة من الشعب السوري، تطالب بالإصلاح والتغيير، وتمتلك القدرة على حمايته، ومواجهة الفساد والمفسدين، إن أتيح لها المشاركة الحقيقية في إنجاحه بعيداً عن الوصاية، ووضع العراقيل أمامها، وعبر آليات وخطط مدروسة، فهي بمعظمها تنحدرمن الطبقات الاجتماعية الكادحة. إننا نعتقد بأنه آن الأوان لترجيح كفة الإصلاح والتغيير، على أي اعتبار آخر، وحسم مسألة التردد، في عملية الإصلاح، وتنشيط الحوار الوطني، عبر مجلس تمثيلي، تشترك فيه كل القوى المؤمنة بازدهار البلاد، وتطوره، وحماية سلمه الأهلي، واستعادة أراضيه المحتلة، وتفعيل الحراك الجماهيري، والسياسي، لاسيما وان الفرصة متاحة لذلك، فالقوى الوطنية الديمقراطية المتمثلة بائتلاف إعلان دمشق تمد يدها لمن يريد العمل معها سوية، من أجل التغيير الديمقراطي السلمي التدرجي، وهي تعي وتدرك تماماً، مقاصد ومعاني شعارها، وأعلنت جماعة الإخوان المسلمين عن استعدادها لطي صفحة الماضي، والانخراط في العمل، داخل البلاد، وفق أسس موضوعية وعقلانية، كما أن القوى السياسة الكردية- إن كانت في صفوف المعارضة أوفي دائرتها الكردية- فخياراتها كانت، ولا تزال، تتمثل في الحل الديمقراطي، للقضية الكردية، وتعزيز الوحدة الوطنية، وإشاعة الحياة الديمقراطية في البلاد.
أجل، إن التصريحات المذكورة، أعلاه- تلامس قضايا وطنية، مهمة، ويؤيد البدء في تنفيذها، شرائح واسعة من المواطنين، وهي تبدي ازدراءها من التصريحات التي نفت ذلك، ولا تزال تأمل أن تكون مناسبة – عيد الفطر- بوابة، يطلق من خلالها المعتقلون السياسيون في سجون البلاد، كخطوة، تعقبها خطوات أخرى، نحو الإصلاح والتغيير المنشود …….
وكل عام وبلدنا سورية بألف خير.
‘ كاتب سوري
القدس العربي