صفحات الناس

رفع أسعار المحروقات وتحرير أسعار السماد، قرار بإعدام الزراعة السورية!

null
جابر الأحمد
بسبب توقف الدولة عن بناء مؤسسات صناعية كبيرة خلال العقود الماضية. وفشل القطاع الخاص الذي يغلب عليه الطابع الطفيلي والعائلي على بناء مؤسسات إنتاجية هامة. بات الإنتاج الزراعي بشقيه الحيواني والنباتي يشكل العمود الفقري والأساسي في الاقتصاد السوري. والآن وفي ظل الأزمة الاقتصادية العالمية التي بدأت تلقي بظلالها على كل دول العالم بدون استثناء.بات لزاما على الحكومة زيادة الاهتمام بالإنتاج الزراعي بشقيه الزراعي والصناعي حتى نستطيع تفادي التأثيرات الكارثية المقبلة لهذه الأزمة على بلادنا كون هذا القطاع يشكل الرافعة الأهم والمرتكز الأساسي لاقتصادنا الوطني في الظروف الراهنة. إلا أن الحكومة وبدلا من زيادة الاهتمام بهذا القطاع. اتخذت إجراءات ساهمت وتساهم في تأزيم هذا القطاع وفي إضعاف دوره الوطني.
– لقد كانت الزراعة السورية وما تزال الحصن المنيع لاقتصادنا الوطني لأننا أولا وأخيرا بلد زراعي بامتياز. والزراعة السورية حققت جملة من الأهداف التي تشكل أساس القوة في اقتصادنا وفي موقفنا السياسي. فعلى سبيل المثال ما زالت الزراعة السورية تسهم بنحو 37% من مكونات الاقتصاد الوطني وهي تؤمن الغذاء لأبناء شعبنا. وبات معروفا لكل العالم أن سورية من أوائل الدول في العالم الثالث التي حققت أمنها الغذائي. كما أن الزراعة السورية بشقيها النباتي والحيواني تؤمن مادة تصديرية تدعم اقتصادنا الوطني بالعملة الصعبة. فعلى سبيل المثال لا الحصر تصدر أغنام العواس السورية إلى كل دول الخليج موفرة بذلك كمية لا بأس بها من العملة الصعبة لدرجة أن أحد الخبراء الاقتصاديين شبه غنم العواس السورية بالقول ( أنها نفط لا ينضب ) إضافة لهذا تؤمن الزراعة المادة الأولية لعدد كبير من الصناعات التحويلية. مثل صناعة حلج ونسج وخياطة القطن. وصناعة الزيوت والكونسروة وغيرها الكثير الكثير. هذا بعض مما قاله رئيس اتحاد الفلاحين في سورية السيد حماد عبود السعود .
(الاتحاد العام للفلاحين رفض قرار الحكومة والكرة الآن في ملعب القيادة السياسية)
ويبدو أن الضربة الموجعة التي وجهتها الحكومة للزراعة والإنتاج الزراعي بشقيه النباتي والحيواني لم يقنعها وذلك عبر زيادة أسعار المحروقات وخاصة المازوت المستخدم في الآبار الارتوازية التي تسهم في إنتاج ثلث محصولنا من القمح والقطن. وأدى بالتالي إلى خروج مساحات كبيرة من الأراضي عن الخدمة وذلك لعزوف الفلاحين عن الزراعة وخاصة المحصولين الاستراتيجيين القمح والقطن نظرا لارتفاع التكاليف وعدم كفاية المردود المادي ما أدى أيضا إلى تشريد مئات آلاف من العاملين في هذا القطاع الهام وانضمامهم إلى سوق العاطلين عن العمل حيث ضاقت بهم أطراف المدن السورية. وخسارة خزينة الدولة عشرات المليارات من الليرات السورية من عائد تصدير هذه المنتجات. ومن يتتبع مسيرة الزراعة في سورية يجد أنها خسرت في السنوات الخمس الأخيرة إن لم نقل كل ما حققته طوال ثلاثة عقود. فقد تراجع إنتاج القمح من 4, 7 مليون طن عام 2007 إلى 2, 2 مليون طن عام 2008 كما تراجع محصول الشعير من /2/ مليون طن عام 2001 إلى 527 ألف طن عام 2004 ليصل إلى نحو 200 ألف طن عام 2008.أما القطن ليس بأفضل حالا فبعد أن وصل حجم الإنتاج إلى 1,1 مليون طن عام 2000 تراجع بشكل دراماتيكي إلى /600/ ألف طن كذلك الثروة الحيوانية هي الأخرى فقد هبطت أعداد الأغنام من 22,8 مليون رأس في عام 2007 إلى 15,9 مليون رأس في عام 2008 أي أننا خسرنا في أقل من عام واحد ( 6,9 )مليون رأس صدرت إلى الخليج عبر أشخاص معروفين في دهاليز وزارة الزراعة. كما خسرنا في الفترة ذاتها نصف مليون رأس من ذكور الماعز والأبقار. فقد صرح مدير الزراعة في اللاذقية أن عدد الأبقار قد انخفض في المحافظة من /42/ ألف رأس إلى / 28 / ألف رأس . 30% من السكان في سورية يعملون في الزراعة بشقيها النباتي و الحيواني وهذه القرارات و الإجراءات تعني دفع /5/ مليون سوري إلى الفقر و الفاقة و التهميش.
وبعد كل هذا لجأت الحكومة مؤخراً إلى خطوة تعتبر خطيرة وفق كل المعاير الوطنية و الاجتماعية و السياسية ألا وهي رفع الدعم عن مادة السماد بأنواعه المختلفة بعد أن كان محصوراً بيد الدولة حيث يحصل الفلاح على السماد المطلوب من الجمعية الفلاحية عبر المصرف الزراعي و بسعر مدعوم.
(ارتفعت أسعار السماد بعد القرار بنسبة تتراوح بين /200% إلى 300% /). و كان الجفاف المتواصل منذ سنوات و الذي أنهك الفلاحين في سورية بالإضافة إلى الفساد المستشري في مفاصل الاكتفاء الذاتي و في صنع القرار الاقتصادي و السياسي المستقل قد أكمل المهمة.
كل هذا من اجل فتح الباب أمام حفنة من التجار و المستوردين المحسوبين على قوى الفساد في الدولة للتحكم في هذه السلعة الإستراتيجية وما يستتبع ذلك من احتكار و ارتفاع أسعار و استغلال للفلاحين حيث لا حسيب و لا رقيب.
تبلغ قيمة الإنتاج الزراعي في سورية /270/ مليار ليرة سورية سنويا ، وتقدر قيمة الإنتاج الحيواني بـــ /140/ مليار ليرة سورية سنويا .
– مصادر وزارة الزراعة تقول أن المصرف الزراعي برأسماله البالغ /10/ مليارات ليرة سورية لم يعد قادرا على تغطية خسائره الناجمة عن القروض الممنوحة للفلاحين التي تعدت رأسماله الحقيقي وبات عاجزا بالتالي عن إقراض الفلاحين وقد نشرت الصحف المحلية مؤخرا أن عدة قضايا اختلاس وتزوير وإقراض وهمي قد تمت إحالتها إلى الجهات المختصة وآخرها في محافظة الحسكة بمنطقة الجزيرة حيث جرى إقراض /4/ مليارات ليرة لموظفين في المصرف وأفراد عائلاتهم ومن يرتبط بهم. ولم يتم تسديد هذه القروض إلى الآن والكثير من هذه الفضائح بقي طي الكتمان وتؤكد مصادر اتحاد الفلاحين أن هذه القروض قد ذهبت إلى غير الغاية المخصصة لها وذهبت إلى أشخاص معروفين بصلاتهم المشبوهة بمديري المصرف في منطقة الجزيرة.
– أما توزيع السماد فقد اعترف وزير الزراعة في لقائه مع الصحافة أن نسبة الفساد في توزيع مادة السماد تبلغ /40 %/ فقط من عمليات التسليم وذلك عبر حيازات ورخص وهمية. وقد أكد ذلك جميع من التقينا بهم من الأخوة الفلاحين. لذلك كانت هناك كميات كبيرة من السماد تباع للتجار بأسعار مدعومة ومن ثم تباع للفلاحين بأسعار كاوية. وقد تأكد ذلك تماما بعد صدور قرار التحرير حيث فتح التجار مصاريع مستودعاتهم في كل المحافظات عارضين على الفلاحين أسمدتهم المسروقة بكميات كبيرة وبأسعار خيالية لا يقدر أحد على الشراء منها.
– اتحاد الفلاحين رفض قرار الحكومة جملة وتفصيلا واعتبره ضربة موجعة لقطاع الزراعة والإنتاج الزراعي. وستكون له نتائج كارثية وخطيرة على الصعيد الوطني والاجتماعي والاقتصادي. ودعا الحكومة إلى العودة عن هذا القرار الخطير وتحديد المسؤولية عن ذلك. لأن الزراعة في سورية تشكل ثلث الدخل الوطني ويعمل في هذا القطاع الملايين من أبناء الوطن الذين يساهمون في إطعام /20/ مليون سوري من كافة المنتجات الزراعية والحيوانية بأسعار تناسب دخول السوريين ولا مصلحة لاتحاد الفلاحين في ذلك. هذا ما جاء على لسان الاتحاد العام للفلاحين.
( القرار مؤامرة على الاستقرار الاجتماعي )
– قرار تحديد أسعار الأسمدة الصادر عن وزير الزراعة والإصلاح الزراعي الدكتور عادل سفر جاء حسب ما قررته اللجنة الاقتصادية في اجتماعها المنعقد بتاريخ 30/3/2009 بحيث حدد بموجبه أسعار بيع الأسمدة المحررة للموسم الصيفي 2008 – 2009 وقد تضمن القرار الأسعار كالتالي:
– سعر طن السماد سوبر فوسفات 46% بسعر /23900/ ليرة سورية بزيادة قدرها /193% / عن السعر السابق البالغ /8160/ ل.س وسماد اليوريا 46% بسعر /18000/ ل.س للطن بزيادة قدرها /102% / عن السعر السابق البالغ /8900/ ل.س وسماد نترات الأمونيوم 33,5 % بسعر /15400/ ل.س بزيادة قدرها 137% عن السعر السابق البالغ 5800 ل.س.. للطن وسماد نترات الأمونيوم /30% / بمقدار /8800/ ل.س للطن في حين كان سعره السابق /5800/ل.س للطن بزيادة قدرها /52% / وسماد سلفات البوتاس 50% بمقدار /27500/ للطن حيث بلغت الزيادة /357% / عن سعره السابق البالغ /12,500 / ل.س للطن وبمقارنة هذه الأسعار مع الأسعار السابقة نجد أن الزيادة وصلت بعد التحرير إلى ما بين 50% إلى 395%
– إن هذا القرار من وجهة نظرنا هو قرار خطير بالدرجة الأولى وغير وطني ويصب في خانة ومصلحة من يريد أن يكون البلد ضعيفا ومكشوفا أمام الخارج. الذي فشل رغم كل محاولاته المتكررة من النيل من صمودنا السياسي عبر شعبنا البطل وجبهتنا الداخلية المنيعة عبر تبني نهج المقاومة والممانعة لمشاريع التسوية والتصفية لقضايانا الوطنية والقومية. فلجأ عبر قوى الفساد في الداخل لتحرير قرار كهذا.
– إننا نقف بحزم وقوة ضد هذا القرار غير الوطني والذي سيؤدي إذا ما تم تنفيذ مضامينه إلى زعزعة استقرار سورية وخلخلة التركيبة الاجتماعية فيه. ما يؤدي إلى نشوء اضطرابات وحالات فقر وعوز ومشاكل لا تعد ولا تحصى سيدفع ثمنها في النهاية الوطن من دماء وعرق أبنائه الذين حصنوه ودافعوا عنه بأرواحهم ودمائهم.
لا لوصفات صندوق النقد الدولي ومن يمثله لأنه لم يدخل بلدا إلا وتركه مدمرا.
– إننا ندعو جميع الفلاحين في سورية للوقوف صفا واحدا وبكل السبل المتاحة سلميا ضد تنفيذ هذا القرار الخطير الذي يهدد وطننا وأمننا الغذائي واستقلالنا الوطني.
– نحن في هيئة الشيوعيين السوريين نعلن أننا ضد هذا القرار الخطير الذي تجاوز كل الخطوط الحمر وطنيا وضد من أصدر هذا القرار أيا كان من يقف خلفه في الحكومة أو غيرها هذا القرار الذي سيجر البلاد والعباد إلى أتون محرقة لن تبقي ولن تذر في ظروف اقتصادية واجتماعية وسياسية متعددة تعيشها المنطقة والعالم والمستفيد الوحيد منه هو العدو الصهيوني ودعائمه في الداخل والخارج.
– لا لرفع الدعم عن الأسمدة لأنه سيكون غدا قرارا آخر إن صمتنا.
– نعمل جميعا جنبا إلى جنب لمحاربة الفساد المستشري في أوصال البلد كالسرطان
– نعم لتأمين كل أشكال الدعم اللازمة لتحسين الإنتاج الزراعي ودعم الفلاحين
– نعم لتحديد سعر مدعوم لمازوت زراعي للفلاحين
– لا لإجراءات السوق المتعسفة التي لا تأخذ بعين الاعتبار معاييرنا الوطنية والاجتماعية
– لنقف جميعا شيوعيين…وبعثيين…و وطنيين أحرار إلى جانب الفلاحين لأنهم صمام أمان وطننا وأمننا الغذائي وسيادة قرارنا السياسي على الدوام .
خاص – صفحات سورية –

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى