خلفيات الحراك السياسي لجماعات الإخوان المسلمين في مصر والأردن
الجمل: قسم الدراسات والترجمة
بدأت منطقة شرق المتوسط تشهد حراكاً متزايداً لحركة الإخوان المسلمين وعلى وجه الخصوص في مصر والأردن، وعلى ما يبدو فإن العديد من العوامل الداخلية والإقليمية والدولية تقف وراء محفزات هذا الحراك: فهل من سيناريو سياسي إسلامي جديد قادم في الساحتين المصرية والأردنية؟
* أبرز التطورات الجارية:
تقول المعلومات والتقارير بأن السلطات المصرية تقوم حالياً باعتقال العشرات من عناصر جماعة الإخوان المسلمين من أبرزهم مرشد الحركة عبد المنعم أبو الفتوح الذي ما زالت أجهزة الأمن المصرية تعتقله متذرعة بأن سبب حملاتها تلك تتمثل في سببين:
• معارضة الحركة المتزايدة لتجديد ولاية الرئيس المصري محمد حسني مبارك لولاية سادسة جديدة.
• معارضة الحركة المتزايدة لتنصيب جمال مبارك (ابن الرئيس مبارك) لرئاسة مصر خلفاً لوالده في العام 2011.
أما بالنسبة للساحة الأردنية فتقول المعلومات والتقارير أن السلطات الأردنية دخلت في مرحلة المواجهة السياسية مع حركة الإخوان المسلمين الأردنية وفي هذا الخصوص نشير إلى الآتي:
• استقالة ثلاثة من كبار زعماء الحركة في الأردن من المكتب التنفيذي بسبب قراره (الذي يسيطر عليه المتشددون) القاضي بحل المكتب السياسي (الذي يسيطر عليه المعتدلون).
• تزايد ارتباط حركة الإخوان المسلمين الأردنية بحركة حماس الفلسطينية بما أدى إلى تعزيز موقف المتشددين المناوئين لمهادنة للنظام الأردني وإضعاف موقف المعتدلين المهادنين للنظام الأردني.
برغم أن سلطات النظام الملكي الأردني لم تطلق يد أجهزة أمنها لجهة القيام بتوجيه الضربات الأمنية الوقائية ضد جناح المتشددين في الحركة الأردنية فإن المواجهة قادمة لا محالة طالما أن صعود قوة المتشددين داخل الحركة سيشكل تهديداً ومصدراً لتهديد استقرار النظام الأردني.
* تأثير عامل الخطاب السياسي الجهادي الجديد:
تشير التطورات السياسية الجارية إلى أن نجاح نظام البشير الإسلامي في السودان وصعود حزب العدالة والتنمية إلى السلطة في تركيا إضافة لصعود نظام قوة الثورة الإسلامية في إيران واشتداد الحركات الإسلامية المسلحة كحزب الله وحركة حماس وحركة الجهاد الفلسطيني إضافة لحركات المقاومة الإسلامية في العراق وأفغانستان وباكستان وغيرها، أدت تداعياتها المباشرة ليس إلى تهديد خصوم الحركات الإسلامية وحسب، وإنما إلى دفع الحركات الإسلامية نفسها وفي مقدمتها الإخوان المسلمين المصرية وحركة الإخوان المسلمين الأردنية إلى الانتفاض من سباتها العميق والسعي نحو تجديد خطابها السياسي الجهادي في المنطقة.
تعتبر حركة حماس الفلسطينية الأكثر تأثيراً على صعود حركة الإسلام السياسي في المنطقة وذلك بسبب انفرادها بين جميع الحركات الفلسطينية بتصعيد المواجهات اليومية الدامية في مواجهة إسرائيل وعلى هذه الخلفية فقد أتاح ذلك لحركة حماس القيام بالآتي:
• التأثير على تنشيط وتفعيل حركة الإخوان المسلمين المصرية وحركة الإخوان المسلمين الأردنية وعلى وجه الخصوص على خلفية مواجهات قطاع غزة ضد الإسرائيليين.
• القدرة على ربط الأطراف السياسية الإسلامية الموجودة في المنطقة. فحركة حماس برغم توجهاتها الإسلامية السنية تتميز بالقدرة على التعامل مع الرياض وطهران برغم توتر العلاقات السعودية – الإيرانية، وبالقدرة على التعامل مع حزب الله الشيعي رغم سنيّة الحركة.
• اكتساب قيادة حركة حماس لقوة رمزية متزايدة في المنطقة بسبب حيوية زعيمها خالد مشعل الذي أصبح يتميز بحضور قوي في أنقرة وطهران وكافة العواصم العربية والإسلامية.
• اكتساب حركة حماس للمصداقية في أوساط الرأي العام الإسلامي بسبب تعاونها وتنسيقها مع حزب الله دون التقيد بالخلافات السنية – الشيعية.
وتشير المعلومات إلى أن تأثير عامل حركة حماس امتد باتجاه بناء المزيد من التفاهمات بين حركة الإخوان المسلمين المصرية وحزب الله اللبناني وطهران وقد بدا التأثير واضحاً من خلال ردود الأفعال الآتية:
• موقف حركة الإخوان المصرية الرافض لتورط النظام المصري في مخطط استهداف طهران.
• موقف حركة الإخوان المصرية الرافض لحملة النظام المصري ضد حزب الله في الساحة المصرية.
• موقف حركة الإخوان المصرية الرافض لموقف النظام المصري إزاء العدوان الإسرائيلي ضد لبنان في حرب صيف العام 2006.
أما بالنسبة للساحة الأردنية وبرغم تشابه خلفيات صعود حركة الإخوان المصرية مع رصيفتها الأردنية فإنه توجد المزيد من الخلافات النوعية بين الحركتين، في مصر الحركة مستقرة وتزداد قوتها يوماً بعد يوم في أوساط الرأي العام المصري، أما الحركة في الأردن فهي:
• غير مستقرة داخلياً بسبب الصراع بين تيار المناوئين لتوجهات النظام الملكي وتيار المهادنين للنظام.
• تزايد ارتباطها القوي مع الحركات الإسلامية السنة العراقية والحركات الإسلامية الفلسطينية.
بكلمات أخرى تنقسم حركة الإخوان المسلمين الأردنية إلى تيار الصقور وتيار الحمائم، وبسبب سخونة الأوضاع في الشرق الأوسط وسلبية تعامل النظام الأردني التي تصل حد التواطؤ مع محور تل أبيب – واشنطن فإن الحياة الداخلية للتنظيم بدأت تشهد في الآونة الأخيرة صعوداً لتيار الصقور وانحساراً لتيار الحمائم الذي دخل مرحلة التآكل السياسي والتنظيمي.
عموماً، يتميز صعود حركة الإخوان المسلمين في الساحتين المصرية والفلسطينية هذه المرة بوجوده قوة دفع المحفزات الخارجية وتحديداً الإقليمية والدولية فتزايد سخونة مسرح الصراع الفلسطيني – الإسرائيلي ومسرح الصراع العراقي – الأمريكي ومسرح الصراع الأفغاني – الأمريكي ومسرح الصراع الباكستاني – الأمريكي أدت إلى إشعال طموحات حركة الإخوان المسلمين في مصر والأردن إضافة إلى قدرة الحركة في مصر والأردن على التقدم من خلال العمل الجماهيري البنائي التحتي من أجل ملء فراغ النفوذ السياسي الذي حدث بسبب الغضب والسخط الجماهيري المتزايد ضد مواقف نظام الرئيس مبارك والعاهل الأردني الملك عبد الله الثاني إزاء ملفات الصراع في المنطقة.
الجمل