سورية: بين المطرقة والسندان
معهد صحافة السلم والحرب
على الرغم من أن الانفتاح الغربي الأخير تجاه سورية قد تم من أجل أن تقوم باعتماد سياسات إقليمية أكثر وداً، إلا أن دمشق أظهرت خلال الأسابيع القليلة الماضية أنها غير جاهزة بعد لتقديم تنازلات تتعلق بالقضايا الكبرى التي تؤثر على المنطقة، وذلك بحسب محللين محليين.
يقول أحد المحللين السياسيين المقيمين في دمشق والذي فضل عدم الكشف عن اسمه بأن المطالب التي تم طلبها من قبل الولايات المتحدة وأوروبا في مقابل توفير حوافز اقتصادية ودبلوماسية ثبت بأنها “غير واقعية”.
وقد قال هذا الخبير بأن الغرب توقع أن تتعاون سورية في العديد من القضايا من ضمنها منع تسلل المتمردين من خلال حدودها إلى العراق ووقف التدخل في الشئون اللبنانية الداخلية والتخفيف من الدعم الذي تقدمه للجماعات اللبنانية والفلسطينية المسلحة التي تعمل ضد “إسرائيل”.
وقد طُلب من سورية أن تتعاون مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية فيما يتعلق بأمورها النووية، والمساعدة في إنهاء النزاع ما بين فتح وحماس إضافة إلى التخفيف من تحالفها مع إيران. كما يقول هذا الخبير.
يقول المحلل السياسي: “إن هناك الكثير من المطالب، وهي مطالب غير واقعية”.
وفي ابتعاد واضح عن سياسات سلفه التي كانت تعتمد على العزل فقد اتبع الرئيس الأمريكي الجديد باراك أوباما استراتيجية الحوار مع دمشق منذ استلامه للمنصب في شهر يناير.
في الشهور الأخيرة، أوفدت واشنطن سبعة موفدين إلى سورية بما فيها زيارة قام بها المبعوث الخاص للشرق الأوسط جورج ميتشل إضافة إلى زيارة قام بها مسئولون عسكريون رفيعو المستوى.
وقد قيل بأن التعاون فيما يتعلق بالاستقرار في العراق كان على رأس جدول أعمال الحوار ما بين الطرفين.
وقد لمح مسئولون من الاتحاد الأوروبي إلى قرب التوقيع على اتفاقية التعاون الرئيسة مع دمشق، وكان قد تم إيقاف الحوار في هذا الملف بسبب الاشتباه بأن سورية كانت تقف وراء الاغتيال السياسي وعدم الاستقرار في لبنان، وفقاً لتقارير إعلامية.
وفي نفس الوقت، وبعد فترة وجيزة على تعزيز العلاقات ما بين سورية ولبنان من جهة ومابين العراق والدول العربية الأخرى من جهة أخرى، فإن الأحداث الأخيرة أظهرت بأن التوتر لا زال يعيق علاقات دمشق مع جيرانها.
في 25 آب أغسطس سحبت العراق سفيرها من سورية متهمة إياها بإيواء العقل المدبر الذي يقف خلف التفجيرات الانتحارية التي أدت إلى مقتل ستة وتسعين شخصاً في بغداد بداية هذا الشهر.
لقد استمر النزاع ما بين الدولتين مع تصميم العراق على أن تقوم سورية بتسليم عدد من البعثيين العراقيين المنفيين الذين يعتقد أنهم خططوا للهجمات، ولكن دمشق طلبت توفير أدلة لدعم الادعاءات العراقية.
وفي لبنان، وبعد أربعة أشهر على الانتخابات العامة التي جرت هناك في شهر يونيو، فقد فشلت الأغلبية البرلمانية في تشكيل حكومة الوحدة الوطنية. وقد اتهم سياسيون موالون للغرب في البلاد سورية وإيران اللتين تدعمان حزب الله الذي يقود المعارضة بمنع حل الأزمة السياسية.
وبحسب المحلل السياسي، فإن الاحتكاكات الإقليمية الحالية غير مفاجئة.
ويقول أيضاً بأن المجتمع الدولي يدرك أن لدى سورية رافعة قوية في لبنان والعراق، وقدرة على زعزعة استقرار البلدين.
إن واشنطن تريد من سورية أن تغير سلوكها وأن تدخل في حوار من أجل حل المشاكل الإقليمية ولكن ليس لديها أي رؤية واضحة حول ماهية وقيمة الثمن المطلوب من أجل الوصول إلى هدفها المتمثل في تحقيق الاستقرار في الشرق الأوسط. وفقاً للمحلل السياسي.
ويضيف بأن سورية كانت في موقع قوة لأنها لم تشعر وتحت أي ضغط عسكري بأنه من الممكن أن تتخلى عن أي من مصالحها أو أن تكسر تحالفها الإقليمي مع إيران.
في أغسطس، قام الرئيس السوري بزيارة طهران من أجل تأكيد قوة العلاقات ما بين الدولتين.
ولكن ومن ناحية أخرى، فإن بعض الخبراء يقولون بأن سورية بحاجة إلى التقارب مع الغرب من أجل المساعدة في دعم اقتصادها المتداعي.
وقد قال أحد الخبراء السياسيين الذي فضل عدم ذكر اسمه أيضاً، بأن دمشق لا يمكن أن تحتمل مزيداً من تجاهل المطالب الغربية.
وفي الغالب فإن الولايات المتحدة سوف تستمر في سياستها الحالية المتمثلة بالحوار مع سورية لفترة ولكنها لا يمكن أن تنتظر طويلاً لكي يفي السوريون بوعودهم.
ويقول خبير سياسي آخر لم يذكر اسمه بأنه يعتقد بأن دمشق لا زالت تشعر بأنها ضعيفة.
لقد وعدت الولايات المتحدة أن تقوم بإرسال سفيرها إلى دمشق من أجل أن يحل مكان المبعوث الذي استدعي إلى واشنطن بعد عملية اغتيال رئيس وزراء لبنان السابق رفيق الحريري.
كما أنه لا يبدو أن هناك أي منظور حقيقي لعملية السلام ما بين سورية و”إسرائيل” يلوح في الأفق.
ويضيف: “إن سورية تستعد للأسوأ” ويقول بأن دمشق شعرت بالضغط الدولي نتيجة المحكمة الدولية المختصة بالنظر في قضية اغتيال الحريري والتي يلقى باللائمة فيها على دمشق. ولكن سورية نفت أي تورط لها في الأمر.
ويقول هذا الخبير: “لا أحد يعرف ما هي نتيجة المحكمة الدولية”.
كما أن هناك احتمالاً لحصول حرب ضد حليف سورية الإقليمي “إيران” إضافة إلى أن الغرب استخدم المخاوف النووية من أجل إرهاب السوريين، بحسب المحلل.
حيث تقوم الوكالة الدولية بالتحقيق في مفاعل نووي مشتبه به في سورية.
“ليس هناك سياسات أمريكية واضحة في المنطقة، وهو الأمر الذي يدعو سورية، وأكثر من أي وقت مضى، إلى إبقاء كروت اللعب قريبة من صدرها”. بحسب المحلل السياسي.
كما أضاف بأن دمشق قد أرهقت بسبب موقفها الاقتصادي الضعيف والأنظمة العربية المعادية والمحيطة بها.
وقد قال المحلل السياسي بأنه كان هناك محاولات لتقريب العلاقات ما بين سورية والسعودية مؤخراً والتي ساءت خصوصاً بعد هجوم “إسرائيل” على لبنان في يوليو2006.
وفي سبتمبر أعادت الرياض سفيرها إلى دمشق بعد أن بقي هذا المنصب شاغراً لفترة تزيد عن سنة كاملة.
ولكن المحلل يقول بأن سورية ليست مستعدة بعد لتبديل تحالفها مع إيران بدولة عربية واحدة مثل السعودية أو مصر في وقت تعيش فيه المنطقة حالة تغيير مستمر.
وقد أضاف بأن القمع الذي يمارسه النظام السوري على المجتمع المدني والمعارضة يظهر بأن دمشق “متوترة وقلقلة”.
ترجمة: مركز الشرق العربي
المركز الاعلامي لجماعو الأخوان المسلمين في سورية