لماذا لا يصف الغرب نجاد بالرئيس المنتخب؟
مصطفى محمد العمري
ما زالت كبرى الدول تتراجع عن وصف محمود أحمدي نجاد بالرئيس الإيراني المنتخب وهو ما يشكل عقبه جديدة أمام نجاد لمواجهة الضغوط المحلية في إيران، وهو ما يعزز طموحاته في جعل إيران دولة نووية بشكل علني. بالنسبة لنجاد كانت الضغوط الأكثر إيلاما هو خطاب وزيرة الخارجية الأمريكية هيلاري كلينتون عندما شدت على أيادي الإصلاحيين بشكل غير مباشر على مولاتهم ومنهم مير حسين موسوي والذي تحدى بدوره مرشد الثورة الإيرانية آية الله علي خامنئي، وهذا ما يجعل الأمر يزداد من سيىء لأسوأ بالنسبة لسياسة ثابتة في إيران، وخاصة لحزب المحافظين.
بالنسبة إلى الولايات المتحدة ظلت الانتخابات على أعصاب الإيرانيين سواء الإصلاحيين أو المحافظين، إلا أن نجح نجاد مما يثير بعض النقاط التي وضعتها الإدارة الأمريكية بعد ساعات على حروف السياسة الإيرانية بعد تنصيب نجاد كرئيس لإيران، حيث أن الإدارة الأمريكية تركت جملة لا تدل على أية حيادية أو جهة في إيران عندما قالت أن ‘الإيرانيين هم الذين يقررون ما إذا كانت الانتخابات نزيهة أم لا’ وبذلك تترك هذه الجملة الساحة لصراع جديد بين كل الأطراف سواء نجاد أم موسوي أو حتى مرشد الثورة خامنئي، وهو ذات الأمر الذي يعيدنا إلى ما حدث في إيران بعد الانتخابات بأيام، ولكن هذه المرة الأمرسيكون أشد فتكا لأنه يثير الدول على نجاد وليس فقط الإيرانيين، وهو ذات الأمر أيضا الذي حدث في الماضي بين فتح وحماس بعد وصول حماس إلى السلطة، حيث أن الصمت الأمريكي يرتفع بشكل منخفض هاهنا وهناك وفي الحالتين! حيث أن تلك الموجات العارمة في إيران بعد الانتخابات وإن كانت فوضوية وتم فيها قتل وجرح عدد كبير من الإيرانيين نرى ديمقراطية من نوع آخر لم يروج إليها سلاح الدعاية الأمريكي، حيث أن التعبير عن تنصيب نجاد لإيران تعتبرها أمريكا مغلقة على شعب بأكمله كما تدعي، وبالتالي تأخذنا معارضة الأوروبيين بتنصيب نجاد رئيس لإيران لأحد أمرين، الأول أن هناك تكاتفا من جهة الأووربيين أنفسهم لإنهاء اللعبة السياسية في إيران فلم نسمع عن أي تدخل أوروبي عندما كانت الغضب ألإيراني بعد الانتخابات وهو ما يأخذنا إلى عكس الخيار الأول الذي هو أشد فتكا من الثاني حيث أن الرئيس الإيراني المنتخب ليس وحيدا في اتخاذ القرارات في السياسة الإيرانية إنما معه مرشد الثورة الإيرانية خامنئي، أيضا لا بد من ذكر أنه بات من الصعب جدا الفصل بين نجاد ومساعيه في امتلاك سلاح نووي، ولكن هناك نقطة يجب أن تأخذ بعين الاعتبار حيث أن الأزمة النووية هي أزمة سياسية، وليست أزمة رئيس لأن هناك جزءا كبيرا من الشعب الإيراني لا يريد سياسة نجاد في إدارة البلاد خصوصا في الملف النووي الإيراني، ولكن يجب أن لا يغيب علينا أنه لا يمكن أن يكون هناك أي رئيس سواء موسوي أو غيره من الذين يطمحون بمكان نجاد يمكنه إلغاء البرنامج النووي لأنه بات أمراً محتوماً خصوصا أنه يعتبر قضية جوهرية للبلاد وهنا نتحدث عن أغلبية سواء مجلس الشورى أو إيرانيين كشعب خصوصا ما يعتبره المحافظين في أنه خط الدفاع الوحيد للمعسكر الشرقي فيما لو قررت إسرائيل بأي عملية عسكرية، من المعلوم أنه لم يتم تحديد موقف الرئيس الأمريكي من إيران بعد، حيث أنه تغير ربما يكون دراماتيكي في تحديد الإدارة الأمريكية سياستها مع إيران، وخاصة عقب تنصيب نجاد رئيسا لإيران، ولكن يبقى السؤال المحير ها هنا، حيث إذا كانت الإدارة الأمريكية منزعجة بالفعل من نجاد لماذا لم تبرر معارضتها منه قبل تنصيبه؟ حيث أنها كانت فرصة أفضل مع غضب الشارع الإيراني في تلك الفترة.
أن عملية أثارة الدول التي تستخدمها الولايات المتحدة الأمريكية على الإدارة الجديدة في إيران ربما لا تثير ما تطمح إليه خاصة وأن بعض المعاهدات قد تمت قبل الانتخابات الإيرانية مما صب في مصلحة إيران نفسها، صحيح أن الإدارة الأمريكية قد نجحت في أثارة بعض الدول الصديقة والمقربة لإيران، ولكن من ناحية أخرى يجب أن نضع بالحسبان أن هناك دولا ما تزال تلتزم العلاقة الحليفة معها وخاصة من المعسكر الشرقي، حيث لو أخذنا أحدى الدول الكبرى كروسيا نجد أن علاقات التعاون الروسية الإيرانية قد شهدت قدراً عالياً من الحميمية منذ بداية العام الحالي مع أن الانتخابات لم تكن جارية بعد، حيث لا هم لها من سيكون رئيسا للبلاد بل كل طموحها هو بتنظيم العلاقة معها فقط ، ومما عزز الحميمية – الروسية الإيرانية – تلك هي الزيارة غير المتوقعه التي قام فيها الماريشال أيغور سيرجييف وزير الدفاع الروسي لطهران، حيث تمخضت هذه الزيارة في إعادة تنشيط علاقات التعاون العسكري في مختلف المجالات والتي كان بينها النووية مما أعطى لطهران مزيدا من الطمأنينة كحليف جديد.
كما نتائج الانتخابات الأمريكية تغير كثيرا من سياسة العالم أيضا نتائج الانتخابات الإيرانية ليست ملكا لإيران فقط، فتلك الانتخابات ستقرر رسم كثير من سياسة العالم، خاصة منطقة الشرق الأوسط، فمهما كانت نسبة الرضوخ للانتخابات الإيرانية نجد أنها غير مستقره خارجيا خصوصا مع الإدارة الجديدة للولايات المتحدة.
القدس العربي