صفحات سورية

القضية الكردية في سوريا قضية وطنية بامتياز

null

صالح عباس

القومية الكردية في سوريا جزء رئيسي من النسيج الوطني في سوريا، ومن تاريخها، والكرد السوريون جزء أصيل من التكوين السوري، شاركوا في الدفاع عن الوطن السوري في كافة المراحل وقدموا التضحيات الغالية، ففي العصر الحديث ومنذ الاحتلال الفرنسي لسوريا، قرر وزير الحربية وأحد المواطنين الكرد المفعمين بالروح الوطنية الوثابة، الشهيد يوسف العظمة التصدي للغزو الفرنسي، وهو يعرف مسبقاً نتيجة هذا التصدي، ومثلما كان الشهيد يوسف العظمة الأول في الدفاع عن الوطن، كان المواطنون الكرد الأوائل في العديد من المواقف، وهكذا كان المجاهد الكردي إبراهيم هنانو أحد قادة الثورة السورية الكبرى إلى جانب كل من المجاهدين سلطان باشا الأطرش والشيخ صالح العلي، وكان المجاهد الكردي محي الدين ابشاشو أول من أطلق الرصاص على الحملة الفرنسية في حلب، وفي غوطة دمشق كان المجاهدون الكرد محل قلق القوات الفرنسية، وفي الجزيرة، فقد انتفض الكرد في عامودا ضد القوات الفرنسية التي قامت لإخماد الانتفاضة بقصف مدينة عامودا بالطيران والمدفعية، وكذلك انتفاضة بياندور التي قتل فيها المقاتلون الكرد الكولونيل روغان قائد الحملة الفرنسية على الجزيرة. إضافة إلى أعداد المعتقلين والمنفيين وعلى سبيل المثال نفي المناضل أوصمان صبري، وهو أحد مؤسسي الحركة الكردية في سوريا، وأول أمين عام للحزب اليساري الكردي في سوريا إلى جزيرة مدغشقر، وكذلك شارك الكرد في الدفاع عن الوطن السوري في كل المعارك ضد العدو الإسرائيلي وقدموا شأن كل السوريين الكثير من الشهداء.

في مقابل كل ذلك، فقد تنكرت كافة الحكومات والأنظمة المتعاقبة على الحكم في سوريا لكل تلك النضالات، وعاملت الكرد بقسوة وكأنهم من الدرجة الثانية، وحرمتهم من كل حقوقهم القومية والديمقراطية، كما قامت بتطبيق المشاريع الشوفينية عليهم وبخاصة مشروعي الحزام والإحصاء الاستثنائي لعام 1962 الجائرين وغيرها من القوانين والتدابير الاستثنائية والسياسات التميزية ضدهم بهدف عرقلة تطورهم السياسي والثقافي والاجتماعي والاقتصادي .

إن مثل هذه السياسات ضارة قطعاً وليست في مصلحة الوطن السوري، بل أنها تضر بالوحدة الوطنية، وتصب الماء في طاحونة كل الأعداء المتربصين بسوريا.

وإزاء كل ذلك، فإن كل الوطنيين والتقدميين والديمقراطيين في البلاد، مطالبون اليوم برفع أصواتهم عالية من أجل إلغاء هذه السياسات الجائرة، وإنصاف المواطنين الكرد بهدف تعزيز الوحدة الوطنية التي تعتبر بحق حجر الزاوية في قوة سوريا وتصديها للمؤامرات التي تحاك ضدها.

إن الكرد السوريون مواطنون مفعمون بالحماس الوطني، تثبت ذلك دروس الماضي والحاضر، وهم يعتبرون قضيتهم قضية وطنية بامتياز، وأنها تحل عبر الحوار الوطني الديمقراطي الجاد والمسؤول، وهي تحل في دمشق وليس في أي مكان آخر.

إن الكرد السوريين ينطلقون في نضالهم باعتبار قضيتهم القومية جزءاً من القضية الوطنية العامة، وهم يحاولون التوفيق الدقيق بين ما هو عام وما هو خاص، العام هو الوطن السوري والخاص هو خصوصيتهم القومية، تماماً كالعلاقة بين الجزء والكل، وأن الخاص القومي الكردي هو جزء من العام الوطني السوري وإذا ما تعارض الخاص مع العام فإنهم يغلبون العام.

بالرغم من كل الدعاية المضللة التي تطلقها الجهات الشوفينية وإعلام السلطة فإن الهم القومي الكردي ليس الهم الوحيد لدى المواطنين الأكراد، إن همه الوطني عارم، وهم يربطون همهم القومي الخاص بالهم الوطني العام، وهم لا يرون أي حل لقضيتهم القومية بمعزل عن حل كافة قضايا البلاد الوطنية والاقتصادية والاجتماعية.

انطلاقاً مما تقدم فإن أبناء الشعب الكردي في سوريا يحاربون بحزم السياسات والإجراءات الشوفينية التي تمارس ضدهم من قبل النظمة والحكومات المتعاقبة ، ويحاربون بنفس الحزم كل التوجهات الانعزالية التي قد تظهر لدى بعض الكرد كردود أفعال تجاه السياسات الشوفينية.

خاص – صفحات سورية –

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى