قصائد نثر لتشارلز سيميك
ترجمة سنان أنطون
كانت أمّي ضفيرة من الدخان الأسود.
حملتني بالقماط فوق المدن المحترقة.
كانت الريح تعصف بالسماء الشاسعة، التي كانت أكبر من أن يلعب فيها طفل.
التقينا بآخرين كثيرين مثلنا بالضبط.
كانوا يحاولون ارتداء معاطفهم بأذرع من دخان.
وبدلاً من النجوم، كانت السماوات العالية مليئة بآذان صغيرة منكمشة وصمّاء.
2
ذات صيف، أخبرته الغيوم عن أسمائها في هدوء بُعيْد الظهر. لكن حين سأل غيوم المساء: هل رأيتنّ ماري وبرسيللا؟ لم يحصل على جواب. هذه مجموعة كالحة وخرساء. أدرن له ظهورهن وابتعدن نحو ستورجس حيث كان فلاح قد أطلق رصاصة على حصان مريض.
3
أنا آخرجنود نابليون. مر ما يقارب مئتي سنة وما زلت أتراجع من موسكو. الطريق مرصوف بأشجار البتولا البيضاء والطين يصل إلى ركبتيّ. المرأة العوراء تريد أن تبيعني دجاجة وأنا لا أرتدي شيئاً.
الألمان يسيرون باتجاه وأنا بالاتجاه الآخر والروس في اتجاه ثالث، يلوحون مودعين. لدي سيف مبارزة رمزي استعمله لقص شعري الذي يكاد يصل طوله إلى أربع أقدام.
4
ملاكي الحارس يخاف الظلام. يتظاهر بأنه لا يخاف فيبعث بي قبله ويقول بأنه سيلحق بي بعد لحظة. بعد قليل لا أرى أي شيء. يهمس أحدهم من ورائي ‘هذه أكثر زوايا الجنة ظلاماً ‘. ملاكها الحارس مفقود أيضاً. ‘هذا غير معقول ‘أقول لها. تهمس هي: ‘الجبناء الوسخون يتركوننا لوحدنا ‘.
لا نعرف، لكن قد يكون عمري مئة سنة وقد تكون هي بنتاً صغيرة نعسانة ترتدي نظارات !
مختارات من مجموعة ‘العالم لا ينتهي: قصائد نثر’ (هاركورت بريس آند كومباني، نيويورك، 1989)
* سيميك من أهمّ شعراء أمريكا الأحياء. ولد عام 1938 في بلغراد وهاجر إلى الولايات المتحدة عام 1954. فاز بالعديد من الجوائز ونشر عشرات المجموعات الشعرية والمقالات والترجمات من الشعر الفرنسي والصربي والكرواتي والسلوفيني. أستاذ في جامعة نيوهامبشير منذ عام 1973. حصل على جائزة بوليتزر عام 1990 عن المجموعة التي استلّت منها هذه القصائد. وحصل على جائزة والاس ستيفنز عام 2007 واختير عام 2008 شاعراً رسميّا للولايات المتحدة.