صفحات سورية

حلم التوظيف في مهب الريح…..اجانب الحسكة وحق العمل الضائع

null
سليمان عثمان
الحديث عن قضية أجانب الحسكة لا ينتهي لاعتبارات انسانية واجتماعية، ولاستمرار فصول التمييز العنصري ضدهم حتى وصل الأمر الى حدٍ لا يطاق. فلم يكتف النظام بتجريدهم من جنسيتهم 1962 بل استمر في حرمانهم من ابسط حقوق الحياة…. ألا وهو حق العمل.ِ
ان مثياق الامم المتحدة يدعو كل دول الأطراف للاعتراف بالحق في العمل الذي يشمل ما لكل شخص من حق في ان تتاح له امكانية كسب رزقه بعمل يختاره أو يقبله بحرية، وتقوم باتخاذ تدابير مناسبة لصون هذا الحق.
أما الدستور السوري فينص في المادة 36 منه على أن العمل حق لكل مواطن وواجب عليه وتعمل الدولة على توفيره لجميع المواطنين
وهنا تتوالى احدى فصول المهزلة بانتهاك ادنى الحقوق التي كفلها الدستور السوري ومنظمات حقوق الانسان الدولية بحق الاكراد في العمل، إذ يتم حرمانهم من حق التوظيف في اي دائرة حكومية بحجة أنهم لا يحملون الجنسية السورية، فقد قضى قانون العاملين في الدولة على أدنى أمل لأجانب الحسكة بنصه ، فطبقا للنظام الاساسي للعاملين في الدولة رقم 50 للعام 2004 ، ” يُشترط للتعيين أن يتمتع الشخص بالجنسية العربية السورية منذ خمس سنوات على الأقل، ويستثنى من هذا الشرط مواطنو الدول العربية الذين اكتسبوا الجنسية السورية حيث يحق لهم التوظيف قبل انتفاء مدة الخمس سنوات المذكورة، كما يستثنى من القرار العرب الفلسطينيون المشمولون بالقانون 260 للعام 1956 حيث يحق لهم التوظيف مع احتفاظهم بجنسيتهم الأصلية، وكذلك يستثنى العرب اللذين لا يتمتعون بالجنسية العربية السورية ويرى رئيس مجلس الوزراء توظيفهم لضرورات قومية”.
لا شك أنه قانون ظالم ومجحف بحق أبناء سورية من الأكراد الذين سلبوا جنسيتهم قهرا، ولا عجب أن يصدر هكذا قانون طالما أن منبعه مرجعية قومية عنصرية ، ضاربا بعرض الحائط بكل القيم والمبادئ والدساتير العالمية والسورية. والمفارقة المبكية أنهم تركوا مدخلا حتى لمن لا يحمل الجنسية السورية من العرب بالتوظيف بينما خنقوا أي أمل للأجانب الحسكة في التوظيف واغتالوه قبل أن يولد.
وهنا أقص أحدى مسلسلات المعاناة التي عشتها شخصيا والتجارب المرة التي تجرعتها في سوريا بصفتي أحد أجانب الحسكة، ففي العام 2006 تقدم 32 ألف من الشباب السوري خاصة أصحاب الشهادات الجامعية لمسابقة وزارة الصحة لشغل آلاف الوظائف المطلوبة في كافة المحافظات السورية….من بين هؤلاء تقدم مئات من المجردين من الجنسية لهذه المسابقة بعد موافقة مديرية شؤون العاملين في وزارة الصحة، وكنت أنا من بين المتعلقين بأوهام الحصول على فرصة عمل.
ورغم ذلك نزلت علينا صاعقة رفض وزارة الصحة لطلباتنا بحجة ( أجانب الحسكة – لا يحمل الجنسية السورية) فهدمت آخر قصور الأحلام التي بنيناها وسحقت آخر طموحاتنا خاصة بعد محاججتنا للوزارة فكان ابرازهم لقرار وزارة الداخلية المستند الى قانون العاملين في الدولة هو الضربة القاضية.
ومازاد نزيف جراح أجانب الحسكة اهراقا، تعميم الجهات الحكومية على القطاعات الخاصة بضروروة الحصول على بطاقة عمل من مديرية الشؤون الاجتماعية والعمل كشرط اساسي للتوظيف.
هذه الطامة الجديدة التي تسمى بطاقة عمل هي وثيقة تحدد طبيعة عمل صاحبها في سوريا وتثبت أهليته للحصول على خدمات محددة.
إن الكارثية في الموضوع تطلب موافقة فرع الأمن السياسي كشرط لتمريرالطلب، الذي ما أن يرد فيه أن صاحبه من أجانب الحسكة حتى يضيع في مهب الريح أو يرمى في سلة النفايات كتعبير من الحكومة عن قيمة أجانب الحسكة عندها .
لا توظيف لا عمل لا إعانات حكومية لا تكافل إجتماعي…. هو واقع أجانب الحسكة بعد سد الحكومة كل المنافذ و الابواب للحصول على لقمة العيش، في سبيل إبادتهم بطرق غير انسانية ونقضهم الصارخ لكل المعاهدات الدولية والأدبيات التي ملأوا بها الكتب والشعارات التي يدّعونها دون اي التفات لهذه الكارثة الاجتماعية والإنسانية.
المصدر:سليمان عثمان

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى