صفحات سورية

الإخوان المسلمون في سورية يعلنون انهيار الهدنة مع النظام ويدعون الجماعات الإسلامية لمقاطعة مؤتمر دمشق للأحزاب العربية

null
احمد المصري
دعا المراقب العام للإخوان المسلمين في سورية علي صدر الدين البيانوني في خطاب اطلعت ‘القدس العربي’ على نسخة منه الأحزاب الإسلامية لمقاطعة مؤتمر الأحزاب العربية المقرر عقده في دمشق في العاشر من تشرين الثاني (نوفمبر) الحالي.
وقال البيانوني في خطابه الذي جاء عنوانه ‘إهابة ورجاء’ بعد هدنة مع النظام السوري بسبب أحداث غزة ‘إن إخوانكم في جماعة الإخوان المسلمين في سورية، مع دعمهم وتأييدهم لحق إخوتنا في فلسطين أو في العراق أن يستفيدوا في سورية من المفارقات السياسية لخدمة مشروعهم وقضيتهم، إلا أننا في الوقت نفسه ننظر بألم بالغ، لأيّ علاقة بين النظام السوريّ وأيّ تنظيمٍ إخوانيّ أو إسلاميّ أو أيّ شخصية إسلامية، دون مراعاة لأوضاع إخوانهم المضطهدين في سورية. وبالتالي فإنّ رجاءنا الأخويّ أن تعلنَ جميع الجهات الإسلامية مقاطعتها للمؤتمر المذكور، احتجاجاً على موقف النظام من الجماعة’.
وقال البيان ‘وأنه ما تزال معاناة شعبنا في سورية بكل فئاته (لا سيما بطيفه السنّي الذي يشكل الشريحةَ الأكبر من أبناء شعبنا) مستمرةً بأبعادها الإنسانية والسياسية والاجتماعية والاقتصادية، بل إن قاعدة المحنة تتسع لتشملَ المزيدَ من أبناء المعتقلين والمفقودين والمشردين وأحفادهم.
وفي اتصال هاتفي لـ ‘القدس العربي’ مع المراقب العام لاخوان سورية، اكد البيانوني صحة الخطاب، وقال ‘في ظل الوضع المتردي للشعب السوري، فاننا نرى انه من غير المناسب عقد المؤتمر في سورية، خاصة انه غير مصرح باقامة احزاب هناك’.
وحول الوساطات للمصالحة مع النظام قال البيانوني ‘ كنت هناك محاولات من قبل اشخاص بمبادرات شخصية ولكن لم يكن هناك اي مؤشر ايجابي’.
ويرى مراقبون أن الإخوان المسلمين الذين عقدوا مؤتمر الشورى التابع لهم في اسطنبول في آب (اغسطس) الماضي كانوا قد منحوا الوساطة وقتا من أجل التصالح بينهم وبين النظام، ولكن على ما يبدو أن الإخوان يئسوا من نجاح الوساطة في ظل الاعتقالات التي تصاعدت في سورية بحق نشطاء حقوقيين وتشديد القبضة الأمنية.

وفيما يلي نص الخطاب:
إهابة ورجاء
علي صدر الدين البيانوني
المراقب العام للإخوان
أصحاب الفضيلة الإخوة الكرام حفظهم الله تعالى.. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، تحيةً مباركةً طيبةً.. وبعد: فإنه ينعقد في العاشر من الشهر الحالي مؤتمر الأحزاب العربية الذي تشارك فيه العديد من التنظيمات الإخوانية والأحزاب والجمعيات والشخصيات العربية والإسلامية.. إن جماعتنا جماعة الإخوان المسلمين في سورية تحب أن تُنهيَ – ابتداءً – إلى الأخ الكبير فضيلة المرشد العام، وإلى الإخوة أعضاء مكتب الإرشاد، وإلى الإخوة المراقبين العامين، والمسئولين في التنظيمات الإخوانية القطرية.. أنه وعلى الرغم من مرور قرابة عام على مبادرة جماعتنا بتعليق الأنشطة المعارضة، والتي تمت في الشهر الأول من عام 2009…لم يصدر عن النظام الحاكم في سورية، أيّ إشارةٍ إيجابيةٍ ذاتِ مغزى، لا في السرّ ولا في العلن.
وأنه ما تزال معاناة شعبنا في سورية بكل فئاته – لا سيما بطيفه السنّي الذي يشكل الشريحةَ الأكبر من أبناء شعبنا – مستمرةً بأبعادها الإنسانية والسياسية والاجتماعية والاقتصادية، بل إن قاعدة المحنة تتسع لتشملَ المزيدَ من أبناء المعتقلين والمفقودين والمشردين وأحفادهم.
إن عشرات الألوف من الأسر المنكوبة في سورية، ما زالت تعيش محنة تغييب أبنائها، أو اعتقالهم، أو تشريدهم، أو حرمانهم من حقوقهم، هذه المحنة التي امتدّ أجَلُها ليصبحَ نصفَ عمر النكبة التي حلت بأهلنا في فلسطين.
وما يزال القانون رقم (49/1980) الذي يحكم بالإعدام على أبناء جماعتنا يُفَعّلُ في المحاكم الاستثنائية، ويُحكَمُ بموجبه على كلّ من له شبهة اتصال بجماعتنا، كأن يكون ابناً أو قريباً أو صديقاً لأحد الإخوان.
وما تزال سياسات العسف الأمني تطال أبناء الإسلام في سورية، دون مراعاة لأيّ حق من حقوق المواطنة، ليكون آخرَ ضحايا هذه السياسات الأستاذُ الحقوقيّ الكبيرُ هيثم المالح (ثمانون عاما) الذي اعتقل بسبب حديثٍ أدلى به إلى إحدى الفضائيات.
ولا يزال الفسادُ ينخرُ جسدَ المجتمع السوري، ليشيعَ الفقرَ والجوعَ والمرضَ والجهلَ في ثنايا هذا المجتمع. ويكفي أن نشير إلى أن منظمة الشفافية الدولية – وهي منظمة مستقلة تعتمد معايير مهنية – صنفت سورية في تقريرها الأخير لعام 2008 في المرتبة السابعة والثلاثين بعد المائة، غارقةً في الفساد أكثرَ مما كانت عليه في العام الماضي والذي قبله، هذا مع الزعم بأن الرئيس السوري يقودُ مشروعاً لمكافحة الفساد.!!
الأخ الفاضل.. أما ما يتردّد في الإعلام السوريّ من شعارات الممانعة والمقاومة.. فنعتقدُ أنه ينبغي أن يُعرَضَ على محكّ الحقيقة؛ إذ لا يخفى على أحدٍ أن النظامَ ما زال يستجدي سلاماً رخيصاً من العدو الصهيوني، تارةً عن طريق الغرب، وتارةً عن طريق تركية. وهاهو اليوم يلجأ إلى كرواتيا بعد أن أدار الأتراك ظهرهم للإسرائيليين. إنّه لمن المهمّ أن ندركَ أن النظام السوريّ الذي يتذرّعُ بحماية المقاومة أو دعمها، لم يؤسّس خلالَ أكثرَ من أربعين عاماً مضت، أيّ مشروعٍ مقاوم لتحرير الأرض المحتلة!! وما يزالُ يرفضُ أيّ مصالحةٍ وطنية، توفّرُ القاعدةَ الضرورية لأيّ خطة تحريرٍ سياسية أو عسكرية!!
الأخ الكريم.. إن إخوانكم في جماعة الإخوان المسلمين في سورية، مع دعمهم وتأييدهم لحق إخوتنا في فلسطين أو في العراق أن يستفيدوا في سورية من المفارقات السياسية لخدمة مشروعهم وقضيتهم.. إلا أننا في الوقت نفسه ننظر بألم بالغ، لأيّ علاقة بين النظام السوريّ وأيّ تنظيمٍ إخوانيّ أو إسلاميّ أو أيّ شخصية إسلامية، دون مراعاة لأوضاع إخوانهم المضطهدين في سورية. وبالتالي فإنّ رجاءنا الأخويّ أن تعلنَ جميع الجهات الإسلامية مقاطعتها للمؤتمر المذكور، احتجاجاً على موقف النظام من الجماعة.
إن دماء الشهداء، ومعاناة الأمهات والزوجات والبنين والبنات، ومأساة المعتقلين والمفقودين والمشردين.. تستحق من إخوة الدين والعقيدة والدرب، النظر والاحترام. فالمسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يخذله ولا يسلمه.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
14 من ذي القعدة 1430 الموافق 2 من تشرين الثاني 2009

القدس العربي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى