صفحات من مدونات سورية

أنا شاوي

حنظلةفي الحدائق و المنتزهات العامة و في استراحات الكراجات توجد حمامات مأجورة لقضاء الحاجة فأيام الخدمات المجانية انتهت إلى غير رجعة ، لأن مواطننا لم يتعود على تنظيف ما يخلفه فاقتضت الحاجة تعيين أشخاص لهذه الغاية يتقاضون رسم دخول من كل من يقصد هذه الأماكن ، و قد شهدت مشادة حادة بين أحد المواطنين و العامل المسؤول عن الخدمة ، رفض فيها الأول دفع الرسم و يبدو من ملابسه أنه فلاح أو من المنطقة الشرقية من المتعودين على قضاء حاجاتهم في الهواء الطلق دون أية تكاليف جانبية ، فما كان من العامل إلا أن سأله : من وين أنت ؟ فأجاب : من سورية ! فأعاد السؤال مسترسلاً : بعرف من سورية ، بس من أي منطقة مو شاوي بالله ؟!
يطلق لفظ شاوي على سكان المنطقة الشرقية في سوريا ، هذا العرف السائد في أغلب المناطق في سورية ، حتى عندنا في المدرسة كانوا يطلقونه على الطالب الكسول المتخلف الذي يجلس آخر الصف تيمناً بهم ” في الزوايا شوايا ” ، صبراً حتى انتهي من الكتابة للحكم ، عندما قدمت الرقة و كلي أمل على أن أتعرف على هذا الشاوي التي تلصق به كل صفات التخلف و الغباء ، و بصراحة لم أجد أحداً يقر بأنه شاوي ، و كأن اللفظة هي مسبة أو مذلة !
اليوم بالتحديد وجدت الشاوي الذي أبحث عنه ، قالها مفتخراً : بلى أنا شاوي ، هؤلاء أجدادي و أني أعتز بهم ، فمن هو الشاوي ؟!!! يقول الصديق : الشوايا أقوام سكنوا الفرات و كان يذبحون مواشيهم و يشوونها ليطعموها للمسافرين و الجائعين ، فاصطلح على تسمية الواحد منهم شاوي دلالة على الجود و الكرم و صاروا الشوايا !
على فكرة أيها القارئ كل العرب شوايا من الباب عالطاقة ، طالما أننا بارعون في التصنيف و إلصاق الماركات الوطنية ببعضنا ، و طالما أن احترامنا يتوقف على ذواتنا و يحده اعتبارنا للآخر الدون ، فنحن المتعلمون و غيرنا المتخلف ، نحن الشعب الراقي و من يشاركنا الوطن ناس أتوا من خلف البهائم  يستحقون الذبح لا يستحقون الحياة !
هي أدلجة القيمة نمارسها على بعضنا ، كما يمارسها الغريب علينا ، و ما أشطرنا عندما نشتم بعضنا و نتهم بعضنا ، أنا من الساحل و عندنا ( يقولون ) مستويات عليا من التعليم و الثقافة ، أقر بذلك و لكني طالما أتهم ابن الجزيرة بالتخلف و الغباء و هو مواطن مثلي مثله ، فأنه يحق للإسرائيلي أن يصنفني درجة ثانية أو ثالثة ، و أن ينعتني بعرابوشيم أو غوييم ، طالما لم أحترم ابن الوطن الذي يشاركني الماء و الهواء و حتى التراب المترين بنصف متر !
البعض لن يعجبه الكلام أعرف … إذاً فليكن أنا شاوي أيها السادة ، طوطوا قدر ما تشاؤون ، و اتهموني بكل النعوت التي تحلو لكم ، قولوا حنظلة جن و فقد السيطرة و صار يخبط خبط عشواء ، طالما لم نتعود أن نحترم أهلنا و ناسنا ، فلا نعتب على غريب لا يحترمنا !
علمتني سورية أن أكون إنساناً  ، و علمني الجبل و السنديان أن أكون شامخاً صاحب كرامة ، و علمني ماء النبع و الزيتون أن أكون خيراً معطاء ، و علمني التراب أن أكون حنوناً ببني أمي ، لست أعرف ما علمتكم سوريا … و لكن هكذا علمتني تلك الأرض الطيبة !
صديقة قالت أن المواطن السوري على هامش الحياة ، المواطن السوري أيتها الصديقة جوهر الحياة ، و لن تجدي أعز من المواطن السوري في هذا العالم لأنه صاحب نخوة و كرامة ، حاجته قليل من الوعي فحسب نعم و مسؤول صاحب رؤيا و نخبة ذات علم تملكه و تعمل به دون أن يتوقف موقفها على إدعائه فحسب و نعت الآخرين بالتخلف !
على فكرة أنا حمصي في سوريا و زحلاوي في لبنان و خليلي في فلسطين ، ما هؤلاء الثلاثة مسار التندر في بلدانهم ، و لم أجد ألطف و أحب إلي أنا من صاحب النكتة و الطرفة و الفكاهة و أشهد لهم بأنهم كذلك ، فكفى سخرية منهم ، فهم أحلى الناس و أقول لهم : أنتم بلاكم بلداننا و لا شي  !

http://nawarshash.com/

مقالات ذات صلة

تعليق واحد

  1. القصه غير حقيقيه الشاوي او الشوايا هم رعاة الغنم ويشتغلون عن البدو يرعون اغنامهم وهم لااصل ولافصل والان يوجد منهم من يغني في الاعراس والى الان يرعون الاغنام هذه التسميه الحقيقه لهم

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى