صفحات سورية

رسالة مفـتوحة إلى المـؤتمر الخامس للأحـزاب العربية المنعقد في دمشق

null
لجنة التنسيق من أجل التغيير الديمقراطي في سورية
السيدات والسادة أعضاء الوفود المشاركة في المؤتمر (10-12 تشرين الثاني / نوفمبر 2009)،
نحييكم تحية الضال من أجل الديمقراطية والوحدة العربية والتحرر.
كان لا بد وأن نتوجَّه إليكم لننقل إليكم صورة موجزة عما آلت إليه أوضاع حقوق الإنسان والحريات الديمقراطية في سورية، وطبيعة النظام السياسي فيها، بعد أن حال النظام دون دعوة أحزاب المعارضة والرأي الآخر لمشاركتكم في أعمال المؤتمر.
في الوقت الذي ينعقد فيه مؤتمركم بدمشق، تَضِيق السجون والمعتقلات السورية بعشرات المئات من المعتقلين السياسيين، ومعظمهم من معتقلي الرأي. نَذْكُر منهم الأستاذ هيثم المالح (78 عاما)، الرئيس السابق لجمعية حقوق الإنسان في سورية، الذي اعتُقل بتاريخ 14/10/2009، وأُحيل إلى المحكمة العسكرية. والشيخ عبد الرحمن الكوكي وعائلته، والذي اعتُقل بتاريخ 22/10/2009، والمحامي مهند الحسني بتاريخ 29/7/2009، وهو من الناشطين في مجال حقوق الإنسان. فضلا عن اعتقال خمسة من أعضاء حزب العمل الشيوعي بتاريخ 21/5/2009 لأسباب مجهولة، وكانوا اعتقلوا في الماضي لمدة طويلة، وهم: عباس إبراهيم عباس، وحسن زهرة، وتوفيق عمران، وغسان حسن، وأحمد نيحاوي. ناهيكم ومئات المعتقلين الأكراد. وخمسون معتقلا ذو توجُّهات إسلامية من قريتي جاسم ونمر من منطقة حوران كانوا اعتقلوا في نهاية شهر تشرين الأول/أكتوبر 2009. بالإضافة إلى أن اثني عشر معتقلا من قياديي إعلان دمشق يقضون في السجن أحكاما جائرة، نخص بالذكر منهم الدكتورة فداء الحوراني التي تعاني من وضع صحي سيء. وما تزال في هذه الأثناء لوائح المواطنين الممنوعين من السفر تتزايد، علما أن هناك ألوف المنفيين السياسيين الممنوعين من العودة إلى الوطن تحت طائلة الاعتقال. هذا، وإن أكثر من عشرة آلاف معتقل سياسي مسجَّلين حسب منظمة العفو الدولية في عداد المفقودين، وكانوا اعتقلوا في الفترة ما بين عام 1980 و 1983.
ويرزح أيضا الشعب السوري تحت وطأة حالة الطوارئ والأحكام العرفية السارية المفعول منذ أكثر من 46 عاما، والتي بموجبها يستمر تعطيل مواد الدستور الضامنة للحريات الأساسية، وتُحظَر الصحف المعارضة والمستقلة عن الصدور، ويُمنع العمل السياسي باستثناء حزب البعث الحاكم وجبهته التابعة، وتُمنع التجمعات والتظاهرات والإضراب وكل أشكال التعبير الآخر، وتُحظر المنتديات، وتُطلق يد الأجهزة الأمنية الأخطبوطية بدون رقيب في تجريف السياسة من المجتمع، وتتابع بوحشية سلسلة طويلة من ملاحقة واعتقال المعارضين وأصحاب الرأي الآخر بدون مذكرات اعتقال قضائية، والذين يُقدَّموا إلى محاكمات صورية لا تتوفر فيها شروط المحاكمة العادلة المتعارف عليها دوليا، وتمضي الأجهزة القمعية دون أي رادع في ممارسة شتى أنواع التعذيب في السجون والمعتقلات السورية للنيل من كرامة المواطن، ومن أجل نشر الرعب و”ثقافة” الخوف في البلاد.
ولا بد لنا من أن نتوقف ونحن نخاطبكم أمام ما يصح أن يُسمَّى بحديث الممانعة، من حيث أن الإعلام السوري بات يزعم لنفسه أنه يمثل صوت الممانعة الوحيد والرسمي في الوطن العربي. و لابد لنا من أن نوجِّه عنايتكم إلى أنها ممانعة إعلامية لا ترقى إلى مستوى الخيار الإستراتيجي القائم على نهج المقاومة والديمقراطية والوحدة العربية والتحرير,
إن تطوير الممانعة الإعلامية التي يبديها النظام في سورية إلى خيار إستراتيجي يستدعي أولا أن يرتَّب البيت الوطني ويبنى ويُنَظَّم على أسس من إطلاق الحريات الأساسية، ووقف انتهاكات حقوق الإنسان، وتحقيق المصالحة الوطنية، وإشراك الشعب السوري وقواه السياسية والنقابية والمدنية في اتخاذ القرار السياسي، ومحاربة الفساد الذي أصبح نمطا اقتصاديا ونظاما. حينئذ فقط تستعيد سورية عافيتها، ويحظى نظامها السياسي على الشرعية الديمقراطية التي يفتقد إليها.
ويستدعي الخيار الإستراتيجي من ناحية ثانية أن يكف النظام عن بذل محاولاته لاستئناف المفاوضات مع الكيان الصهيوني، ويمتنع عن زج اسم الشعب السوري في تصريحات كتلك التي أدلى بها الرئيس السوري مؤخرا أثناء زيارته لكرواتيا، والتي قال فيها: “إن السلام مع إسرائيل مطلب شعبي ورسمي سوري”. إن القاصي والداني يعرف أن الشعب السوري وقواه الوطنية الديمقراطية يرفض سلام الاستسلام مع إسرائيل في ما تواجه السياسة العربية حالة مستحكمة من الخلل والضعف، ويرفض التطبيع مع الكيان الصهيوني، ويصر على استرداد كامل الجولان المحتل إلى السيادة الوطنية أرضا ومياها ومجالا جويا وذلك إلى حدود الرابع من حزيران/يونيو 1967 دون قيد أو شرط. وهو أمر لن يتحقق عن طريق المفاوضات، لاسيما وأن قرارات الشرعية الدولية المؤيِّدة لحق سورية في استعادة الجولان ستبقى معطَّلة طالما يستمر ميزان القوى مختلا بشكل حاسم لمصلحة الكيان الصهيوني.
ويستدعي الخيار الإستراتيجي، من جهة ثالثة، أن يتراجع المستسلمون عن شعار “السلام مع إسرائيل خيار إستراتيجي”، وأن يعيدوا الاعتبار إلى شعار ” التوازن الاستراتيجي مع العدو الصهيوني”، وأن تُرسم سياستنا الخارجية على أساس من المبدأ السياسي: “نسالم من يسالمنا ونعادي من يعادينا”.
“إن ما أُخذ بالقوة لا يسترد بغير القوة” حسب مقولة الرئيس الراحل جمال عبد الناصر. وإن تجارب الشعوب في العالم، وتجربة المقاومة العربية في جنوب لبنان التي أجبرت العدو الإسرائيلي على الانسحاب دون شرط في آيار/مايو من العام 2000، وانتصارها مرة ثانية في حرب تموز/يوليو من العام 2009، لأكبر دليل على صحة هذا المبدأ الإستراتيجي.
إن مضي النظام على طريق طموحاته لاستعادة دوره الإقليمي المتميِّز تحت المظلة الأمريكية، لا يعلِن فقط، ومنذ الآن، عن نهاية الممانعة (الإعلامية) التي يبديها حاليا، وإنما يكشف علاوة على ذلك عن النهاية المنتظرة لمصداقيته تجاه قوى التحرير والوحدة العربية والديمقراطية والتقدم الاجتماعي.
إننا نناشدكم أن تدرجوا مسألة الحريات وحقوق الإنسان في سورية والوطن العربي على جدول أعمال المؤتمر، أملين أن نكون وفِّقنا في نقل موقف المعارضة الوطنية الديمقراطية السورية إليكم.
وتفضلوا بقبول فائق الاحترام.

لجنة التنسيق من أجل التغيير الديمقراطي في سورية
باريس، الاثنين 9 تشرين الثاني/ نوفمبر 2009
خاص – صفحات سورية –

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى