صفحات سورية

عن مفهوم المواطنة

null
مازن كم الماز
طرح الأستاذ حاجي سليمان السؤالين التاليين على قراء صحيفة بنكه الالكترونية في دعوة للتحاور معهم عن مفهوم المواطنة :
س 1 – ماذا يعني لك مفهوم المواطنة في المجال المدني و السياسي و الاقتصادي و الثقافي و الاجتماعي ؟
س 2 – و ما الآليات التي يمكن الاعتماد عليها لترجمة هذا المفهوم على أرض الواقع ؟
و هنا الأجوبة :
ج 1 – في الحقيقة عند مقاربة مفهوم المواطنة أدعو للانطلاق من نقطة النهاية في أية مقاربة مقترحة لهذا المفهوم , أي من النتيجة , فأنا أعتقد أن المطلوب هو مفهوم مواطنة يشمل كل إنسان يعيش و يشارك الآخرين هذه الأرض , مفهوم يمنحه الحق في إدارة شؤون حياته و نقاشها بحرية . نظريا يمكن ترجمة هذا الكلام للتأكيد على المساواة الفعلية بين كل السوريين دون أي اعتبار لأي فروق بينهم . إن القضية بالفعل كما يقترح السؤال الثاني هي في الممارسة اليومية و ليست في القوانين أو الدساتير التي طالما أبقتها الأنظمة حبرا على ورق…
ج 2 – أعتقد بالفعل أن موقف الجزء الأكبر من المعارضة السورية من مطالب الأكراد السوريين لم يكن تعبيرا عن إيمان فعلي و عميق بعدالة هذه المطالب أكثر منه محاولة للملمة قوى المعارضة على اختلاف أهدافها في مواجهة الخصم المشترك . يجب أن نذكر هنا أن الشكل الفوقي للحوار بين أطياف المعارضة العراقية قبل سقوط نظام صدام كان صورة مسبقة عن المحاصصات التي قام عليها النظام بعد صدام بين النخب التي اعتبرت نفسها ممثلة للجماعات العراقية الطائفية و القومية , و قامت هذه المحاصصة بدورها على مساومات فوقية و موازين قوى اعتمد أساسا على توازن القوى داخل الأجهزة الأمنية الناشئة ( الذي أصبح يميل بشكل واضح لصالح قوى الائتلاف التي هيمنت على الحكومة ) و درجة تدخل المحتل الأمريكي و ضغوطه على هذا الطرف أو ذاك . إن البديل عن كل هذا أو عن “حوار” نخبوي تمارسه النخبة المعارضة بين أطرافها و مع النظام ربما , و قبل كل شي لأسباب تتعلق بالموقف الفعلي من السلطة و علاقتها بالناس و المجتمع و من الإنسان نفسه و مفهوم و حدود حريته في نهاية المطاف , هو في حوار يقوم بين كل السوريين من الأسفل , على مستوى الشارع , من المؤكد وجود الكثير من العقبات في وجه حوار كهذا , فالنظام مثلا استخدم العرب في الحزام الذي أنشأته الأنظمة المتعاقبة ضد الأكراد أما العلويون الذين لم تتوقف محاولات النظام لاستدراجهم كي يشكلوا مادة لمؤسساته و أجهزته مخوفا إياهم من الأغلبية السنية و غلبة التوجهات الإسلامية و ربما كان هذا القلق أيضا يساور الأقليات المذهبية الأخرى , يجب أن نذكر هنا أن إعلام النظام يحاول أن يقلب الأمور رأسا على عقب و أن يعتبر أن قمع النظام و أحاديته هي ما يمنح سوريا اليوم علاقات “مستقرة” بين طوائفها و قومياتها المختلفة , إن هذا “الاستقرار” القائم على قمع الجميع لصالح النظام هراء , إن قمع النظام و الشكل الشمولي القمعي لمحاولته المزعومة تحديث البنى الاقتصادية و الاجتماعية و الفكرية و تدميره لكل أشكال حماية الفرد التي تضطره للعودة إلى القبيلة – الطائفة بحثا عن شيء من الدفاع في مواجهة تغول مؤسساته و أجهزته على البشر العاديين , هي في الحقيقة مصدر التوتر الخفي و الكراهية التي يستفيد منها النظام و يجيرها لصالحه , تماما كما يمكن لقوى أخرى أن تستفيد منها في ظروف مختلفة لتعيد إنتاج قهر البعض للآخرين و لتعيد إنتاج صورة أخرى عن القمع و القهر الموجهين ضد الآخر في العلن و ضد الجميع في حقيقة الأمر , هناك في الحرية شيء ما يستفز بعض القلق , قلق الإبداع و المسؤولية , قلق الحياة , بينما جمود العبودية أشبه بجمود الموتى و تلبد المشاعر , على الناس العاديين في القاعدة أن يبدؤوا مرحلة جديدة من التفكير الحر الذي لا يقبل تابوهات التحريم المتعلقة بأية سلطة فعلية أو مفترضة , و أن يبدؤوا حوارا حرا مع الآخرين لتفهم تعطشهم للحرية مثلنا , إننا جميعا في سجن كبير و يتلاعب بنا الجلادون لكي نبقى دوما مساجين محرومين من حقوقنا بل و مستعبدين بالكامل و علينا أن نجد طريقنا خارج قضبان هذا السجن معا……
خاص – صفحات سورية –

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى