المفكر نصر حامد أبو زيد يتهم “البترو دولار السعودي”
دعا المفكر المصري حامد أبو زيد المسلمين إلى العمل مجددا على استعادة ارث المصلحين الدينيين في القرن التاسع عشر, والبناء عليها للخروج من الحالة الراهنة للإسلام.
ورأى أبو زيد أن “الإصلاحيون السابقون يرغبون في تحديث الإسلام بدلاً من أسلمة الحداثة كما يريد الإسلامويين المعاصرون. فأولئك لا يرون أي تعارض بين الإسلام والحداثة”.
وقال المفكر المصري أن الاسلام الذي يعرفه لا يمس بصلة للاسلام المنتشر حاليا ,قائلا أن الاسلام الحالي يفتقد للبعد الروحي.
وجاء كلام المفكر الذي تعرّض سابقا للتكفير نتيجة أفكاره التنويرية خلال محاضرة قدمها في أمستردام, حيث قال أنه تفاجأ بموجة الأسلمة الجديدة التي ضربت المجتمع المصري والعالم العربي, معيدا ذلك إلى نفوذ البترودولار القادم من المملكة السعودية، إذ يقول: ذهب الكثير من العرب إلى دول الخليج لأسباب اقتصادية ثم عادوا متأثرين بالمذهب الوهابي وكانوا يفكرون كما يلي هؤلاء الناس أثرياء لأنهم مسلمين جيدين. ومنذ ذلك الوقت أصبح الدين هو الإطار المرجعي الوحيد في المجتمع المصري. لقد أصبح كل المجتمع أكثر إسلاموية.
وتابع أبو زيد قائلا:” المساجد ممتلئة، بدأت النساء يتحجبن، مؤسسات الدولة أصبحت أكثر ‘إسلاماً‘. لكن كل كذلك لا يعدو كونه تديناً يفتقر إلى البعد الروحي، خال من أي روح. “في نفس الفترة استشرى الفساد. يذهب الناس إلى المساجد، لكنهم عندما يغادرونها إلى الشوارع يكذبون ويغشون”.
ولم يبرأ أبو زيد السلطة والمعارضة مما يحصل إذ قال أن السلطة والمعارضة في منافسة محمومة لتثبت كل واحدة أنها أكثر ‘إسلاماً‘ من الأخرى. “وفي محاولاتهما لإسكات الآخر، أصبحت تهم التكفير ممارسة يومية
ورأى أن الدولة متناقضة في توججها إزاء الدين. فالدستور المصري ينص على أن الشريعة الإسلامية هي المصدر الرئيسي للتشريع. وفي ذلك الإطار، فإن الحقوق الديمقراطية، التي يضمنها الدستور نفسه، لا تعدو كونها مجرد كلام فارغ من أي محتوى. لا توجد مساواة بين المواطنين، ويقول: “الذين لا يتبعون الدين الرسمي للدولة، أقل مكانة, والأقباط لا يحصلون على حماية الدولة. كذلك لا وجود للحريات الشخصية أو لحرية الاعتقاد الديني أن يغير أحد الناس دينه، فهذه كارثة، والتفاسير البديلة للنصوص الدينية تُواجه بتهم الهرطقة والتكفير، أما الفنون والآداب، فيتم حظرها باعتبارها تجديف”.
وعما يمكن أن يقدمه الغرب للاسلام كي يتطور قال أبو زيد : ‘أتركونا لوحدنا لأن الدعم الغربي المباشر للتجديد الإسلامي لن يقدم إلا الانتقاص من شرعية هذا التجديد. ربما يكون أفضل شيء تقدمه الدول الغربية.
وقال ابو زيد أن أفضل ما يمكن أن تقدمه الدول الغربية هو زيادة منحها الأكاديمية للطلاب من الدول الإسلامية لدراسة العلوم الاجتماعية والإنسانية في الجامعات الغربية. ذلك لأنه يعتقد أن تعلم المناهج النقدية سيقودهم تلقائياً إلى فهم دينهم بطريقة حديثة وتاريخية تأخذ ما هو جوهري من التاريخ.
وختم زيد بالقول: لا تنسوا أن رواد التحديث الإسلامي قد درسوا في الغرب. فقد جمعوا بين المعرفتين الحديثة والتقليدية.
ويذكر أن نصر حامد أبو زيد مفكر مصري اسلامي مستنير , قدم دراسات وأبحاث استخدم فيها مناهج البحث التاريخي الحديث على النص القرآني, مما أدى إلى اصطدامه بالسلطات الدينية التي اتهمته بالردة التي عقوبتها الاعدام, مما دفعه للسفر إلى هولندا يعمل حالياً أستاذاً للعلوم الإنسانية بجامعة أوتريخت منذ 12 عاما.