سعدالله ونوس في ذكرى رحيله
بول شاوول – المستقبل اللبنانية
عشر سنوات مرت على رحيل الصديق المسرحي الكبير سعدالله ونوس (عام 1997). عشر سنوات مرت، وكأنها هنيهة. ذلك ان حضور ونوس الساطع من الصعب أن يتغيّب، أو أن يتلكأ، أو يسطع، في هذه الأزمنة الصعبة، القاسية، وفي هذا الانحدار المرعب للثقافة، وللحداثة، وللتنوير، وللمسرح. كأنه كان آخر الشهود، أو آخر اللحظات التي تجمع بين زمن كثيف بمغامراته وآلامه ومواجهاته وصراعاته وبين زمن مرخىً تحول فيه كثير من الكتّاب والمثقفين ما يشبه توابع السلطة، أو رهائن السلطان، أو أقله من تواطؤ السكوت، أو الجبن، أو التنكر. وكم افتقده سعدالله ونوس في هذا الزمن الملتبس، حيث تحوّل فيه التنويريون الى ظلاميين، أو الى مستتبعين بالظلاميين، والديموقراطيون الى ظلال للاستبداديين، والعروبيين الى أشباح منصوبة فوق الاجتياحات التي تهدد العروبة ولغتها وانتماءها وامتداداتها كمشروع حضاري، كنيز القيم، والأفكار والمستقبلية، والاتصال بالانسان وشروطه، والعالم العربي وأمراضه، والسلطة وطغيانيتها. صحيح أن ونوس، مثلنا ومثل كثيرين، عاش أزمنة الهزيمة الرافلة باحتفالات الانتصار الحزبي، أو الايديولوجي، أو حتى الالهي، لكنه كان، الى كل ذلك، زمن المواجهة. زمن أن ينتصب الكاتب والشاعر والمفكر ويقول “لا”. ونوس عندما رحل فقدت هذه “اللا” كثيراً من طاقتها وفاعليتها، إزاء خضوع الجموح والنخب والكتّاب الى ما هو سائد من الاستبداد، والفساد، والقمع، وإزاء إنجرارهم خلف اغراءات السهولة والابتزاز والتنازل والتواطؤ والاستهلاك.
اليوم وفي هذه الذكرى العاشرة لرحيله، نستذكر صداقة طويلة، صداقة انسانية، ورفقة “سلاح” في الثقافة والمسرح والكتابة والتحديث والرفض. نستذكر وجهاً صافياً على عمق الاعتمالات الداخلية، بسيطاً من قوة انتمائه الواضح، حزيناً من فرط ما أكب شاهداً على عصر، وشهيداً حياً على كسوره…
عشر سنوات يا سعدالله، لتترك محبيك ورفاقك، وقضاياك، وأعمالك، وكتاباتك، وصداقاتك… تتركها، وترحل، ويحز فيك، أن ينهشك، في غيابك بعض الكتبة، وصغار الأجهزة، وعديمو المواهب، وخليو القضايا… والالتزام.
نستذكرك: تلك الابتسامة التي ما ان ترتسم على وجهك، حتى تتسع بطفولات خبيئة، كنيزة حواسك وأفكارك.
نستذكرك: ذلك الهدوء المعتمل بصخب الغضب، والرفض، والازدراء، والاحتقار… والملتهب بذلك الحنان الشاسع، البلاحدود، والبلاحصر، إزاء المتهورين، والمتموعين، والضعفاء، والمذلولين، من قبل أهل الاستبداد، والتجبر، من قبل صنّاع هزائمنا… اليومية بكل صلف وجنون ودموية.
وسعدالله ونوس، عبر تجاربه الفكرية والسياسية والمسرحية، هو مشروع متشعب، ومركب. ولهذا من الصعب جداً الفصل بين أعماله المسرحية وبين أفكاره، بين أفكاره وسلوكه. ذلك أن ونوس الذي دفع ثمن هذا الانسجام غالياً، عرف أن الالتزام لا يمكن أن يكون التزاماً إلا إذا اكتملت عناصره الفكرية والانسانية والسلوكية. نقول ذلك لأن الازدواجية بين هذه العناصر باتت ظاهرة عند مثقفينا: فما يكتبونه منفصل عما يفكرونه وما يفكرونه منفصل عما يمارسونه، بحيث أدى هذا التمزق الفردي والجماعي الى تمزق في جسم الابداع، والثقافة عموماً. ولهذا يمكن القول ان ونوس هو ظاهرة باتت نادرة أمام ما يرتكبه المثقفون من فصامات مستمرة، ومن خيانات، ومن تنازلات. ذلك أنه بقي يفعل في كتابته، ويطور آفاقها، لأنه بقي مرتبطاً أولاً وأخيراً بمشروع التنوير العربي.
ولهذا لا يمكن فصل “مشروع” سعدالله ونوس الكتابي والمسرحي عن الزمن التنويري. أو النهضوي. ولنقل الحداثي بالمعنى المتقدم والمستقبلي. وهذا ما نجده كذلك في كتاباته السياسية ومقارباته النقدية وبياناته المسرحية. وكنا نحس أنه كلما اهتز هذا المشروع التنويري ـ الحداثي ـ التغييري بفعل الهزائم وتراجع المناحي التغييرية وتقدم ظواهر القمع والتخلف واللاعقلانية والتسلط والظلم والاستهلاك، بقدر ما كان ينعكس ذلك على توجه لغته ومضمونها وبنيتها… بل وعلى ونوس شخصياً. فكأن سيرته الخاصة والكتابية وسيرة الواقع حوله في علاقة يومية وفكرية حميمة وعميقة. فالكتابة بقدر ما كانت مرآة لما يجري حوله كانت نافذة أيضاً. كانت مدى.
فالمسرح إذاً. على ما تعرض له من انتكاسات تشبه انتكاسات الحياة والواقع. بقي ضمن هذا المشروع. كمكان ربما أخير للاختلاف وللصراخ والتوغل في صميم التناقضات والملابسات والتطهر والشحن والكسر مع كل ما يعيق التطور والحياة. من هنا لا يمكن الكلام على مراحل عند ونوس إلا باعتبارها مرحلة متساوقة في بواطنها وتجلياتها. لا فترات ومواقف تنقض الواحدة الأخرى. فونوس ليس “مفجر” مراحل بالمعنى الشائع للحداثي. وليس مفجر تجريبيات متلاغية. وليس مستبدل لغة بلغة. فأعماله تشبه النهر المتدفق الذي إن أخذ شكل المسافات التي يقطعها وألوانها وهبوبها فانه يبقى في حركته الأولى متوجهاً الى مصيره الأخير: الناس والتواريخ. وهذا يعني أن مسرحه لم يكن مجرد اختبار معملي للتشاكيل والأفكار المجردة أو الجماليات بقدر ما كان يحمل وظيفة ومعنى ومدى ودوراً تتلخص بتغيير الواقع ومحاولة نقله من مواقعه الجامدة الثابتة الى مواقع متقدمة. وهذه الوظيفة الحيوية الاجتماعية ـ السياسية ـ الفكرية لازمت أعماله كلها منذ نبراتها الأولى الى انجازاتها الأخيرة.
المراحل
على أننا، وربما اصطلاحاً، وارتباطاً بهواجس التعبير المسرحي وأشكاله عموماً يمكن أن نتكلم على أربع “مراحل” عرفها المسرح الونوسي وسنحاول قدر الامكان وضمن الحيّز المتاح مقاربتها.
1 ـ المرحلة الأولى التي نعتبرها محاولة البدايات. المتلمسة درباً. وانخراطاً في اللغة المسرحية. وتعرفاً إليها. وتمثلت في كتاباته المسرحية القصيرة التي كتبت ما بين 1962 و1965 وهي “مأساة بائع الدبس الفقير”. “الرسول المجهول في مأتم أنتيجونا”. و”جثة على الرصيف”. و”الجراد”. و”المقهى الزجاجي”. ولعبة الدبابيس”. و”فصد الدم”. هذه المرحلة قال عنها ونوس “كنت أكتب مسرحيات للقراءة. وليس في ذهني أي تصور لخشبة المسرح. وكما يقول الناقد المصري فؤاد دواره “تعبّر هذه المسرحيات عن حالات القلق النفسي والفكري كانت تصطرع في النفس وذات طوابع ميتافيزيقية ورومانسية ووجودية)” مجلة الهلال. (وعن هذه المرحلة يقول الناقد السوري نديم معلا محمد “استغراق في الذهنية” بمعنى التوجه الى القارئ أكثر من توجهه الى المتفرج. فاللغة مغرقة في الشعرية التي لا تسجل الفعل بقدر ما تصفه وكأن جمالية الكلمة هي الهدف لا توظيفها الدرامي. حيث نقرأ مونولوجات طويلة ـ سردية. ففي “الرسول المجهول في مأتم أنتيجونا مونولوجات طويلة كمونولوج حسن في النهاية)” الأدب المسرحي في سوريا. ص (188).
ولعل ذلك جعل كتابته “أقرب الى الرواية”. فجنحت نحو السرد “وتعزز الجانب الخطابي في الشخصيات…”.
على أن هذه الأعمال المتلمسة الدرب الأول تتحرك فيها. رغم تجريديتها. وفرديتها. وذاتيتها. احتجاجية تزدوج فيها المناحي الميتافيزيقية والسياسية. فلنقل انها مرحلة الكاتب ـ الشاعر الذي يتعامل مع النص كمادة تقرأ. أو كمادة تعبر عن حالات خاصة أكثر مما تندرج في خطابها الدرامي المركب.
حفلة سمر
من هذه الحركة المفتوحة بنبراتها الاحتجاجية الحادة. يدخل ونوس في “حفلة سمر من أجل 5 حزيران” الى عالم آخر من الكتابة. الكتابة ـ الشغوبة. أو الكتابة ـ العرضية. أو الكتابة الارتجالية بمعناها الفردي ـ الجماعي. نكسة 5 حزيران هزت ضمير العالم العربي، بكتّابه ومثقفيه وناسه. وكانت أو كانت ستكون نقطة فاصلة بين زمنين.
في هذه المرحلة الحاسمة كأنما انتقل ونوس من الكلمة الاحتجاجية الأدبية. الى الكلمة الفعل. وها هو يقول: “كنت أطمح الى انجاز “الكلمة الفعل” التي يتلازم ويندغم في سياقها حلم الثورة وفعل الثورة معاً. “إذ” لم يكن ـ كما يقول ونوس أيضاً ـ دور الشاهد وحده يستوعب حدود الفعالية التي أتوخاها. لكن المناضل الذي أريد أن يكونه ليس في النهاية سوى كاتب فعله الكلمات“.
“حفلة سمر من أجل 5 حزيران” شكلت “الصياغة البدئية لمسرحه الملتزم” كما يقول فاروق عبد القادر (الطليعة، 1970)، وكذلك “نقطة التحول الأساسية الرائدة في المسرح الواقعي” كما يقول يوسف عبد المسيح ثروة (مجلة المسرح والسينما. بغداد، 1972). فما الذي أضاف ونوس في عمله هذا؟
إنه حجم الهزيمة التي أصابت العرب في 1967 كان لا بد من أن تستخدم للتعبير عنها وسائل جديدة. أو على الأقل وسائل يمكن أن تستوعب جوانبها وتفجراتها وخيباتها.
حاول ونوس قراءة نقدية للنكسة من وجهتي نظر الجمهور والسلطة. وتالياً إشراك المتفرجين في الرأي ووجهة النظر. فلجأ الى الأسلوب الارتجالي الذي يذكر بالمنحى البراندلوي ولا سيما في مسرحيتيه “ست شخصيات تبحث عن مؤلف” و”لكل طريقته” ليلعب لعبة “المسرح داخل المسرح”. وليمزج في هذه اللعبة البريشتي وكسر الايهام المسرحي. وتحطيم الجدار الرابع. عبر إلغاء الحدود الفاصلة بين الخشبة واللغة. بين الممثلين والجمهور. من دون أن ننسى العبرة التعليمية البريشتية في النهاية. وكذلك الاتجاه التسجيلي الذي استعان به بيتر فايس في “اختياره الملائم من المواقع” لخدمة الفكرة الرئيسية في المسرحية.
هذا العمل الذي أثار ضجة كبيرة أثناء تقديمه وبعده. وشكل خطوة جديدة لونوس وللمسرح العربي. نقل كاتبنا من مرحلة الفكر العبثي ـ الوجودي الى “بصمات الفكر العلمي التي ظهرت واضحة في مسرحيته خلال تأثره بفايس وبيسكاتور وبريشت وبيراندللو.
على أن البعض رأى فيها. رغم ريادتها. مسرحية بطلها الحدث الكبير. وهالتها المناسبة، على حرارتها. وكسرها وقوة خطابها. وعلينا أن ننتظر تطوراً آخر في الرؤيا الونوسية لا ينفصل عن مناخ هذه المسرحية ولكن يبلور الخط الدرامي في اتجاه الملحمية البريشتية.
ونظن أن ونوس في هذه “المرحلة” الثالثة يصفي أدواته المسرحية في اتجاه اللعبة البريشتية الخالصة. لكن من دون أن تمس خصوصيته. ولا لغته. ان هذا التشابه الكبير بينه وبين بريشت يتصل أولاً بوظيفة المسرح الاجتماعية وثانياً بالأسلوب الفني المركب سواء في التعامل مع التحولات أو مع المتفرج الذي يهدف المسرح الى “تعليمه” وأحداث تحولات جذرية في وعيه ليتخذ موقعاً “بارداً” و”عقلانياً” مما يدور حوله.
يقول زهير حسن “لا نستطيع الكلام على مسرح ونوس من دون العودة الى بريشت وذلك عبر التحام الأول بالثاني التحاماً يكاد، لولا بعض الخصوصية في الفن، يكون تاماً (“الملك هو الملك ومسرح المرأة. الآداب. اب. 1978 ص92).
هذه الحلقة المترابطة الأخرى بعد “حفلة سمر” تضم أربع مسرحيات أساسية عند ونوس “الفيل يا ملك الزمان” (قصيرة). (ورأس المملوك جابر) “طويلة”. (سهرة مع أبي خليل القباني) “طويلة” (و”الملك هو الملك”) “طويلة“.
في “الفيل يا ملك الزمان” مسرحية “الخوف” و”الجمهور” المستلب. و”السلطة الغاشمة”. “فهذه المسرحية المستلهمة من حكاية شعبية تبرز كيف ان الرعب الذي يبثه فيل شرس يتجول في المدينة ويفتك بها لا يجد من يتصدى له. انه “فيل السلطان” في النهاية. الذي لا يبادر الى مواجهته سوى زكريا… رمز المواجهة الفردية غير المجدية حيث يقف بين الشعب والملك محرضاً على التحرك وانتراع الخوف. وفي هذه المسرحية تشجب الاحتفالية “بالجمهور”. الى درجة “إدانة الشعب” المتسم بسلبيته وجموده وخوفه. ويبرز فشل زكريا. والنهاية تعليمية “هل عرفتم لماذا تتكاثر الفيلة”؟ سؤال محرض لكنه حزين أيضاً…
من هذه الحكاية الشعبية الى “مغامرة المملوك جابر” استمرار في العمق وتطوير في الأدوات حيث يستخدم ونوس في مسرحه “التراثي” بعض أدواته كالحكواتي. وموضوعه المأخوذ من عصور الانحطاط. المليئة بالاضطرابات والفوضى والتسلط. وكأنه يريد أن يسقط هذا التاريخ على مرحلة ما بعد حزيران، 1967 فبعدما ركز على وضع الشعب في “الفيل يا ملك الزمان”. يتوجه هنا الى السلطة المنقسمة على نفسها عبر الصراع المستشري بين الوزير والخليفة. مبيناً كيف أن الانتهازي المتمثل بالمملوك جابر يتسلل عبر هذا الصراع. وان الشعب غير مبال. إدانة متعددة الجوانب. لا يلطفها سوى محاولة الرجل الرابع الفردية في دق ناقوس الخطر في هذا الواقع… لكنه إنذار غير مجد في حركة مفككة ضعيفة ومحاصرة.
“سهرة مع أبي خليل القباني” كأنها لحظة تصد هذه المرحلة البريشتية ـ التراثية بأخرى ملحمية أكثر تجلياً في “الملك هو الملك” الذي يعتبرها البعض العمل الأكثر بريشتية. لكن الأنضج. والأحدّ. حيث يبدو فيه ونوس “أكثر تفاؤلاً” بفاعلية الشعب.
“الملك هو الملك” تعبر في النهاية عن أن التغيير لا يتم عبر شخص ولو كان من الطبقات المسحوقة. كما حصل عندما لعب أبو عزة دور الحاكم فصدق ولم يكن أفضل منه. لا في علاقاته ولا في ممارساته.
نظن أن هذه المسرحيات التي ذكرنا تشكل نوعاً ما الزمن البريشتي “الأخصب” عند ونوس. وتتميز بحس نقدي لا يقتصر على الحاكم وإنما يطول الى “الشعب” والمثقفين والثوريين. بانوراما نقدية جذرية وشاملة. استغل ونوس فيها التراث. أو التاريخ أو الحكاية الشعبية. ليقول الحاضر. تبقى المرحلة الرابعة التي يتجاوز فيها ونوس كثيراً من اللعبة البريشتية كما تجاوز في بداياته تسجيلية بيتر فايس وارتجالية براندللو وقبلها التجريدية والذهنية.
تكرس سعدالله ونوس في هذه المرحلة بأنه كاتب عرض مسرحي لا كاتب مسرحية للقراء. أو حالات مسرحية شعرية أو بوحية أو ذاتية.
المرحلة الرابعة يبدو وكأن سعدالله ونوس تجاوز فيها كثيراً من البناء الملحمي الذي توج في “الملك هو الملك” وخرج الى لغة أكثر تراجيدية وشراسة وداخلية. من دون أن يتخلى عن المادة التراثية “الطقوس والاشارات”. ولا عن النبرة المحرضة “ملحمة السراب”. ففي الأولى كأنه في سقوط شخصياته المتدرج أو السريع مناخ شكسبيري واعتمالات داخلية وتمزقات وتناقضات. وفي “ملحمة السراب” صورة المجتمع الذي يفترسه المال ورجاله ويفكك أواصره بنوع من المعاهدة الفاوستية مع الشيطان.
أما النص الذي اعتبره “نص نصوصه” فهو “رحلة في مجاهل موت عابر” الذي يروي فيه فصول مأساته الخاصة ويطل على حياته وطفولته بشفافية وحنين وصفاء. وكأن ونوس في تلك اللحظات المنعزلة ينزع عنه كل الأقنعة ليتقدم بلغة شعرية نافذة بكل عريه وكسوره.
إنه النص الذي أظنه توّج به هذه المرحلة الطويلة من النضال والكتابة والألم.