شيوخ الإرهاب في دمشق
ثائر الناشف
ليس غريباً أن يستضيف النظام السوري ، بوصفه نظاماً “ممانعاً ” ومائعاً في ممارساته السياسية ، بحسب المناخ الإقليمي والدولي ، لما يسمى بمؤتمر الأحزاب العربية .
هذا المؤتمر الذي لم يجد رواده الدائمون ومنظموه من مكانٍ لعقده ، سوى في ربوع دمشق التي باتت مربطاً لكل المتاجرين بقضايا العروبة والإسلام باسم “الممانعة” و
“المقاومة”، وتحت شعار ” قلب العروبة النابض” و” آخر قلاع الصمود العربي”.
كما ليس مهماً ما قاله شيوخ المؤتمر من خطب ومواعظ رنانة ، لأن جلهم من أرباب السوابق في هكذا مؤتمرات ، أي من وجوه عروبية وإسلاموية أكل الدهر عليها وشرب ، لدرجة أن بعضها انعدم وزنها واتزانها داخل بلدها الأم ، خصوصاً بعض الشخصيات الإسلاموية التي أمعنت في تطبيق مقولة ” إذا لم تستح فافعل ما شئت ” وهي بحضورها وخطابها التحريضيين تمعن أكثر من غيرها في رفع لواء المتاجرة عالياً بحق أصحاب القضية في فلسطين ، ولا تستح من فعلها الأسود ، وهي ترى شعباً عربياً قبل أن يكون مسلماً ، مستباحاً في تراثه وتاريخه وحتى بانتمائه المذهبي ، ونقصد الشعب السوري الذي أضافها واستضافها مكرهاً بفعل جبروت التسلط وطاغوت الاستبداد الذين مارسهما نظام الحالة الطارئة في تاريخ الدولة السورية .
إذن ، ما يهم النظام السوري في اعتقدنا من هكذا مؤتمرات فلكلورية ، إضفاء المزيد من الشرعية الزائفة على شرعيته “الثورية” الزائفة أصلاً ، وهو قد نجح فعلاً في الحصول على ما يبتغيه شعبوياً وقطرياً ، بغرض إظهار نفسه بصورة النظام المضياف للأحزاب العربية ، وهو نفسه من ألغى الأحزاب وحجمها في جيبه الضيق ، أو لنقل جعلها تحت الطلب ، بما يترتب على ذلك كله ، قتلاً للحياة السياسية في سورية .
ولعل السؤال الأساس الذي يطرح نفسه بإصرار، هل ثمة أحزاب عربية على شاكلة الأحزاب الأوروبية ؟ إذا كان الجواب بالنفي القاطع ، فلماذا هذه المظاهر الخادعة ، أليس من العار أن يشارك المهرجون العرب والمشعوذون باسم الإسلام ، في هكذا مؤتمرات لا بل في مؤامرات ، والسجون السورية تكتظ بمعتقلي الرأي والضمير ، وجبهة الجولان لازالت خامدة منذ ما يزيد عن ثلاثين عاماً ؟.
والغريب حقاً ، أن نسمع نداءاتهم الممجوجة وصرخاتهم المشروخة ، برص الصفوف نحو ” المقاومة ” والتحرير ، فيما الإنسان السوري بحاجة إلى مَن يحرره من ربقة التمييز الاجتماعي والتهميش الطائفي قبل التفكير في تحرير الأرض .
ليس معيباً أن يشارك المحازبون العرب في مؤتمراتهم الهزلية ، إذا ما احتوت على ” لحسة إصبع” في كل عام وموسم ، لكن من المعيب أن يطلق بعض الشيوخ والملتحين ومن لف لفهم العنان لتزلفهم وتملقهم لما يسمى لقلعة ” الممانعة” ، فما قولهم بمشروعية المقاومة والدعوة إليها في حضرة مَن يعتاش على مصائب الآخرين ونوائبهم ، إلا مزيداً من التحريض على العنف والإرهاب ، الذي لا يدفع ثمنه سوى الإنسان البريء ، في كلا الحالتين .
الحوار المتمدن