سورية: الحكومة تنتصر على البرلمان وتقرّ صيغة دعم المواطنين بالطريقة التي ارادتها
دمشق ـ القدس العربي ـ من كامل صقر ـ اقر البرلمان السوري قانون توزيع الدعم المالي على السوريين كبدل نقدي لرفع الحكومة اسعار المحروقات، وذلك في جلسة استمرت ست ساعات ووصفتها بعض وسائل الاعلام السورية بـ “العاصفة”.
ونص القانون على توزيع مبلغ يزيد عن 200 دولار امريكي كبدل لرفع الحكومة اسعار مادة المازوت لكل اسرة سورية تنطبق عليها شروط الحصول على دعم الحكومة وهي قائمة شروط وصفها المراقبون بانها مرهقة ومعقدة وتحتمل تزويرا والتفافا في اكثر من جانب ونُقل عن برلمانيين سوريين خلال جلسة اقرار القانون المذكور قولهم انه كان بامكان الحكومة السورية القيام باجراءاتها في توزيع الدعم دون الحاجة لاستصدار قانون يقره البرلمان ولكنها (الحكومة) بحثت عن جهات تشريعية كالبرلمان تقاسمها وزر هذا التأخير غير المبرر في توزيع الدعم.
واعتبر المراقبون ان الفريق الاقتصادي للحكومة السورية انتصر على اعضاء البرلمان الذين حاولوا ثني الحكومة عن رغبتها باقرار الدعم بالطريقة التي اقر بها وفشل البرلمان في التصدي للحكومة كما يحصل في كثير من القرارات المعيشية عادة، وكان خلاف شديد بين الحكومة السورية التي يرأسها ناجي العطري واعضاء في البرلمان السوري قد نشب خلال الاسابيع الماضية حول اليات الحكومة لتوزيع الدعم المتعلق بالمحروقات على السوريين.
وسعى هؤلاء البرلمانيون لتغيير طريقة الدعم الجديدة التي تسعى الحكومة لاقرارها والمتمثلة بتوزيع بدل نقدي على العائلات السورية تعوض الفارق في ارتفاع اسعار مادة المازوت ويسهل عليها التزود بهذه المادة الضرورية خلال فصل الشتاء الحالي وواجه عبد الله الدردري النائب الاقتصادي لرئيس الحكومة والذي يعتبر ابرز مخططي السياسات الاقتصادية السورية الحالية اعتراضات كثيرة داخل البرلمان السوري لثني الحكومة عن خططها الجديدة والعودة الى دعم المواطنين السوريين سعريا من خلال تخفيض اسعار المازوت كما كانت سابقا بدل توزيع مبالغ نقدية.
الجدير ذكره ان الفلسطينيين المقيمين في سورية اقامة دائمة والمسجلون في سجلات الهيئة العامة للاجئين الفلسطينيين العرب ويحملون بطاقة عائلية خاصة بالفلسطينيين يعاملون معاملة الاسر السورية، واستهجن كثيرون القائمة الطويلة للشروط التي تسمح للاسر السورية بالحصول على الدعم المادي وقالوا ان اثبات تلك الشروط بشكل موثق من رب الاسرة يكلف من الجهد والوقت والمال ما يزيد عن قيمة الدعم الذي ستحصل عليه الاسرة.
وتقول الحكومة ان تهريب الاف الليترات من المازوت السوري يوميا الى دول مجاورة ابرزها تركيا ولبنان السبب وراء رفع الحكومة السورية اسعار المحروقات وهي المادة الحيوية التي شكل دعمها حكوميا (عبر اسعار مخفضة) ابرز معالم النظام الاقتصادي السوري على مدى عقود، لتقفز اسعارها لعدة اضعاف بقرار حكومي علله الفريق الاقتصادي بهدف منع تهريب المحروقات عبر توازن اسعارها بين سورية والدول المجاورة، ثم ليدفع المواطن السوري ضريبة القرار عبر سياسات دعم لم تثبت الى الآن بدل منع التهريب ومكافحة شبكاته النافذة وذلك حسب كثير من المختصين في الشأن الاقتصادي.
القدس العربي
مجلس الشعب يخذل السوريين !!
علي عبود
لسان حال السوريين هذه الأيام الماضية يردد بغضب مشوب بالإحباط : لقد خذلنا مجلس الشعب !
لقد انتظرالسوريون من مجلس الشعب ردّ مشروع قانون المازوت لا إقراره بصيغته الحكومية التي ستحول غالبيتهم إلى متهمين حتى يثبت العكس !
وكان بإمكان المجلس منذ اليوم الأول لدورة تشرين أن يطلب رئيس الحكومة لمناقشته في جلسة خاصة حول أنجع السبل لإيصال المازوت المدعوم إلى المستحقين .. لكنه لم يفعل !
وكان بإمكان المجلس أن يشكل لجنة منذ مطلع الصيف لإعداد تقرير يتضمن توصيات بأفضل الوسائل لتوزيع المازوت المدعوم ومناقشته بحضور الحكومة .. لكنه لم يفعل .. !
وكان يجب على مجلس الشعب بعد مناقشته للنائب الإقتصادي عبد الله الدردري والوصول معه إلى طريق مسدود حول كيفية توزيع المازوت المدعوم أن يكلف لجنة خاصة تضم عددا من الإعضاء الضليعين بالقانون وممثلين عن اتحاد نقابات العمال لإعداد وإقرار قانون ملزم للحكومة يتضمن آلية مريحة وسريعة لإيصال المازوت المدعوم إلى مستحقيه قبل فصل الشتاء .. لكنه أيضا لم يفعل .. !
ولأنه لم يفعلها فإن السوررين غاضبون ومحبطون لأن مجلس الشعب خذلهم ووقف مع الحكومة !
لقد أعطت الطريقة والسرعة اللتان أقر بها مجلس الشعب لمشروع قانون توزيع مبلغ الدعم النقدي لمادة المازوت لمستحقيه إنطباعا بأنه ليس أكثر من جهة تابعة للحكومة ينفذ رغباتها حتى لو عارضتها أقلية من اعضاء المجلس .
لايهم المواطن ماجرى من نقاش ( ساخن ) في الجلسة التي أقر بها مشروع القانون تحت شعار ( الدفاع عن المواطنين محدودي الدخل ) .. مادامت النتيجة واحدة وهي إقرار المشروع كما ورد من الحكومة !
وكان المواطن يفضل نقاشا ( باردا ) وهادئا لكنه يؤدي إلى رفض المشروع أو تعديله جذريا لصالح المستحقين الدعم !
ويبدو أن تنسيقا مسبقا جرى بين رئيسي الحكومة ومجلس الشعب المهندسين محمد ناجي عطري ومحمود الأبرش لتمرير مناقشة وإقرار مشروع قانون توزيع مبلغ الدعم النقدي لمادة المازوت لمستحقيه في الدقائق الأخيرة لجلسة يوم 17 / 11 / 2009 .. وهذا ماحصل .. !
وإذا كان بعض الأعضاء أكدوا أن التعهد الذي نص عليه القانون وتعليماته التنفيذية ظالم ومجحف بحق المواطن لأنه سيتحول بعد توقيعه للتعهد إلى مجرم .. فلماذا أقره مجلس الشعب ؟
لقد كان واضحا منذ أشهر أن رئيس الحكومة يسعى إلى تقليص عدد المستفيدين من المازوت المدعوم إلى أقصى حد ممكن .. وقد نجح في مسعاه إلى ابعد الحدود وبموافقة مجلس الشعب !
لقد سبق وأعلن المهندس عطري أمام مجلس الشعب في جلسة 31 / 3 / 2009 تخفيض سعر ليتر المازوت من 25 ل س إلى 20 ل س ليرة وبأن المعونة المالية التي ستقرر لاحقا لكل عائلة ستدفع على دفعتين سنوياً الأولى في الأول من أيلول القادم .. ومع ذلك لم يتحرك مجلس الشعب لسؤال الحكومة عن تأخرها بتوزيع المعونة المالية حتى الآن .. فلماذا ؟
كل مافعله انتظار ماسترسله الحكومة لإقراره .. ليس أكثر !
المثير والملفت للنظر في القانون الذي أقره مجلس الشعب ماجاء في المادة الأولى : ( يتم بقرار من مجلس الوزراء إجراء تعديل أسعار المشتقات النفطية ) ..
هذه المادة غير مسبوقة في تاريخ الحكومات السورية وتجعلنا نساءل : متى كان تعديل الأسعار تخفيضا أو رفعا من قبل الحكومة يحتاج إلى قانون ؟
المسألة ليست أكثر من تبرير للتأخير الذي حصل بتوزيع البدل النقدي للمستحقين فالحكومة تقوم على مدى السنوات الماضية بتعديل اسعار المشتقات النفطية والكهرباء والمياه والهاتف .. دون قانون !
وللتذكير فإن رئيس الحكومة نفسه أعلن أمام مجلس الشعب بتخفيض سعر ليتر المازوت فلماذا لم يسأله أحد أن ذلك مخالف ويحتاج إلى قانون !
ومنذ أيام قليلة قامت الحكومة بتخفيض اسعار الأسمدة دون قانون .. بل هي مع كل زيادة للرواتب والأجور تقوم دون إعلان في الصحف عن رفع اسعار الكثير من منتجات القطاع العام وأيضا دون قانون !
لن ندخل في تفاصيل قانون توزيع مبلغ الدعم النقدي لمادة المازوت لمستحقيه ، ولا في تفاصيل تعليماته التنفيذية فقد أصبحت معروفة ومنقوم عليها من قبل الجميع .. ولكننا نقول ونؤكد مجددا أنها اصبحت أمرا واقعا بفعل وهمة مجلس الشعب !
صحيح أن المواطنين لايعرفون أن الكثير من الأعضاء ناقشوا وعارضوا ودافعوا عنهم واقترحوا البدائل المناسبة والسهلة .. ولكنهم أيضا لايعرفون أن رئيسي الحكومة ومجلس الشعب هما المسؤولان الفعليان عن إقرار مشروع قانون توزيع مبلغ الدعم النقدي لمادة المازوت لمستحقيه بصيغته الحكومية !
والحق مع ذلك يبقى مع السوريين فهم يريدون مجلسا فعالا لاواجهة للحكومة لتمرير ماتريد .. يريدون مجلسا فعالا .. لامجلسا يخدلهم في أهم قضية لها علاقة يومية بحياتهم طيلة فصل الشتاء على الأقل !
كلنا شركاء