من سجن ديار بكر إلى سجن عدرا تولد الحياة
صلاح الدين بلال
عندما أشعل كاوا العصر ” مظلوم دوغان “( 1955 – 1982 ) النار في جسده النحيل في سجن ديار بكر ( آمد ) يوم 21 – آذار 1982 أنطلقت شرارة البداية لمرحلة تاريخية فاصلة من نضال الشعب الكوردي، و انبلج صباح جديد حمل بشائر من نور النضال التحرري، وبانت على الساحة السياسية الكوردية والمنطقة مظاهر لم يألفها الكورد، وحتى الاصدقاء والخصوم من تصاعد وتائر التضحيات التي توالت كمفردات تعجز عن البيان وأشبه بالمعجزات والأساطير .
ما أقدم عليه “مظلوم دوغان” يعني في حينه وفي مضامينه وتوقيته أكثر من حالة استنكار ورفض للظلم أو ردة فعل للخلاص من العذاب الوحشي الذي كان يتعرض إليه بجسده الضعيف ولكن بروح فولاذية من قبل جلاديه .
قبل استشهاده وأمام المحكمة العسكرية صرخ “مظلوم دوغان” في قاعة المحكمة يعلن ولادة مستقبل جديد للشعب الكوردي، تلك الصرخة ستصبح منارا للأجيال القادمة( برخودان جيانه ) المقاومة حياة.
إشعال “مظلوم دوغان” النار في جسده النوراني، مهد لنهوض جبال كوردستان من سباتها و كانت رسالة مفعمة بالنذير والبشير والجمرات المشتعلة في جبال جودي وزاغروس والتي هزت عروش الجنرالات الأتراك وذئاب الفاشية التركية المتصاعدة , وكانت بمثابة إعلان للنفير بين صفوف الشعب الكوردي يعلن بأن زمن الخنوع قد ولى وان مطارق” كاوا” والشرارة التي نفخ بها ” مظلوم دوغان” كانت بمثابة إشارة النصر لجموع المئات والآلاف من الشبان والشابات في الوديان والقرى والجبال المصارعة والمجابهة للظلم المخيم منذ عقود على سماء كوردستان .
اليوم وفي سجن” عدرا” المركزي بدمشق الذي يهيمن عليه نظام لا يمكن إن يمنح غير لقب ” نظام العار ” ثمة مشاعل ترفض إن تطفأ في صدورها نيران الهدايه الكوردية وروح الأمل لتنير لنا الطريق التي أعلنها ” كاوا الحداد” وأشعلها ” مظلوم دوغان ” .
أحرار سجن عدرا هم عنوان لربيع آتي بيد المئات من الشباب الكوردي ممن يحملون بساتين الأقحوان في بسمات وجوههم المطحونة بعرق الأرض ورائحة السنابل وطعم الزيتون وسمرة التراب المتسربل في عمق الذات وآهات السنين وخلاص المستقبل، هؤلاء الشموس يرسمون لنا غدنا اليوم فهل نحن أهلا لنرفع راياتهم ونلعن الظلام والساكت على الظلم ؟؟؟
منارات سجن ” عدرا ” يردون بالجوع والتحدي على تلك الأساليب المخزية من التعامل والإجراءات السيئة والقاسية المتخذة بحقهم وبحق شعبهم .
أحرار سجن عدرا يوقدون روح المقاومة وقيم التحول بالنيابة عنا جميعا، شعاراتهم هي ضد القهر والاضطهاد والظلم ولأجل الخلاص والحرية والديمقراطية والإنسانية للجميع ، أليست هذه شعاراتنا التي نرفعها جميعا… إذا… لماذا هذا الصمت وهذا التواطؤ على أصوات أحرار”عدرا”.!!! .
ولماذا يتم الالتفاف على روح المقاومة التي يبشرنا بها مبشري “عدرا ” من قبل من تمرسوا النحيب و المواء كفحيح الثعابين ؟؟؟ .
ثمة خيط رفيع بين الطهارة والنجاثه ، وثمة شق كبير بين الجسارة والجبن، وثمة فرق كبير بين من يزرع روح المقاومة وبين من يعلن عن جبهة الممانعة والمكايدة والمراوحة ، ثمة وطن بين احرا عدرا وسجناء المبادرات .. ؟؟؟
في النهاية لا بد إن يعلم من لا يعلم ؟؟؟ من فقهاء الظلم ومنشدين الظلام، إن الحرية وروح المقاومة لا يمكن إن تخمد لهيبها ونارها مهما طال الزمن، ومهما عبث المارقين، ومهما تنصل أصحاب المواعظ وأقلام الظل عن دورهم وواجبهم تجاه ما يدعون وما يكتبون، و جياع البطون والعقول ممن يطبل ويزمر في موائد حفاة الضمير وفي حضرة المشايخ وأصحاب المضافات ورعاة الكلام .
2009-11-27
خاص – صفحات سورية –