الدور الإيراني والعلاقة الإيرانية ـ السّورية

من أزمة الانتخابات إلى أزمة النظام

سعد محيو
“الصراع في إيران كان خلال الأسبوعين الماضيين يدور حول مسألة تزوير أولا تزوير الانتخابات. لكنه الآن يتمحور حول مستقبل النظام الإسلامي نفسه الذي يقاتل القائد الأعلى خامنئي بضراوة لحمايته. إيران أصبحت الآن “دولة أخرى” مغايرة تماما لتلك التي عرفناها قبل فترة قصيرة”.
هكذا رأت رولا خلف، مراسلة “فاينانشال تايمز”، المشهد الإيراني غداة عودتها إلى طهران ، بعد ان كانت جولتها قبل الانتخابات أقنعتها بأن كل شيء يسير على مايرام. فالنظام متماسك، ونفوذه الإقليمي يمتد من لبنان وفلسطين وسوريا والعراق إلى أقاصي آسيا الوسطى، والمعارضة لاتعارض سوى الجزئيات في توجهات النظام العامة.
هذا الانطباع كان في محله. وقد اكدته مواقف مير موسوي وبقية سرب القادة المعارضين الذين اعلنوا الأربعاء الماضي رفضهم قرار مجلس صيانة الدستور تثبيت شرعية رئاسة أحمدي نجاد. وهذا ما يشي بأن أزمة الانتخابات قد تتحوّل بالفعل، وفي أي لحظة، إلى أزمة نظام.
لكن لماذا وصلت إيران إلى هذه المرحلة، بعد ان كانت كل المؤشرات توحي بأنها تسير بثبات على الطريق القويم؟
العوامل قد تكون معقدة ومتعددة سياسياً واقتصادياً وحتى إيديولوجياً، على رغم التزام كل قوى المعارضة النهج الإسلامي. لكن يبدو ان أهمها يكمن في الطبيعة الازدواجية للنظام الإيراني التي لاتستطيع دائماً إقامة التوازن الناجح بين شرعية دينية غير منتخبة، وبين شرعية شعبية منتخبة. بين سلطة تستمد قوتها من ولاية الفقيه الديني، وبين أخرى تعتمد على فقه الولاية السياسية.
الرئيس في إيران يمثّل كل الإيرانيين، لكنه يملك ولا يحكم، لأن أجهزة الأمن والجيش، والدوائر الحكومية كافة، والقرارات الاستراتيجية الداخلية والخارجية كلها في جيب الولي الفقيه الذي يأمر ويجب أن يُطاع. وهذا الواقع خلق “ازمة هوية” وشعوراً بالعجز لدى القادة السياسيين المنتخبين، الذين كانوا يتساءلون باستمرار عن طبيعة ومبررات أدوارهم ووظائفهم.
أبرز دليل على هذه الأزمة كانت الانتخابات الأخيرة. إذ القاصي والداني بات يعرف أن آية الله خامنئي فضّل نجاد على موسوي، لانه يريد مفاوضة امريكا من موقع القوة والممانعة. ولأن هذا ما يريد، قامت الأجهزة على ما يبدو بمهمة “تسييل” فوز نجاد، عبر إغراق العديد من أقلام الاقتراع ب”الأصوات الفائضة”.
كان يفترض، كما العادة، أن يتم قبول نتائج الانتخابات كما هي، طالما أن ولي الفقيه مهرها بختمه. لكن هذا لم يحدث هذه المرة، لأنه يبدو ان أزمة اللاتوازن بين السلطة الدينية غير المنتخبة وبين السلطة المنتخبة قد وصلت إلى ذروتها. لا بل يعتقد العديد من المحللين أن الأزمة كانت ستنفجر حتى ولو فاز موسوي بالرئاسة، لأن هذا الأخير كان ينوي المطالبة بانتزاع العديد من صلاحيات ولي الفقيه لصالح الرئيس. وهنا يجب أن نتذكر بأن موسوي كان على خلاف دائم مع خامنئي حين كان الاول رئيساً للوزراء والثاني رئيساً للجمهورية في حقبة الثمانينات.
إيران، إذاً، تحوّلت بالفعل إلى “دولة أخرى” بعد الانتخابات، وهي تتراقص الآن على شفير تداعيات خطيرة.
لكن، هل هي وحدها في هذه المعمعة الخطيرة؟
الخليج

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى