زين الشاميصفحات العالم

هل نحن دول فاشلة؟

زين الشامي
عندما نتابع الأخبار المتعلقة بعالمنا العربي الكبير، قلما نجد أخباراً مفرحة تتعلق بانجازات الدول، أو حكوماتها، أو حتى مثقفيها وفنانيها على مستوى عالمي.
وما يؤسف له حقاً أننا لا نرى في نشرات الأخبار على المحطات العالمية عن عالمنا العربي إلا تلك الأخبار التي تتعلق بالإرهاب، أو القرصنة، أو التفجيرات الطائفية المروعة، أو الحرب الداخلية كتلك التي تجري في اليمن والصومال، أو قمع القوى الأمنية للمعارضة وسجن الناشطين المعارضين، أو أزمة سياسية حكومية مستعصية كتلك التي يمر بها لبنان بين فينة وأخرى، أو تلك الأزمة المستعصية بين السلطة الفلسطينية و«حركة حماس»، طبعاً دون أن ننسى أخبار الضحايا المؤسفة عن الشبان الذين يغرقون في البحار خلال عبورهم نحو البلدان الأوروبية هرباً من دولهم العربية بحثاً عن حياة أفضل.
أسئلة كثيرة تراود المرء عن أسباب استيطان كل المشاكل في دولنا العربية، لدرجة بتنا نعتقد أن هناك خلاً جينياً له علاقة «بالعقل العربي»، أو الثقافة العربية، أو الموروث التاريخي والثقافي والحضاري البعيد، وإذا كان ذلك مبالغاً به أو خاطئاً، فِلمََ استطاعت دول وشعوب أخرى لا تملك ما يملكه العرب من ثروات وحضارات موغلة في القدم، تحقيق نهضتها الكبرى في الاقتصاد والتنمية والثقافة، مثل أندونيسيا، وماليزيا، وسنغافورة، وكوريا الجنوبية، والهند، والصين، واليابان، وغيرها من الدول والشعوب؟ طبعاً لن نضرب مثالاً عن ألمانيا والألمان الذين دمرت دولتهم واقتصادهم وفرضت عليهم اتفاقيات مرة وربما مذلة بعد الحرب العالمية الثانية ثم قاموا بعدها ونهضوا كما تنهض العنقاء من الرماد؟
ان نظرة على أرقام التنمية والاقتصاديات والفعالية الثقافية لهذه الدول على مستوى عالمي، مقارنة بالدول العربية تصيبنا بالاحباط الشديد، فدولنا العربية جميعها دائماً في آخر القائمة وفي كل شيء! ربما الشيء الوحيد الذي نتباهى به هو الآثار والحجارة التي تعود لأمم وحضارات سابقة مثل الفراعنة في مصر أو الرومان في بلاد الشام وشمال أفريقيا.
هل نحن دول فاشلة؟ نعتقد كذلك، لا بل كلنا ثقة أننا غارقون بالفشل. منذ نحو أربعة أعوام درجت مجلة السياسة الخارجية «Foreign Policy» على إصدار مقياسها السنوي للدول الفاشلة (Failed State)، وقد تم تعريف «الدول الفاشلة» على أنها تلك الدول التي لا تستطيع القيام بالوظائف الأساسية المنوطة بها مثل توفير الأمن وتقديم الخدمات العامة، بالإضافة إلى عدم قدرتها على القيام بمسؤولياتها السياسية، والاقتصادية، والأمنية، والاجتماعية على المستويات المحلية والإقليمية والدولية. وتزداد خطورة هذه الدول مع ازدياد حدة الأزمات لأن الدولة الفاشلة غير مهيأة لمواجهة المستجدات والمخاطر الداخلية والخارجية، تلك الأزمات التي تبرز عوامل «الفشل» الكامنة في الدولة، وتزيد من احتمالات تحول هذه الدولة إلى تهديد للسلام والاستقرار الدوليين.
وإذا ما نظرنا إلى هذا التعريف وأجرينا مقاربة به في بعض الدول العربية سنجد أنه ينطبق على الكثير من دولنا مثل الصومال، واليمن، والسودان، والعراق وربما لاحقاً دول أخرى.
وبناء على ما تقدم، فنحن، نقصد دولنا العربية، ليس لها علاقة لا من قريب ولا من بعيد بتلك التصنيفات التي تخص بعض دول العالم، مثل الدول الصناعية، الجديدة أو القديمة، أو الناهضة أوالنمور، كما أننا لسنا على علاقة بالديموقراطية لا من قريب ولا من بعيد، ونحن لسنا من الديموقراطيات الناشئة، أو الديموقراطيات الكبيرة أو الراسخة، وكلها تصنيفات تدل على حالة من الاستقرار الاقتصادي والسياسي والاجتماعي، وتدل أيضاً على مستوى حضاري وثقافي متقدم ومؤثر.
ان هذه الأوصاف للأسف تنطبق ونراها موجودة في عدد من الدول في شرق وجنوب شرق آسيا، وأميركا الجنوبية، وشرق أوروبا، وجنوب افريقيا، وفي كل مكان ربما، إلا في العالم العربي.
وامعاناً في التفاصيل فإن هناك أربع دول عربية تعيش على حافة الخطر أو حافة الفشل، ولعل العراق يمثل مثالاً ساطعاً لدولة مهددة بالتقسيم والحرب الأهلية كل يوم… أيضاً لبنان كان دائماً من الدول العربية المهددة بالفشل وهو الدولة التي عرفت حرباً أهلية دامت ستة عشر عاماً، وفي العام الماضي لم يكن في لبنان لا رئيس للدولة، ولا مجلس وزراء فاعل، ولا برلمان يجتمع، لكن ما ينقذ كل ذلك هو الخوف الدولي من تطورات الحالة اللبنانية نحو الانفجار.
وإذا ما نظرنا اليوم في الحالة اليمنية أو الصومالية، وقبلهما الحالة السودانية فإننا لابد مقتنعون أن هذه الدول في طريقها إلى الحرب، أو السقوط والتلاشي، أو ربما التقسيم في أحسن السيناريوات تفاؤلاً.
الأوضاع في دول مثل سورية ومصر ليست أفضل بكثير، فتحت مظاهر القبضة الحديدية هناك الكثير من العوامل والأسباب والمقدمات التي تجعلها مهيأة دائماً للتحول إلى دول فاشلة، أو دول مهددة بالفوضى.
الراي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى