صفحات سورية

البوابة السورية إلى العالم العربي

null
جميل مطر
نخطئ إن تصورنا أن السياسة الخارجية التركية الراهنة تمثل انقلاباً حاداً على ما تعودنا عليه نحن العرب من سياسات تركية خلال معظم عقود القرن الماضي. ونخطئ خطأ أشد إن بالغنا في تعظيم الدور الذي يقوم به رجب الطيب أردوغان في إحداث هذا التغيير. واقع الأمر أن هذا التغيير بدأ منذ سنوات طويلة. بدأ عندما سعت تركيا عام 1964 لكسب الدعم العربي لموقفها من المشكلة القبرصية، ولا شك أن كثيرين من جيلنا يذكرون بوضوح أن تركيا قبل حرب 1967 رفضت الانضمام إلى مجموعة الدول البحرية التي طالبت بفتح خليج العقبة أمام الملاحة الدولية، وفي عام 1969 اشتركت تركيا في مداولات إقامة منظمة المؤتمر الإسلامي التي جرت في الرباط وصارت عضواً في المنظمة عام 1976. وفي عام 1973 رفضت السماح للقوات الأميركية المتمركزة في قواعد عسكرية على أراضيها بتزويد إسرائيل بالسلاح، وسمحت للطائرات السوفياتية باستخدام المجال الجوي التركي في طريقها إلى مصر لتجديد مخزون سلاحها أثناء الحرب. ثم أنها سمحت بفتح مكتب دبلوماسي لمنظمة التحرير الفلسطينية عام 1979 في وقت كانت في أوج صداقتها مع إسرائيل.
بمعنى آخر لم تكن العلاقات التركية العربية على الدرجة من السوء التي كنا نتصورها قبل أن يصل الإسلاميون إلى الحكم بقيادة نجم الدين أربكان. كان أربكان في نظر الكثيرين من العرب والمسلمين الرجل الذي فتح الباب أمام دور جديد تلعبه تركيا في الشرق الأوسط، إلا أن هؤلاء ينسون أن لتورغوت أوزال، الرئيس السابق على أربكان، فضلاً عظيماً في وضع أسس التوجهات الحديثة في السياسة الخارجية لتركيا. كان أوزال مثلا من أقوى المؤيدين لمشروع نقل المياه التركية عبر أنابيب إلى سوريا والأردن وإسرائيل، وأذكر أن أجهزة إعلام عربية هاجمته في ذلك الوقت بدعوى أنه مشروع معد خصيصا لتطبيع علاقات العرب مع إسرائيل. كان أوزال رجلاً ورعاً وعصرياً في آن واحد، بل لعله كان أول رئيس تركي يؤدى مناسك الحج خلال وجوده في السلطة، وهو العمل الذي اعتبر في ذلك الوقت تحدياً صارخاً لإرادة الكماليين وأيديولوجيتهم الحاكمة، في الوقت نفسه وقف أوزال فى صدارة المؤيدين لانضمام تركيا إلى الاتحاد الأوروبي، وكان متحمساً لإقامة منظمة البحر الأسود للتعاون الاقتصادي.
تجارب خجولة للدخول
كانت بدايات الانفتاح على العالم العربي جزءا من اتجاه أشمل لدى بعض القيادات غير الملتزمة بالأيديولوجية الكمالية للانفتاح على أوروبا الغربية وشعوب آسيا من أصول تركية والعالم العربي والاسلامي. يذكر لهذا التيار الانفتاحي الفضل في تشجيع القادة من ذوي الميول الإسلامية للمجاهرة بأفكارهم وخططهم. لذلك لم يكن أربكان مفاجأة مطلقة، كان مجازفاً وفي رأي بعض أنصاره كان متهورا، وبخاصة حين دعا لإقامة حلف مع دول إسلامية مثل ليبيا وإيران وماليزيا وإندونسيا كبديل للتحالف التركي ـ الغربي، بل انه قام بتأسيس مجموعة الدول الثماني كصيغة إسلامية لنموذج مجموعة الدول الثماني النامية الصناعية الكبرى. لم يبد اهتماما كبيرا خلال فترة حكمه بقضية الانضمام للاتحاد الأوروبي . لذا لم يأت كمفاجأة قرار حزب العدالة والتنمية عام 2003 جمع ست دول إقليمية هي تركيا ومصر وإيران والأردن والمملكة السعودية وسوريا في سلسلة مؤتمرات إقليمية أسفرت عن صدور «إعلان استانبول» لمنع الولايات المتحدة من شن حرب ضد العراق. خافت تركيا أن تؤدي الحرب إلى فوضى شاملة في العراق تدفع تركيا ودول الجوار ثمنها غالياً. وهو ما حدث فعلاً.
وتوالت بعد هذا الموقف التركي خطوات التقارب مع العالم العربي، فمن عروض للتوسط في الصراع العربي الإسرائيلي إلى المشاركة في اجتماعات بجامعة الدول العربية، إلى المساهمة بقدرات عسكرية في قوات الأمم المتحدة في لبنان.
لم يكن خافياً في هذه الأثناء أن التيار الكمالي غير سعيد بالخطوات المتعاقبة لتوثيق علاقات تركيا بالعالم العربي. وكان واضحاً أن قيادات كمالية، وبخاصة في صفوف الجيش، أصابها الإحباط بسبب ما لاحظته قيادات الجيش من دعم غريب ومثير للشك من جانب الدول الأوروبية والولايات المتحدة لسياسات حزب العدالة والتنمية في الشرق الأوسط، وإن تسربت تطمينات غربية الى هذه القيادات تحت عنوان أن الغرب يريد تقديم تركيا أمام العالم العربي والإسلامي كنموذج للإسلام السياسي المعتدل الذي يستحق التقليد.
ضغائن متبادلة
«..العرب طعنونا في الحرب العالمية الأولى حين اصطفوا إلى جانب الإنكليز ضدنا»، عبارة يرددها كثير من الأتراك من الأجيال المتقدمة في العمر، ولكن أيضا بين أبناء الأجيال الشابة بعد أن صارت نقطة راسخة في الذاكرة التركية عن العرب. سألت عن السبب في رسوخ هذه المقولة والكثير غيرها ربما أسوأ منها، وجاء الرد سريعاً على لسان أحد أساتذة الجامعة، قال إن الكتب المدرسية التركية تلقن الأطفال والشباب دروساً عن مواقف العرب السلبية أثناء سنوات ضعف السلطة العثمانية وبدايات المرحلة الأتاتوركية. تصورت أن يكون الرد مختلفاً. توقعت من الأستاذ الجامعي أن يقول إن تركيا أدارت ظهرها تماماً للمرحلة العثمانية بسبب سياساتها ومنظومة قيمها «المتخلفة»، وقررت أن تتحول إلى دولة قومية وتنعزل عن بيئتها الإقليمية الإسلامية.
أما الطرف الآخر، أي الطرف العربي، فيردد جانب منه عبارات بعضها يحمل كثيراً من البغض، وبعضها يصر على أن العرب تعرضوا تحت حكم الخلافة العثمانية لعمليات قمع، وربما إبادة، لم يتعرضوا لمثيلها على أيدي الاستعمار الأوروبي. لا ينسى السوريون سنوات حكم جمال باشا أو جمال السفاح كما كان يلقب في الكتب. ولا ينسى المصريون روايات تحكى عن قسوة الولاة الأتراك وغطرسة موظفيهم وعساكرهم، وبخاصة الرواية التاريخية التي تدرّس في المدارس عن إخلاء مصر من كافة عمالها المهرة وقطع وفيرة من أثمن وأهم ما أنتجت و أبدعت من كنوز ونقلها إلى آسيا الصغرى، لتكون مدن الخلافة أجمل من كل المدن الإسلامية. ولم تترك العقود الأولى من حكم النظام الأتاتوركي مجالا لتحسين صورة الأتراك لدى العرب، باستثناء ما تركته أفكار أتاتورك من تأثير واضح على شرائح واسعة من المثقفين العرب والمسلمين في جميع أنحاء الشرق الأوسط. أذكر مثلا أنه في كل زيارة قمت بها الى قصر الرئاسة في تونس كان الرئيس الحبيب بورقيبة يصر بطريقته الفريدة في سرد القصص، على الإشادة بكمال أتاتورك، وكيف أنه في الأيام الأولى لتوليه السلطة كلف النحاتين بنحت تمثال له وهو يرتدي الملابس الإفرنجية التي كان يرتديها أتاتورك ويجلس فوق حصان. وأظن أن بورقيبة لم يعف زائراً زاره في قصره بقرطاج من الاستماع إلى حكايات عن انبهاره بأتاتورك، وما خلفه هذا الانبهار من آثار على البرامج والسياسات الاجتماعية في تونس. كان يصر أيضاً على ان يحكي لزواره من المصريين حكاياته عن مصر وإعجابه بتمثال إبراهيم باشا المنصوب في ميدان الأوبرا بالقاهرة، حيث كان يقضي الساعات الطوال جالساً على أحد المقاهي المطلة على الميدان.
أما عامة الناس وشرائح أخرى من المثقفين العرب فقد كرهوا أتاتورك، خاصة أن بعض القيادات الدينية أشاعت أنه عميل للاستعمار البريطاني، مكلفاً بتفـكيك نظام الخلافة الإسلامية، ثم توالت المواقف الرسمية التركية التي أضافت إلى غضب معظم العرب، إذ كانت تركيا أول دولة «إسلامية» تعترف بإسرائيل، وقيل وقتها إن الحكام الأتراك ينفذون تعليمات حلفائهم . قيل أيضاً إن أتا تورك كان ينتمي إلى أصول يهودية، وهو ادّعاء لم يثبت، ولكنه من نوع الاتهامات التي ألصقت بحكام حتى من العرب في مرحلة أو أخرى. كذلك صوتت تركيا لصالح فرنسا في الأمم المتحدة خلال الحرب الجزائرية، في وقت كان المسلمون والعرب يعيشون فيما يشبه ثورة التأييد للثورة الجزائرية. وفي عام 1955 تآمرت تركيا مع بريطانيا لإطلاق مسيرة حلف بغداد في مظاهرة عداء واضح للشعوب العربية التي اصطفت في ذلك الحين مؤيدة حكومة مصر. وعندما نشبت الثورة في العراق ضد المشروعات التركية للدفاع عن الشرق الأوسط وأسقطت حكم الهاشميين في بغداد، قررت أميركا «غزو» لبنان كرسالة لمصر لوقف تمددها القومي فسمحت تركيا للبحرية الأميركية باستخدام موانئها خلال الغزو.
سوريا الشغل الشاغل لتركيا
منذ ذلك الوقت وسوريا الشغل الشاغل لتركيا، ليس فقط لأن حكام تركيا يدركون حجم الغضب السوري على تركيا بسبب المعاملة القاسية التي عومل بها السوريون في ظل الحكم العثماني، ولكن أيضا بسبب احتلال تركيا لمقاطعة أنطاكيا التي اشتهرت باسم لواء الإسكندرون، وكذلك لأن سوريا خرجت من عهود الاستعمار ودخلت عهد الاستقلال ولم تغير طبائعها التي عرفت بها على مر التاريخ، وبخاصة الميل إلى الانفعال والتمرد. كانت سوريا قبل سقوط النظام الملكي في العراق تستعد للدخول في تجربة جديدة تقودها مجموعات يسارية، فقامت تركيا بحشد قواتها العسكرية على الحدود السورية وهددت بالزحف على دمشق إن قام فيها نظام يساري. ولم تكن هذه المرة الأخيرة التي حشدت فيها تركيا قواتها على حدود سوريا مهددة بالتدخل، بل تكررت وكان آخرها عندما هددت عام 1998 بالغزو إذا لم تسلم دمشق عبد الله أوجلان زعيم حزب العمال الكردستاني. المثير في الحالتين أنهما تسببتا في تطورات وتغــيرات جوهرية في المنطقة العربية. ففي الحالة الأولى تسبب التهديد التركي بغزو سوريا في قيام عناصر قومية في الجيش السوري بالاســتيلاء على الحكم في دمشق والتوجه الى القاهرة حاملين الدعوة لإقامة وحدة اندماجية مع مصر. وفي الحالة الثانية دخلت تركيا عهداً جديداً في علاقتها بالأكراد، وتغيرت طبيعة المفاوضات حول المياه بين البلدين، واشتد ساعد القوى التركية الداعية لتعزيز العلاقات مع العرب والشرق عموماً.
عزل سوريا: الفرصة الذهبية
سمعت مفكراً تركياً مهتماً بالعلاقات الخارجية التركية يقول إن «رحلة تركيا الجديدة في الشرق الأوسط وحدها وفي حد ذاتها لا تقل أهمية عن أهدافها». قول يستحق التأمل. فالحديث عن أهداف تركيا في المنطقة العربية يطول وقد لا نصل في وقت قريب إلى تحديد واضح لهذه الأهداف، ولكننا نستطيع وبكل الثقة الاعتراف بأن الرحلة في حد ذاتها بدأت تؤثر في مسارات سياسية عديدة في المنطقة، ولا أتردد في القول، إنها عاجلا أو آجلا ستؤثر في سياسات دول ومنظومات قيم وتيارات دينية كثيرة في الشرق الأوسط والعالم الإسلامي. سوف تؤثر إن آجلا أو عاجلا هذه «التوليفة» الذكيــة بين الدين والدولة، وسوف يتعرف العرب والمسلمون كافة على معنى غير مألوف لديهم عن العلــمانية. لقد تحدثت طويلا خلال الأيام القليلة التي قضيتها في تركيا على امتداد زيارتين يفصل بينهما عقدان على الأقل، تحدثت بانبهار الى أتراك مؤمنين وعلـمانيين في الوقت نفــسه، أمـثال هؤلاء هـم الذين ينقـلون تركيا ألى مصاف الدول الناهضة في السياسة والعلوم والاقتصاد.
سألت: هل كانت تركيا في انتظار حدث أو فرصة لتكثف جهودها للعودة إلى الشرق الأوسط؟ وهي إن فعلت فلن تكون استثناء بين الدول. تعلمنا على أيدي خبراء العلاقات الدولية قبل أن نتولى تعليمها لأجيال أخرى، أن ما يميز سياسياً عن آخر هو القدرة على تلقف الفرصة المناسبة لإطلاق مشــروع أو إعلان مبادرة أو اتخاذ قرار معتبر. وفي اعتقادي أن حكومة أنقرة واتتها هذه الفرصة «التاريخية» عام 2004 ولم تدعها تفلت منها. كانت العزلة التي قررتها الولايات المتحدة على سوريا على وشك أن تكتمل حلقاتها وبخاصة بعد أن قررت دول عربية معينة الاشتراك إعلاميا وسياسيا في تنفيذ الحصار الدولي والإقليمي على سوريا… ومن بين ركام الحصار وبغطاء مشاركتها فيه تسللت تركيا إلى النظام السوري عارضة عليه إقامة اتفاق للتجارة الحرة بين البلدين. ولم ينتبه الكثيرون في المنطـقة إلى هذه الخــطوة من جانب حكومة طيب أردوغان، ولم تـكن أفكار أحمد داود أوغلو المستشار السياسي في ذلك الحين ووزير الخارجية الحالي ذائعة الصيت كما هي الآن، وبخاصة ما كتبه وجعله مدخلاً للسياسة الخارجية المعاصرة لتركيا ولخصه في كلمات معدودة، نصها: «سوريا بوابة تركيا على العالم العربي، وعزلها يعني عزل تركيا عن محيطها».
فضل مصر
لن أكون مبالغاً أو متجنياً حين أقرر أن مصر كان لها الفضل، أو بعضه على الأقل، في عودة تركيا إلى المنطقة بقرارها المساهمة في سياسة عزل سوريا عقاباً لها أو تأنيباً. لم نحسن التقدير وقتها. لم نضع تركيا في حساباتنا الإقليمية كما كان يجب أن توضع. استمرت سياستنا الخارجية تتعامل مع تركيا باعتبارها دولة تجري في فلك الغرب وتخضع لإرادة إسرائيل ولن تسلك مسالك تؤذي علاقاتها بأميركا والاتحاد الأوروبي. ولعلنا تصورنا خطأ أن حصار سوريا وعزلها لا يهم أحداً ولا يضر بأحد غير سوريا. لم نقرأ كراساتنا بالعناية الواجبة ولم نحفظ دروسنا ولم نستمع لأهل الخبرة والمعرفة، ولو فعلنا لأدركنا أن تركيا لن تسمح بعزل سوريا لأن أمنها مرتبط بأمن سوريا واستقرارها. فشلنا وفشلت معنا المملكة العربية السعودية حين أسأنا تقدير أهمية الموقع الجيوبوليتيكي لسوريا، وأغفلنا القواعد الأولية للنظام الإقليمي العربي، وأولها أن لا تترك سوريا تتصرف منفردة، مجبرة كانت أو باختيارها.
تسارعت خطوات الزحف التركي بعد 2004 عندما تأكد العثمانيون الجدد في كل من تركيا والعالم العربي أن باب سوريا انفتح. ولم يكن رجب طيب أردوغان متواضعاً حين تحدث إلى المسؤولين السوريين أمام الصحافيين قائلا: «كل ما ينقصكم هو إرادة القوة، وحينها فقط ستصحبون قادرين على استخراج الحليب من ذكر الماعز، ونحن في تركيا عقدنا العزم على وضع أيدينا في أيديكم لتحقيق هذا الهدف». وبعد أيام من إذاعة هذا الحديث ارتفع الستار عن وساطة تركية بين سوريا و إسرائيل، وأعلن فتح الحدود بين تركيا وسوريا.
[[[
دار نقاش أمامي طرفاه داعيتان قوميان أحدهما تركي والــثاني عربي. قال القومي التركي نحن في تركيا نراكم كقومــيين عرب متسامحين ومتساهلين مع القوميات والأقليــات غير العربية في العالم العربي ولكن متشددين ومتصلبين مع القوميـات غير العــربية في منــاطق الجوار. وقـال القومي العربي نحن نراكم كقوميين أتراك تحققون إنجازاً رائعاً في سعيكم للتوفيق بين ضرورات النهضة بالدين وأركان المبادئ القومية. ترى هل تسعى القيادة السياسية في تركيا من خلال هذا الإنجاز لتولي مهام قيادة الأمة العربية؟ هنا تدخلت الأستاذة مليحة الخبيرة التركية في الشؤون العربية لتقول للطرفين: رجاء اتركوا جانبا موضوع الريادة والقيادة، هما الصخرة التي قد تتحطم عليها طموحات الساسة من الأتراك والـعرب الذين يعملون بإخلاص لبناء علاقة تركية عربية قوية.
السفير

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى