عن النسخة الجديدة من قانون الأحوال الشخصية
مازن كم الماز
أصبح السؤال الآن ملحا أكثر من المرة الأولى , لماذا يعود علينا قانون الأحوال الشخصية مرة تلو أخرى كلما اعتقدنا أنه قد أصبح من الماضي , أقصد نسخته المغرقة في المحافظة و التي تصر على اختزال البشر في مسميات و مفاهيم “غير بشرية” , أي كجزء من نص مغلق يحتكر حق تحليله و تفسيره و تحويله إلى واقع حي مجموعة محدودة ممن يهتمون بصيانة قدسية النص أكثر من مصلحة البشر الذين يستخدم النص للحكم عليهم . عاد القانون بعد المرة الأولى بصورة “معدلة” تحافظ على جوهره و لكن بعبارات أقل إيذاءا للبشر الذي يريد أن يحدد لهم حدودا صارمة للحياة و للحب بإصرار لا يخفى على إيذاء إنسانيتهم . إن الحديث عن قانون الأحوال الشخصية قد طال لكن هذا يجب ألا يمنح شعورا بالراحة أو الاستكانة , فمع هكذا قانون يطرح سؤال حيوي جدا : إما أن نستطيع أن نمارس حياتنا كبشر أو ككائنات خاضعة لنصوص أو مؤسسات مقدسة لا يمكن مساءلتها أو حتى انتقادها . هناك في الواقع تناقضان رئيسيان أنتجهما هذا القانون , الأول هو الذي يستقطب كل الانتباه و الجدال , بين خطاب واضعيه أو مؤيديه المحافظ و بين خطاب نخبة علمانية تعارضه , أما التناقض الثاني الأكثر أهمية و الأقل إثارة للانتباه أو للضجيج , فهو التناقض بين الخطاب الأول و بين مصلحة البشر العاديين و حريتهم الشخصية و حتى حقوقهم الأساسية كبشر . لكن هؤلاء البشر يفتقرون في معظم الأحيان لوسائل التعبير عن أفكارهم التي تتوفر للنخب , ناهيك عن أن أكثرهم أو معظمهم لم يعتد التفكير انطلاقا من فكرة أنه إنسان مستقل أو انطلاقا من مصلحته الشخصية و غالبا ما “يقرر” “موقفه” من هذه المواضيع اعتمادا على الإيديولوجيا التي يخضع لتأثيرها بغض النظر عن مصلحته الحقيقية كإنسان أو ما يقدمه له ذلك القانون شخصيا . هذا لا يعني الاستكانة لمحاولة فرض القانون بما يعنيه من فرض قيود حقيقية و ربما خطيرة على حق البشر في ممارسة إنسانيتهم بحرية .
خاص – صفحات سورية –