الدور الإيراني والعلاقة الإيرانية ـ السّورية

اللعبة الأميركية الإيرانية

ساطع نور الدين
التفجير الارهابي الذي استهدف الاسبوع الماضي مسجدا في مدينة زاهدان الايرانية القريبة من الحدود مع باكستان وافغانستان وأدى الى سقوط اكثر من مئة شخص بين قتيل وجريح، وتبعه في اليوم التالي اطلاق نار على مركز انتخابي للرئيس محمود احمدي نجاد، يمثل تغييرا جوهريا في قواعد اللعبة بين أميركا وإيران، التي كان يفترض انها استقرت على سوية جديدة مع مجيء الرئيس باراك اوباما الى البيت الابيض.
لا جدال في ان التفجير ينتمي الى عهد ادارة الرئيس السابق جورج بوش وأسلوبها في ادارة الصراع مع طهران، ويعيد الى الاذهان قرارها الاول الذي اتخذته في مستهل حربها على العالمين العربي والاسلامي بالسعي الى تقويض النظام الايراني.. والذي اعترفت مؤخرا انها تراجعت عنه في العام 2006 ، من دون ان توضح الاسباب، ومن دون ان تشير الى ما اذا كان هذا التراجع مرتبطا بالحرب الاسرائيلية على لبنان في ذلك العام.
ولعل ذلك التراجع هو واحد من اهم المواقف التي تبنتها ادارة اوباما ومضت فيها الى حد توجيه رسالة التهنئة الرئاسية الى الايرانيين وقيادتهم الاسلامية في عيد النوروز في شهر آذار الماضي.. في اشارة كانت حاسمة يومها الى انها تلتزم عدم العمل لزعزعة النظام في ايران، لكنها صارت ملتبسة بعد تفجير زاهدان الاخير، الذي يبدو انه قرع اجراس الانذار مجددا في طهران، وفي جميع الانحاء العربية والاسلامية المتحالفة معها.
هي عودة الى نقطة الصفر او ما دونها:
اوحى الاميركيون بأنهم مدوا يد المصالحة الى ايران التي لم تلتقطها، وأساءت تقدير مبادرة الرئيس اوباما تجاهها، فمضت في برنامجها النووي من دون اي اشارة الى استعدادها للتفاوض او حتى للقبول بما سبق ان سلمت به مع ادارة بوش حول الحاجة الى التجميد المتبادل لتخصيب اليورانيوم من جهة والعقوبات الدولية من جهة اخرى، وقررت التمسك بالرئيس محمود احمدي نجاد وخطابه الناري الذي يلغي سلفا اي فرصة واقعية للتفاوض.
وألمح الايرانيون في اكثر من مناسبة الى انهم ليسوا مضطرين لدفع ثمن هزيمة لم يتعرضوا لها امام اميركا، التي تحتاجهم اليوم اكثر مما كانت تحتاجهم بالامس، سواء في العراق الذي ستتركه لاهله ولنفوذ ايراني متزايد، او في افغانستان التي لا يمكن للاميركيين السيطرة عليها من دون دعم ايران المباشر، او بقية المواقع الاقليمية التي شهدت توسع الانتشار الايراني، لا سيما لبنان وفلسطين، حيث المكاسب السياسية الايرانية ظاهرة للعيان.
تفجير زاهدان يضع حدا فاصلا لتلك المحاولة الاميركية الايرانية للتفاوض، وينقل الصراع مجددا الى داخل ايران التي لن تكتفي على الارجح بإعادة انتخاب نجاد رئيسا لولاية ثانية الاسبوع المقبل، بل قد تعمد الى تحويل خطابه السياسي الذي كانت ترد به على حماقات بوش، من صخب دعائي الى برنامج عملي يشهد ان قـــواعد اللــعبة بين الجانبين قد تغيرت بالفعل.
السفير

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى