الرواية تتصدر في الغرب والشعر “مُطارد” ورحيل كبار
كوليت مرشليان
انصرم عام 2009، كما انصرمت أعوام وقرون. والتاريخ يمشي أحياناً وأحياناً لا يمشي، يستقيم أو يوارب أو يتراجع أو يراوح. ومن منّا يعرف أو يتكهن بحركاته لا بحركته الواحدة. نظرة عمومية على 2009، وما زال من بدايات الألفية الثالثة، وكأنه تكرار باهت، أو فاقع، لما سبقه. بالكاد جديد مدو. بالكاد ظواهر تكسر رتابة الانتظار. بالكاد تستريح من حروب مؤجلة، أو من خراب معلق، أو من آمال مشوبة. وهكذا الثقافة في العالم وعندنا تندفع الى ما هو غير ثقافي، الى نوافل الثقافة، ورضوخها لزمن الترفيه، والسلوى، والغيبوبة، والصورة الشكلانية، والكلام العابر. ثقافة اللحظة. أو ثقافة الهشاشة، يمظهرها التلفزيوني ويعمقها إدمان الإنترنت، لتمعن في منحى التواطؤ أو الاستسلام أو الراحة، أو القيلولة بعيداً من السلاح النقدي العقلاني إزاء تنامي الظواهر الغيبية والطائفية والعنصرية والفوضوية واتباع غريزة القطعان. ثقافة مفرغة من الأفكار، غريقة السياسة في مستوياتها الدنيا، شبيهة بعضها، في منظومات توتاليتارية معممة لأحادية تفرض نفسها كل يوم إما بالعنف، أو بوسائط الميديا… أو بخطاب منزل من فوق، أو طالع من تحت، ليرسم “كانتونيات” متشابهة تشابه الأفراد والجماعات.
عام قد يكون، على الرغم من كل شيء، خاصاً بأمنه، ومتميزاً بهدوئه ضمن توافقية أدت الى تأليف حكومة برئاسة الشيخ سعد الحريري، كتعبير حي، وبرغم كل شيء، عن أولوية احترام نتائج الانتخابات التي فازت بها ثورة الأرز، ولو بدت هنا مفارقات، أو ارتدادات هناك، بعيداً عن المزاج الشعبي الصامد.
وككل عام، نراجع، على قدر ما نستطيع، سمات الأعمال الثقافية البارزة، وخلفياتها، وتجلياتها، من أدب ومسرح وسينما وتلفزيون ومهرجانات وكتب وجوائز… وراحلين، بحس يجمع بين النقدي والراصد، بين المنحى العمومي والانتقاء الخاص.
نبدأ حلقتنا الأولى حول أبرز النتاجات التي صدرت أو الأحداث والوقائع التي شهدتها الساحة الثقافية في العالم.
“الكتاب حول العالم” قد يكون عنواناً شاملاً وموحياً لما سيتضمنه هذا الجزء الخاص بالإصدارات العالمية للعام 2009 الى جانب عناوين فرعية ورئيسية فيها الجوائز والمناسبات والمئويات والقضية الأدبية التي وصلت ربما الى المحاكم وصولاً الى المفاجآت منها المخطوطات غير المنشورة لكتّاب وأدباء سابقين أو الأرقام القياسية التي رافقت بعض الإصدارات في المبيعات وسعة الانتشار وحركة الترجمات. كما حمل هذا العام أرقاماً قياسية أخرى في حركة النشر في بعض العواصم مثل باريس ولندن ونعود الى هذه الأجزاء بالتفصيل في سياق الموضوع، وشهد العام 2009 رحيل بعض الكبار والمفكرين والأدباء والعلماء كما شهد صعود بعض الأسماء الشابة والمواهب الفتيّة والواعدة.
مئات الكتب الأدبية البارزة في كل عاصمة صدرت هذا العام، ما يعني الآلاف من الكتب في الرواية والقصة والشعر والسيرة والمذكرات وأدب المراسلات و التاريخ وغيره من الأنواع الكتابية، غير أن المميز وحده ما يكون حديث الصحافة في العالم، وحده ما سنتناوله في هذا الموضوع الذي يعطي صورة موجزة عن الواقع الأدبي في عواصم العالم لهذا العام المنصرم 2009: باريس، لندن، نيويورك، أمستردام، مدريد وموسكو… جولة في عالم الكتب هنا وهناك اخترنا منها ما يستوجب التوقّف عنده وعلى سبيل الانتقاء لا الحصر:
رواية، قصة، قصيدة… من العالم
العاصمة الفرنسية وحدها كانت على موعد مع أكثر من 650 رواية في خريف 2009 من ضمنها 400 رواية فرنسية والباقي لروايات من العالم وتميّزت هذه السنة بمفاجآت حملت نسمات إفريقية مميّزة وشابة.
وفي باريس، سطع نجم الكاتب الشاب فريديريك بايغبيدر مع روايته الجديدة وعنوانها “رواية فرنسية” عن “دار غراسيه”، وقد نال عنها “جائزة رونودو” لهذا العام، سرد فيها المؤلف سيرة حياته وتاريخ عائلته حيث “أعاد اختراع طفولته حيث كل طفولة هي رواية بحد ذاتها”.
الكاتبة ماري نديياي أصدرت روايتها “ثلاث نساء قويات” عن “دار غاليمار” رسمت من خلالها شخصيات نسائية تهدف الى الانتقام من الحياة ورفض المصير المرسوم سلفاً، وقد وصف الكتاب على أنه “كلاسيكي في طابعه ويوحي ببروست وفوكنر وكأنهما يتحادثان تحت سماء إفريقية”…
وعن هذه الرواية، نالت ماري نديياي “جائزة غونكور” للعام 2009 ووصفها النقّاد بأكثر الألقاب الإيجابية من وحي موهبتها الفذة وروح الكلمة الشبابية الثائرة والنضالية.
أما الكاتب داني لافريير، فقد صدرت له رواية “لغز العودة” وقد حصدت هذه الأخيرة “جائزة ميديسيس” والمعروف أن لافريير من الأصوات الشابة المشهورة في كندا وهو يكتب بالفرنسية بوحي من هايتي موطنه، وفي روايته طرح السؤال: كيف تحوّلت هايتي بعد قرنين من الإرهاب من مفخرة السود في أميركا الى بؤرة الفساد والبؤس؟”.
نوتومب
الكاتبة آميلي نوتومب صدر لها عن “دار البان ميشال” رواية “سفر الشتاء” وهي استوحت العنوان من أعمال شوبرت الموسيقية وحيث هو أوحى بالموسيقى، وصفت هي بالكلمات الشتاء والصقيع والثلج.
الروائي جان ـ مارك باريسيس كتب “المحبّون” وصدرت عن “دار ستوك”، وباتريك بوافر دارفور كتب “أجزاء من إمرأة ضائعة”. الييت آبيكاسيس كتبت في أسلوب ملحمي وعلى مدى 500 صفحة تاريخ عائلات من المغرب وغاصت في جماليات التاريخ والجذور.
الروائي فيليب دولارم صدرت له رواية “شيء ما في داخله من بارتليبي” عن “مركور دو فرانس”. أما باتريك بيسون، فصدرت له رواية “لكن النهر يقتل الرجل الأبيض” عن “دار فايار” ويمجّد فيها الكاتب بشكل خاص الثقافة الإفريقية.
نيكولا فارغ أصدر “رواية الصيف” وهي السابعة له في تسعة أعوام، عن “دار ب.و.ل”.
“ليونورا ميانو” وجه إفريقي شاب جديد أيضاً في المشهد الثقافي الباريسي أصدرت عن دار جلون رواية “الفجر المضيء” وترسم فيها ملامح “الكآبة الإفريقية” عبر شخصيات وأحداث ولدوا في القارة السوداء واكتسبوا كآبة تاريخها وحبها”.
أما باسكال غينار، فقد أصدر هذا العام رواية “القارب الصامت” عن “دار سوي” ابتعد فيها قليلاً عن أسلوبه المعتمد في كتابة التاريخ بلغة أدبية. “أرنب باتاغوني البرّي” لكلود لانزمان صدر عن “غاليمار” ويحكي قصة ثمانيني يعشق الحياة على طريقته.
إيمانوييل كارير أصدر كتاب “حيوات أخرى غير حياتي”، والكتاب بحث في مصير الإنسان والمآسي وفي مفهوم السعادة.
“آنسيكلوبيديا مسليّة حول كل شيء ولا شيء” صدرت للمؤلف شارل دانتسيغ عن “دار غراسيه” والكتاب فانتازي وغريب بعض الشيء عن السائد وقد لاقى استحسان بعض النقّاد بينما استفز البعض الآخر.
“رجال” عنوان رواية لوران موفينييه صدرت عن “منشورات مينوي” وتطرق فيها المؤلف الى شخصية هامشية من مجتمعه من بين المهاجرين الجزائريين والكتاب استقبله النقّاد بإيجابية لما حمله من عمق في معالجته الإنسانية.
ساعات تحت الأرض
“ساعات تحت الأرض” للكاتبة دلفين دوفيجان رواية صدرت عن “منشورات لايتس” وتحكي عن ثنائي يختبر “العزلة العصرية” في مدينة “صامتة وموحشة” والرواية تأهلت لعدد كبير من الجوائز.
ومن المؤلفات التي أثارت إشكاليات أيضاً “قصّة كراهيات الكتّاب: من شاتوبريان الى بروست” لآلان بوكيل واتيان كيرن، صدر الكتاب عن “دار فلاماريون” ويحكي لحظات غضب غير معروفة في حياة جورج صاند، هوغو، لامارتين، بودلير، لويز كوليه، سانت بوف وغيرهم… كذلك لحظات الكراهية والغيرة…
كذلك ومن الكتب التي تركت أثرها هذا العام رواية جوستين ليفي عن “دار ستوك” وعنوانها “فتاة سيئة” وفيها تروي المؤلفة قصة التشابك والتنافر والتعاطف بين أم توشك على الموت وإبنة شابة حامل، وفيه صراعات ولقاءات مؤثرة وقد تناولته الصحافة بكثير من الحفاوة.
أما الكاتب مارك دوغان فكان له هذا العام لقاء ممتع ومشوّق مع قرائه هذا العام عبر روايته الجديدة: “الى الأسفل، أيتها الغيوم” صدرت عن “دار فلاماريون” وتناول فيها قصة حياة سبعة أبطال منفيين عن بطولاتهم السابقة وفي حياة عادية ليست حياة الحروب بل ما بعدها…
ومن أميركا وبريطانيا والهند وتركيا وهنغاريا روايات وقصص قصيرة ودواوين شعرية ومؤلفات في أدب الرحلة وغيرها من الكتب نرصد أهمها:
الرمز الضائع
“الرمز الضائع” للكاتب الأميركي “النجم” دان براون صدرت عن “دار راندوم هاوس” وتجيء هذه الرواية بعد سبعة أعوام على صدور “شيفرة دافنتشي” التي شغلت العالم وأثارت تحفظّات كثيرة على مضمونها، لكن كانت النتيجة أنها بيعت في العالم وسجلت رقماً قياسياً لا مثيل له وهو 81 مليون نسخة مباعة بعشرات اللغات. أما “الرمز الضائع” فقد وصلت مبيعاتها الى مليون نسخة في يوم واحد أو اليوم الأول لنزولها في الأسواق في أميركا، فأسرعت دار النشر الى طباعة 600 ألف نسخة جديدة إضافة الى الخمسة ملايين نسخة المطروحة في السوق منذ قرابة الثلاثة أشهر وهو أكبر عدد تصدره هذه الدار منذ نشأتها. وإذا كان براون قد تطرّق الى موضوع لوحات الرسام دافنتشي التي شرحها بتأويلات رمزية ودينية في كتابه “شيفرة دافنتشي” فهو يتطرق الى موضوع “الماسونيّة” في “الرمز الضائع” ومن المتوقع أن يتفوّق هذا الكتاب على السابق له في أرقام مبيعاته.
الكاتب الأميركي بول أوستر أصدر روايته الجديدة “وحيداً في العتمة” ويحكي فيها بلغة آسرة يوميات حرب أهلية “متخيّلة” في أميركا، وعلى غرار جميع أعماله بيعت الرواية مسجّلة رقماً قياسياً أيضاً، ولكن إذا “دان براون” يحصد أرقاماً هائلة فهو في إطار “أروع القصص” التي تراعي الإثارة لدى القارئ، أما أوستر فهو محسوب على الكتّاب المبدعين في لغتهم وفي أسلوبهم الخلاّق. وما يقال عن أوستر ينطبق أيضاً على جان ـ ماري غوستاف لوكليزيو حائز جائزة نوبل للعام الماضي مع روايته الجديدة التي صدرت في نهاية العام الماضي وحملت عنوان “طقوسية المجاعة” وقد استمرت في مبيعاتها الهائلة هذا العام بعد أن نال لوكليزيو جائزة نوبل للآداب، ويحكي فيها مأساة المجاعة التي ضربت فرنسا في أربعينات القرن الماضي.
والجدير ذكره أن لوكليزيو زار بيروت هذا العام من ضمن فعاليات “صالون الكتاب الفرنكوفوني” الى جانب عدد كبير من الكتّاب.
الروائي الأميركي كورث لوفيان طرح هذا العام سؤالاً عجيباً عبر روايته الجديدة “لغز ابن كافكا” وهو التالي: ماذا لو كان هذا الابن هو أنا؟ وبه يحاول ثانية الدخول الى عالم الشهرة عبر تطرقه الى عالم فرانز كافكا الشهير، بعد محاولته الأولى منذ عامين في كتاب “مذكرات عاهرة”.
..وتابوكي
الكاتب الايطالي انطونيو تابوكي طرح مسألة الزمن هذا العام على طريقته في المجموعة القصصية “الوقت يشيخ بسرعة” بأسلوب فلسفي ووجداني مؤثر. أما الكاتب دومينيك فرنانديز فقد صدرت له رواية “رامون” وفيها سيرة الوالد ويعتبر “رامون” من أجمل مؤلفاته، ويذكر أنه ابن الناقد والمفكر الفرنسي الكبير رامون فرنانديز.
أما الكاتب البريطاني آيان كيرشاو فقد صدر له بالانكليزية كتاب “خيارات مقدرة” وهو تطرق فيه الى خيارات كان يمكن أن تغير مصير الحرب العالمية الثانية، والكتاب أثار جدلاً كما جميع مؤلفات المؤرخ كيرشاو السابقة.
الكاتب التركي أورهان باموك الذي نال أيضا جائزة نوبل منذ أعوام أصدر هذه السنة رواية عنوانها: “ألوان أخرى” وصف فيها بجمالية تفاصيل حياتية في يوميات شريحة من أهل اسطنبول مدينته.
كما أصدر الكاتب جوزف بويدن رواية جميلة بعنوان “فصول الوحدة” انتقل بها بعد روايته السابقة من الغابات الكندية الى ناطحات السحاب في مانهاتن ليروي قصة رائعة عن هندي عجوز استفاق من غيبوبة دامت سنوات طويلة ويلتقي قريبته الشابة الوافدة اليه من مجتمع مغاير.
“الذهاب عن العالم” لدوغلاس كيندي صدرت هذا العام وحملت مفاجأة بأنه عكس المتوقع شهدت إقبالاً عليها خصوصاً أن النقاد يعتبرون دوغلاس كيندي من الأميركيين المنتمين الى روحية الرواية الفرنسية العاطفية.
“الهند بالميراث” للكاتبة الهندية الشابة آبها داويسار من المؤلفات التي أشاد بها النقاد من بين مؤلفات الشباب الواعدين وتسرد قصة ولد يراقب مجتمعه فيعثر على حقائق وإجابات سلبية.
أما الكاتب الأميركي ترين كزوان توان فقد أصدر كتابه “القاموس العاطفي للسماء والنجوم” وهو أثر في قرّائه كما في النقّاد في البعد العلمي والروحي معاً لبطله الذي حاول أن يوازي في نظرته الى السماء ما بين العلم والدين.
كتب سيرة ومذكرات ونصوص غير منشورة
الروائية الأميركية الكبيرة جويس كارول اواتيس أصدرت مذكراتها “يوميات: 1973 ـ 1982” وفيها يوميات امرأة تكتب بشغف وعبرت فيها بصدق وجرأة عن أحاسيس لا يقوى على قولها إلا من امتلك شخصية مماثلة لأواتيس: “لم يبق مني سوى الأحاسيس المؤلمة والمدمرة والعارية…”
كذلك نشرت نصوص غير معروفة سابقاً لرولان بارت كتب فيها عن موت أمه وعنوانها: “يوميات حداد”، ونشر أيضاً كتاب غير معروف لفرانسواز ساغان وذلك بعد خمسة أعوام على رحيلها وعنوانه “سم”، صدر عن “دار ستوك” في باريس. كما صدرت رواية غير منشورة للكاتب النمسوي ستيفان زفيغ وعنوانها “السفر في الماضي” وقد شكّلت مفاجأة سارة لقرّائه عبر العالم. كذلك نشر لرولان بارت أيضاً بعض النصوص كتبها بوحي من رحلة الى الصين في عهد ماو تسي تونغ وعنوانها “يوميات رحلة الى الصين” صدرت عن “دار بورجوا” في باريس.
وفي سير الفنانين والكتاب والمبدعين، صدر كتاب بعنوان “عمتي داليدا” يحكي قصة حياة المطربة العالمية داليدا بقلم ابن اخيها لويجي جيغليوتي ويروي فيها العلاقة الجميلة والمميزة التي ربطته بها وقد صدرت السيرة عن “دار رامساي” في باريس.
… وأزنافور
أما المطرب الثمانيني النجم شارل أزنافور فقد أطل هذا العام بكتاب مذكرات بعنوان “بصوت منخفض” صدر عن “دار دون كيشوت” ويستكمل فيه ما بدأه في كتاب سيرة له صدر منذ سنوات. كذلك نشر المطرب الفرنسي ميشال ساردو سيرته في كتاب حمل العنوان “كي لا نعود بالكلام ثانية” وتناول في كتابه هذا مسائل شخصية وفنية في حياته شغلت كثيراً وعلى مراحل الصحافة والإعلام.
كتب أثارت جدلاً:
وثمة كتب أثارت ضجة في حين صدورها ومعظمها تتعلق بحياة بعض المشاهير أو بشكل أدق بتفاصيل حياته الخاصة. من أبرزها كتاب “بوبي وجاكي” للمؤلف الأميركي دايفيد هايمان حمل مفاجأة للمجتمع الأميركي حول ما سرده في تحليل العلاقة الغرامية التي كانت قائمة بين السيدة الأولى جاكلين كينيدي وشقيق زوجها روبرت كينيدي المعروف باسم “بوبي”: قصة حب رومانسية استمرت أربعة أعوام من 1964 الى 1968 وهي، حسب رأي المؤلف قصة حب حياة جاكلين كينيدي التي شغلت الصحافة طويلاً.
كذلك، أثارت رواية “الأميرة والرئيس” التي كتبها الرئيس الفرنسي السابق فاليري جيسكار ديستان وصدرت عن “دار فالوا أكس أو” ضجة إعلامية كبيرة خصوصاً في بريطانيا وذلك لأن ديستان أشار في روايته هذه الى قصة حب جمعته مع أميرة ويلز الراحلة الليدي ديانا، وهو يفضح هذه العلاقة السرية التي أقامها مع ديانا عام 1994، لكنه عاد واعتذر في وسائل الإعلام مشيراً الى أنه تخيل هذه القصة التي تتشابه وقائعها مع جزء من لقائه بديانا، لكن الأمر لم يكن مقنعاً وبقي السؤال من دون جواب: هل حقاً أحبت الليدي ديانا الرئيس السابق ديستان؟ وقد تابع القصر الملكي في بريطانيا الموضوع بجدية واعتبر الأمر من أبرز الفضائح الملكية إذا صحت المعلومات..
أما الأميركي تيموتي ريباك فقد أصدر كتاباً بعنوان “في مكتبة هتلر الخاصة” استكشف فيها مكتبة الفوهرر التي ضمت زهاء 16 ألف كتاب بتوقيع كبار المؤلفين والكتاب اعتبرته الصحافة من أغنى الكتب التي تعتمد على التحليل التاريخي الموثق.
والفرنسي دانيال كوردييه أصدر كتاباً تاريخياً مشوقاً حول البطل الأول لحركة المقاومة الفرنسية خلال الحرب العالمية الثانية جان مولان أو “ريكس الكبير” وعنوان الكتاب “آلياس كاركلا: مذكرات 1940 ـ 1943” وحمل في طياته صفحات جديدة وغير معروفة من حياة الشاب المناضل الذي عرفه المؤلف عن كثب.
الكاتبة كليمان كاترين كتبت مذكراتها بعد أكثر من نصف قرن في مضمار الكتابة والدراسة والعمل الصحفي اليومي وعنوان الكتاب “ذاكرة” وفيه تذكرت نجوم الفكر والأدب والفن والسياسة: فوكو، سارتر، رولان بارت، جاك لاكان، ياسر عرفات..
رحيل، جوائز، مناسبات:
كبار رحلوا هذا العام من أعلام الفكر والأدب والفلسفة، وعلى رأس اللائحة، الراحل الأكبر مقاماً وسناً، الفيلسوف وعالم الانتروبولوجيا كلود ليفي شراوس عن عمر ناهز 101 عام، وقد لقّب “بشيخ الأكاديميين” و”العبقري” الذي شرح المجتمعات وفك مكوناتها بعيداً عن تكريس النظريات الجاهزة”، وكانت فرنسا قد احتفلت في السنة الماضية ببلوغه المئة عام ضمن احتفالية خاصة.
كذلك رحل هذا العام الكاتب الأميركي الكبير جون أوبدايك الذي اشتهر بشخصية “رابيت” في عالمه الروائي الممتع الذي استقى معالمه من بلده الأم بنسلفانيا حيث ولد العام 1932.
وغاب أيضاً كاتب الأوروغواي الأول ماريو بنيديتّي عن 88 عاماً ونعت الأوروغواي كاتبها وشاعرها كواحد من أبرز الوجوه الثقافية في البلاد مع كتبه الثمانين في الرواية والشعر والمسرح. كما رحل الروائي السوداني الكبير الطيب صالح عن ثمانين عاماً في العاصمة البريطانية حيث يعيش منذ 1952، والطيب صالح من الروائيين العرب المبدعين الذين أغنوا المكتبة العربية بمؤلفاتهم ومن أبرز رواياته “موسم الهجرة الى الشمال” الصادرة عام 1966.
وأيضاً رحل الكاتب البريطاني جايمس غراهام بالار الذي اقتبس المخرج سبيلبرغ أجمل أعماله الروائية: “امبراطورية الشمس” الى السينما.
وتوفي الشاعر الروسي سيرغي ميخالكوف الذي اشتهر الى جانب مؤلفاته بكتابته للنشيد الوطني السوفياتي تحت الثورة، ثم كتابة النشيد الروسي المعاصر. ورحل كذلك الكاتب الصربي ميلوراد بايك والكاتب السويسري جاك شيسيك والفرنسي بول مارشان والكاتب تييري جونكيه الذي أطلق في القرن العشرين الرواية السوداء وأغناها بمؤلفاته، وأيضاً الايرلندي ـ الأميركي فرانك ماكور مؤلف الرواية الشهيرة “رماد انجيلا” والكاتب والشاعر والموسيقي جيم كارول.
والمناسبات الاحتفالية في عواصم الثقافة كانت عديدة خصوصاً في مئويات الولادة أو الرحيل لعظماء وكبار، ومن أبرز التكريمات تلك التي خصت بها أميركا شاعرها الكبير ادغار الن بو، كذلك كرّمت فرنسا الكاتب جول فيرن عبر “مهرجان جول فيرن 2009” تخليداً لروحية المغامرة العلمية لديه، وقد تزامن التكريم مع مرور أربعين عاماً على وصول الإنسان الى القمر.
الجوائز
أما الجوائز الأدبية التي صارت اليوم تعد بالمئات وليس بالعشرات، فتنحصر بأبرزها، وبعد إشارتنا في بداية المقال الى “جائزة رونودو” الفرنسية التي نالها الفرنسي فريديريك بايغبدر و”جائزة ميديسيس” التي نالها داني لافريير، و”جائزة غونكور” التي حصدتها ماري نديياي، نال أيضاً الكاتب الألباني اسماعيل كادارييه جائزة “امير استورياس للأدب” وهي من أعرق الجوائز الإسبانية وذلك عن مجمل أعماله.
أما “جائزة نوبل للآداب” التي تبقى الجائزة الأشهر والأكبر عالمياً، فقد نالتها عن عام 2009 الكاتبة الألمانية من أصل روماني و”ابنة الأقليات المعذبة” الروائية هيرتا موللر التي كان يتوقع لها النقاد في بلدها “جائزة الكتاب الألماني” هذا العام عن كتابها الجديد “أعرف أنك ستعود”، فجاءت المفاجأة من ستوكهولم ولجنة “نوبل” التي أرادت أن تكافئها حسب ما جاء في إعلان الجائزة على عطاءاتها “عبر كثافة الشعر وصراحة النثر في إعادة تشكيل مشاهد التهجير والاقتلاع والتخلي” في كافة مؤلفاتها وأبرزها: “جواز السفر”، “شباط عاري القدمين”، “المسافرون على ساق واحدة”، “الوطن هو ما ننطقه”، “الملك يركع ويقتل”، “الرجال الشاحبون وفناجين القهوة” و”ارجوحة النفس” وغيرها من الأعمال التي سنراها بالطبع باللغة العربية قريباً في إصدارات جديدة على غرار ما يحصل دائماً بأعمال كل الذين تخلدهم “لجنة نوبل” عبر هذه الجائزة القيمة.
المستقبل