الدور الإيراني والعلاقة الإيرانية ـ السّوريةصفحات العالم

اللون الإيراني الأخضر

ساطع نور الدين
ليس من السهل تفسير خروج الرئيس الاميركي باراك اوباما عن النص الذي كان يلقيه امس الاول من مقر اجازته في جزر هاواي عن محاولة تنظيم القاعدة تفجير طائرة ركاب اميركية ليلة الميلاد، لكي يوجه واحدة من اشد رسائله المناهضة للنظام الايراني، والتي تعيد الى الاذهان اللغة التي كان يستخدمها سلفه جورج بوش في مخاطبة ايران، العضو الثالث في محور الشر الشهير.
المؤكد انه لم يكن قرارا حكيما ابدا، بقدر ما كان قرارا مفاجئا لانه يتعارض مع نهج اوباما نفسه الذي حسم منذ اللحظة الاولى لوصوله الى الرئاسة بأن اميركا تحتاج الى انهاء مرحلة العداء المجاني مع ايران، الدولة الشريكة او الحليفة للاميركيين في غزوهم افغانستان ثم العراق، والتي لا يزال التعاون معها شرطا من شروط الاستقرار في البلدين المحتلين.. حتى ولو تطلب الامر التسامح مع بعض اشكال برنامجها النووي المتواضع اصلا.
ولعل القرار يمثل نقطة تحول في السياسة الاميركية توقف النقاش الداخلي الذي يدور في واشنطن حول سبل التعامل مع ايران في المرحلة المقبلة، والذي بلغ حد التفكير في سفر رئيس لجنة الشؤون الخارجية في مجلس الشيوخ الاميركي جون كيري، وهو أحد المرشدين السياسيين للرئيس اوباما، الى طهران في مطلع السنة المقبلة لفتح اول حوار ثنائي مباشر من نوعه منذ الثورة الاسلامية الايرانية قبل ثلاثين سنة.
وفي هذا التحول، تكون اميركا قد اوحت وبشكل لا يقبل الجدل انها اتخذت الخطوة الاولى نحو طي الملف النووي الايراني والتركيز على استهداف النظام السياسي الايراني، الذي سبق لاوباما نفسه، وبعكس جميع حلفائه الاوروبيين الغربيين، ان جدد الاعتراف به في اعقاب الانتخابات الرئاسية الايرانية المثيرة للجدل في حزيران الماضي.. وهو ما يعني ان الاميركيين توصلوا الى الاستنتاج الذي توصل اليه حلفاؤهم بأن النظام في ايران يفقد شعبيته وجمهوره ويتعرض لضغوط جدية جدا، اهم وأخطر من الضغوط الخارجية التي يتعرض لها بذريعة سعيه المزعوم الى انتاج قنبلة نووية، يعرف الجميع انها محرمة من قبل القيادة الايرانية فضلا عن انها شبه مستحيلة بناء على المعطيات التكنولوجية المتوافرة حاليا لدى العلماء الايرانيين.. الذين خطف عدد منهم الى الغرب في السنوات الاخيرة.
الصراع الداخلي في ايران يحتدم اكثر من اي وقت مضى في تاريخ الجمهورية الاسلامية، وهو يكشف عن حقيقة بالغة الاهمية هي ان البرنامج النووي الذي كان حتى الامس القريب من المقدسات الوطنية الايرانية لم يعد يحظى بالاجماع لدى الايرانيين، مثله مثل موقع ولي الفقيه آية الله علي خامنئي المثير للخلاف، وسواهما من المواقع والمؤسسات الحاكمة التي يتحداها التيار الاصلاحي الاخضر في ايران.. لكنه يمكن ان يخسر هذا التحدي اذا ما قرر اوباما بشكل نهائي ان يسحب اعترافه بالمؤسسة المحافظة، ويعمل على تقويض سلطتها وشرعيتها، ويساهم من الخارج في تغيير جذري للنظام الايراني، لا يمكن ان يأتي الا من الداخل ومن دون اي تدخل خارجي.
اضاف اوباما الى سجله خطأ جديدا، يمكن ان يؤدي الى زوال اللون الاخضر من ايران.
السفير

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى