“ماذا تبقّى لكم…؟!”
وهيب أيوب
)يا أهلنا في الجولان، لقد قمتم منذ الاحتلال وحتى اليوم بانجازات كبيرة وعظيمة، وراكمتموها حتى بدت تلّة عارمة من النضال ينظر إليها القاصي والداني… وصيتي لكم، أو نصيحتي: إن كنتم غير قادرين على إضافة شيء لهذا التل فنرجوكم ألاّ تُنقصوا منه…)
هذا مُلخّص ما قاله قبل عدة سنوات أحد المخلصين من أهل الجولان المحتل “النازحين” بُعيد الاحتلال عام 67، وبالمناسبة فهو ليس من المسئولين الرسميين هناك. لا بل أن بعض أزلام النظام هناك، يقومون برمي الدسائس والفتن بين الوطنيين في الجولان، وإيقاظ العائلية التي نجح إلى حدٍ بعيد أهالي الجولان بتجاوزها، فلمصلحة مَن يعملون؟
على مدى السنوات العشر الماضية أو يزيد، أزلنا من هذا التل مما جنت أيدينا وألسننا وأقلامنا وتقاريرنا التي أتخمنا فيها الملفات والمُصنّفات، حتى أزحنا هذا التل أو نكاد. إن أساليب الإسقاط والتخوين من قِبَلِ بعض الوطنيين إلى رفاقهم من ذات الصف ثُم العكس، سيجعل الجميع كالشجرة الجرداء لا ورق ولا ثمر عليها، أو أن التل الذي تحدّث عنه أحد أحباءنا قد أصبح مرتعاً للصراع والأحقاد والكراهية.
واعتلى الموجة بعض المندسّين والمنتفعين ليعبثوا بين العابثين، فبات التل ممرغة مُعفّرة, وكاد يبدو أثراً بعد عين. في كلِ أزمة أو مشكلة تحدث يتداعى الجميع لاجتماع عام في مقر الشام أو المزار، يقوم بعضهم من خلاله باستعراض مواهبهم الخطابية لإثارة المشاعر العامة وحشد المؤيدين، ولكن دون المساس بجوهر الأمور والسعي لإيجاد آليات واضحة لحلها….. كأنك يا أبو زيد ما غزيت!
يُصرُّ البعض على معالجة الأمور وحلّها بالاجتماعات العامة والخطابات! والمعروف حتى للبسطاء أن الاجتماعات العامة هي ليست المكان الملائم والمناسب للنقاش والحوار، غير أنها تصلُحُ فقط للحشد والإعلان كما حصل عام 82 بإعلان الإضراب. كما لا تُجدي الخطابات العاطفية الرنانة بأن تكون البديل عن آليات الحل الحقيقية، فهي كلام عام لا تقضي الغرض ولا تُسمِن عن جوع. وإذا كانت الخطابات التي سمعناها تعبّر حقيقة عن توجهات أصحابها، مع الذين وافقوا عليها بالكلام أم بالصمت – والصامت هنا إما موافق على الكلام, أو أنه “شيطانٌ أخرس”….
وأما حديث البعض عن أن “الحركة الوطنية” بألف خير وأننا عائلة واحدة وموقفنا واحد وسبحان الذي أبدع، فهذا ارتجالٌ عاطفي يخلو من الواقعية وحقائق الأمور. ثم وآخر يقول من لم تعجبه الحركة الوطنية الحالية فليأتي بغيرها، فهذا طرحٌ أيضاً لا عقلانية فيه ويبتعد عن سدادة الرأي والمنطق.
إذاً، للخروج من تلك المعمعة والتخبطات لا مجال إلا لتشكيل هيئة وطنية من الجولان، وليكن اسمها على سبيل المثال “المجلس الوطني في الجولان المحتل”, ولتُمثّل فيه كل المؤسسات والقوى الوطنية في الجولان ولينتخبوا ممثلين عنهم مع إنشاء نظام داخلي يكون بمثابة دستورٍ وطني يحكم العلاقة بين الجميع، بحيث تُحل الخلافات بالحوار والتفاهم وبالتصويت إن تعثّر أو
تعذّر.
هذا المجلس المزعوم يستطيع حل كل المشاكل وترتيب الأمور وتنظيمها بما يخدم المصلحة الوطنية ومصالح الناس في قرى الجولان على مُختلف الصُعدِ والاتجاهات- شرقاً وغرباً- فنقطع الطريق حينها على كل من أراد ويريد سوءً لهذه المنطقة. سيكون تحقيق هذا الأمر سهلاً، لو توفّرت النوايا الحسنة والإرادة الصادقة لخدمة وطننا ومجتمعنا. وستضع على المحك كل شعاراتنا وخطاباتنا المُتخمة بحلو الكلام ودماثة الأخلاق. هذا إذا كنا فعلاً عازمين وصادقين بالحفاظ عمّا تبقّى لنا ؟؟
. إلى اللقاء……
خاص – صفحات سورية –