هل محنة الحراك الديمقراطي السوري هي في قانون الطوارئ؟
د. عبد الرزاق عيد
علينا أن نحدد إشكالية مقاربتنا الحوارية هذه في صيغة التساؤل عن حقيقة المحنة التي يعيشها المجتمع السوري مع نظامه العصبوي التسلطي: هل هي أزمة بنية حقوقية قانونية فُرضت على سوريا مع قانون الطوارئ الذي وُلد منتهكاً بذاته في لحظة إعلانه، إذ أعلنه ما سُمي بمجلس قيادة الثورة عام 1963 المشكّل من قبل الضباط الانقلابيين، في حين يشترط قانون الطوارئ لإعلان حالة الطوارئ أن يصدر بمرسوم عن مجلس الوزراء المنعقد برئاسة رئيس الجمهورية، ثم ينبغي عرضها على مجلس النواب في أول اجتماع له، وهو ما لم يحصل حتى الآن..
يمكن التنويه في هذا السياق إلى اللفتة النابهة لأسير حقوق الإنسان السوري الشيخ الثمانيني هيثم المالح، عندما ألمح إلى أن الأساس الذي يمكن أن يفسر النسق الداخلي الاستبدادي للنظام خلال عقود التسلطية الأسدية، يمكن أن نجد لها أصولها البعثية ليس في قانون الطوارئ الذي بدأ مع الانقلاب البعثي فحسب، بل بالمرسوم الذي يشرع قانونياً إطلاق يد سلطة المخابرات لاحقاً، إذ صدر المرسوم رقم 14 لعام 1969 أي في زمن البعث ما قبل الأسدي، فنصّت مادته 16 على حماية العاملين في أمن الدولة من الملاحقة القضائية إذا ارتكبوا جرماً، وهكذا تبدأ لحظة انحسار دور القانون لصالح أجهزة الأمن…
هذا القانون البعثي سيكتسب خصوصيته الأسدية من خلال عملية الترييف والتطييف التي بدأها الأسد من خلال اللجنة العسكرية في الستينات وحسمها في السبعينات في الاستيلاء على مصادر قوة النظام العسكرية والأمنية، حيث ستتأسس منظومة ما تسميه حنة أرندت (الاعتباطية المقيدة) المميزة للنظم الشمولية، بنكهة محلية سورية أسدية ذات عصبوية طائفية لاحمة للتسلطية الاحتكارية الفئوية للمجتمع على حساب اللحمة الاجتماعية الوطنية التي كان ينجزها المجتمع السوري على طريق اندماجه في صيغة الدولة الوطنية خلال نصف قرن منذ 1920، ليبدأ نصف قرن مضاد منذ 1970 حتى اليوم على طريق التكسير الداخلي الممنهج والمنتظم لبنية سيرورة بناء الدولة الوطنية، وذلك لصالح قيام الدولة الأمنية-العسكرية الفئوية الطائفية ذات الصخب الايديولوجي الشعاري القومي الذي يموّه حالة التفتيت الداخلي، حيث دولة من هذا النوع لا يمكن إلا وأن تنحلّ إلى عصابة كما هو مآلها اليوم ، بما يجعل من قانون الطوارئ حكاية قديمة…!
هذا المميز الأسدي للنظام الشمولي يسقط أي مستوى من قابلية الاحترام التي تتيح إمكانية مناقشته كخصم محترم حتى ولو كان نظاماً ديكتاتورياً، أي أن لكل النظم الشمولية الديكتاتورية قضية عقائدية ما، يستطيع المرء أن يرفضها، لكنها تفرض عليه نوعاً من الاحترام لأشخاصها بسبب إخلاصهم لقضيتهم حتى ولو تكشّفت عن كومة قش من الأوهام كما الناصرية مثلاً….
لقد تسلّط علينا نحن العرب- والسوريين خاصة- مخلوقات عجيبة من انعدام الحس المدني الذي لا يمكن أن تضعه تحت مواصفات الشمولية والديكتاتورية التي يمكن لها أن تثمر عن ضبط داخلي ما يشعر الفرد بالأمان الاجتماعي حتى ولو على حساب حرياته الفردية، بل يمكن في سوريا القيام بمخالفة كل القوانين التي تعارف عليها البشر، حيث هي في مجال المباح إلا المس بوثنيات العصبية التسلطية المطلقة، حيث ليس في تاريخ هذه العصبة التسلطية موقف يدعو للاحترام لكي تناقشها وتكتب عنها على قاعدة الاعتراف المتبادل من موقع الخلاف أوالاختلاف… إنها كائنات مسكونة بعبادة ذاتها واحتقار الآخر فلا مجال للآخر للحفاظ على توازنه النفسي والإنساني والقيمي من أن يبادلها الاحتقار كما كنا قد شخّصنا مراراً، وإلا سار الفرد على طريق انقراض أناه الفكرية والأخلاقية التي تتمثّل في العصر الحديث بقيم العقل النقدي والروح المتمردة، وهذا القضم اليومي للقيم النقدية والتمردية تفسر لنا حالة الموات السريري للسياسة في سوريا وحضور العنف والصمت والخوف… مع ذلك ورغم كل ذلك، فحتى إذا بدا الخلاص مستحيلاً، فإنه ينبغي أن نكون في كل لحظة جديرين به كما كان يعبّر كافكا عن تشاؤمه الكوني من مستقبل الحرية، لكن تشاؤمه العقلي لم يحل دون تفاؤل إرادته-وفق تعبير غرامشي- وذلك للسير على طريق الارتقاء الدائم بالذات الحرة إلى مستوى أن يكون جديراً بها دائماً… أي إذا لم يكن بالإمكان مقاومة الطغيان والاستبداد باليد فبالقلب والضمير المتمرد، وذلك أضعف الإيمان وفق الحكمة النبوية، وذلك للحفاظ على ذات كيان الفرد بل وكيان الأمة لكي يكون بالإمكان ممارسة “الممانعة” المدعاة، لأن الاستجابة لتقليم الذات وقصقصتها على قدر مطالب الطغاة سيقود الكيان الذاتي إلى التآكل والانقراض، فلا بد من حفظ كيان الأمة من التجويف النفسي القيمي لكي لا تتحول إلى كائنات جوف يملأها الغبار كالتي عبر عنها إليوت: أي التمسك باستشعار القيمة الاعتبارية للنفس ككائن آدمي وليس سديماً ووهماً ودخاناً مما نشهده في هذه المقبرة الممتدة المسماة بالعالم العربي، وخاصة سوريا التي تنحط منظومتها السياسية إلى ما دون قانون الطوارئ، لأنه-أي قانون الطوارئ- يبقى في أسوأ حالاته قانوناً حتى ولو كان تسلطياً، وذلك لأن خصوصية المستبد الأسدي تتجاوز هذا الدرك من الانحطاط بالإنسان والمواطن، إلى درجة التشبّع بروح من الكراهية الاستثنائية- ربما كمعادل لنصف قرن من الأحكام ما قبل الاستثنائية لحالة ما دون الطوارئ- ضد شعبها، معززة بالاحتقار والازدراء التي عبر عنها أخيراً وريث التسلط بن أبيه الطاغية الأسدي “بأن شعبه قاصر ثقافياً وعقلياً”، هذه النزعة للتأله في صيغتها الهزلية الكاريكاتورية: (القذافية- الأسدية) تشتد التفافاً وانكفاءً وتمركزاً على ذاتها تألهاً صنمياً عدوانياً شريراً: شراسة وعتهاً وسفهاً، بمقدار اكتشافها لدرجة ما يضمره شعبها من الاحتقار لأصل معدنها الوضيع.
هذه المقدمات تقودنا إلى القول: إن واقع القمع الذي تلحقه الطغم المتسلطة في سوريا لا يستند إلى قانون الطوارئ ولا إلى أي قانون سوى تلك السفاهات والحميّات التي تعتور عقل أفراد العصابة الريفية الطائفية المتسلطة وهي تمارس (قانون اللاقانون)، إذ (تقونن الاعتباطي) على حدّ تعبير حنة أرندت وهي تتحدث عن النظام الشمولي القائم على مفهوم “الاعتباطية المقيدة”، لكن الذي يقيد الاعتباطي في الفاشيات الأوربية يبقى تلوثه بحمى الفاشية-مع ذلك- متأتياً عن عدواها بمزيج من أمشاج عقل نيتشه وروح فاغنر، وليس من مناخات البيئة الثقافية لروث البقر حيث الغوص في زبل التناقضات حد الاختناق وفق تعبير ماركس المجازي مع الاعتذار من المهذبين العقلانيين الذين لا يحبون الشتائم…! حيث تناقضات الذات بين ماض تسفيلي وحاضر تسفيهي هي مسار التجربة الذاتية الأسدية… ولهذا فهي لا بدّ لها من قراءتها الخاصة و”الخصوصية” للفاشية البعثية، حيث لا تستطيع أن تفهم للقانون من معنى سوى أنه تنفيذ للاعتقال والسجن كما عبّر لنا أحد قادة فروعهم مهدداً: إذا لم توافقوا على اقتراحاتنا…؟ فأمامنا القانون…) وكان يقصد بالقانون هنا: السجن الذي كان مصير أصدقائنا المعتقلين العشرة الأفاضل الأوائل، أي أمامنا (قانون) السجن ما دمنا لا نقبل عروضهم…!
إن القمع الوحشي الذي مورس ويمارس في سوريا (الأسد)، لا يعكس قمعاً دولتياً ديكتاتورياً شمولياً مستنداً إلى حالة الطوارئ أو البند العاشر من الدستور أو الصلاحيات الواسعة للرئاسة فحسب، بل هو قمع عار يتم بطريقة استعلائية استيلائية مهينة للمجتمع والمواطن، يباطنها روح مسكون بالعدوانية والكراهية لأهل الوطن بوصفهم أعداء، وبالتالي فإنه يغدو من انعدام الحس والحساسية بل والمسؤولية الأخلاقية، أن لا يسكن خطابنا غضب ساطع ووجدان متألّق وروح متحفزة في الدفاع عن الكرامة بما يعادل درجة احتقارهم لشعبهم ومجتمعهم المستأسدين عليه استئساداً.. حيث المتداول والمألوف في تعريف الكرامة: هو أن تقاطع من غدروا بك وتحتقرهم وتبصق في وجههم وفق أحد التعاريف للكرامة بالمعنى الفولتيري الحديث، أو أن “تدير لهم القفا” على تعبير رولان بارت دون أن يخشى على سمعته كمفكر من أن يتهم بالشتائمية والبذاءة التي تنتقص من قدره كمفكر وناقد أدبي عالمي عظيم، وذلك وفق ما يذهب إليه بعض معارضينا المهذبين في تأففهم من الخطاب المعارض الغاضب، وذلك بعد أن اكتشفوا فرحين بأن النظام نجح في مواجهة تهديدات الخارج…! ولا نعرف تهديدات للخارج سوى تلك التي تطالب النظام بالكفّ عن التدخل في الشأن اللبناني والعراقي والتلاعب مع إيران بالمصير الفلسطيني، أي الكفّ عن اللعب بالأوراق الإقليمية بحثاً عن تأبيد تسلطه…
فعلينا والأمر كذلك –وفق المعارضين الجدد- أن نفرح بممكنات فرار عصبة التسلط من جريمة اغتيال الحريري ورفقائه، واغتيال سلسلة النخب السياسية والفكرية اللبنانية، ونسيان تاريخ الرعب وعشرات آلاف القتلى والمفقودين والمجرّدين والمنفيين، ومن الهتاف له لانتصاره على تحديات أوروبا بعدم استجابته لشروط احترام حقوق الإنسان لدخول السوق الأوربية… ولا نعرف أن ثمّة تحديات أخرى للنظام انتصر فيها سيما جولاننا المنسي الذي تكافؤه إسرائيل على فقدان ذاكرته الجولانية، بالدفاع عن بقائه مقابل بقائها في الجولان، بل ويدعو البعض إلى حوار النظام وإيقاف مقاطعته والمشاركة بـ(انتخاباته) المحلية والنيابية….! وكأن المعارضة هي المسؤولة عن أخدود الرعب الذي حفره أشقياء النظام الأسدي، وكأنها هي التي تلاحقه وتعتقله وتستولي على مقدرات البلاد والعباد، وكأن هذه المعارضة ليست هي التي تجرّعت السمّ صامتة أمام تغيير الدستور ليتناسب مع القامة الرشيقة للوريث الأسدي الصغير الذي راهنت -مع ذلك- على ممكنات عنصر الخير فيه مما لم يرثه من أبيه…
بل لا نعدم جمعيات حقوق إنسان يناشدون “الرئيس” للتدخل إلى جانب المعتقلين للعفو والغفران عنهم… بل ويعلنون ثقتهم ومراهنتهم على قضاء البلاد الذي لم يبق منه في سوريا منذ عقود سوى قضاء الله وقدره، ومن ثم تتوّج هذه اللغة المعارضة المهذبة واللائقة بالدعوة إلى إلغاء قوانين الطوارئ التي لم نتمتع بها –مع ذلك- يوماً تحت ظلّ البعث -سيما في المرحلة الأسدية- الذي لم يخلف سوى سلطة تستند إلى قوة العضلات الأمنية والميليشية وعنفوان الشبيحة…
هذه المراجعات النقدية للمعارضين العقلانيين الجدد، لا يمكن أن يُبنى عليها سوى مطالبة المعتقلين السياسيين أن يروا هذه الحقائق الجديدة ومن ثم الاعتذار للنظام… وما على الشيخ هيثم المالح إلا وأن يتراجع -نقداً للذات- عن وصم طغم اللصوص بالفساد…
لقد سبق لنا أن نصحنا المعارضين النقديين الأوائل من قومويين ويسارويين أنه لا زال لهم نصفهم العاقل في (الجبهة الوطنية التقدمية)، فما عليهم إلا وأن يكونوا شجعاناً فيقوموا بالنقد الذاتي حزبياً أمام رفاقهم الجبهويين الذين سبقوهم أربعين سنة في تقدير مواجهة النظام للتحديات الخارجية…!
والإسلاميون الإخوانيون لهم في فضيلة مفتي الجمهورية أسوة حسنة في دعوته لـ”توحيد الجهود” من أجل المعركة، سيما في تقديره لقيم الجهاد الشيعي الإيراني وترحيبه بتشييع سوريا لـ”توحيد جهودها” خلف المحور الإيراني- السوري.
إنهم عصبة العصابة العصبوية تريد أن تنتهك حرية وكرامة الإنسان بشرعية -همجية قلّ نظيرها في التاريخ- حيث اغتيال وتصفية أبناء الوطن من الشباب الكردي علناً وهم في خدمة “علم الوطن” المفترض والمنشود، وذلك بعد أن غدا السجن والاعتقال جزءاً من الحياة اليومية للأكراد، وهو أكثر من توفّر الطعام والغذاء، بل واغتصابهم في السجون، وكنا حينها قد (هنأنا حزب البعث خلال مؤتمره العاشر) على فحولتهم التي برهنوا على فعاليتها في اغتصاب شاب كردي دون العشرين من عمره في السجن حتى فقد رشده… ومع ذلك علينا أن لا نؤذي نزواتهم الفحولية، وفق دعوة عقلانيي المعارضة المجددة التي تلاحظ نجاحات السلطة في انتصارها على تحديات الداعين لها لاحترام حقوق الإنسان السوري واللبناني والعراقي والفلسطيني، ومن ثم الاكتفاء بالدعوة لإنهاء حالة الطوارئ الشئيمة مصدر كل المآسي!…. وكأن حالة الطوارئ- بالأصل- تعطي الشرعية للجلاد أن يغتصب ضحيته، بل وأن يستشعر الشرف لحظوته بمباضعتهم المقدسة، وذلك على حد تعبيرهم للأب الذي اغتصبوا ابنته يوماً وقتلوها…
هل هناك تصور للعنف يتجاوز هذا العنف، بل ويستشعر هذا الإرهاب والرهاب… أن تصادر حريتك وتغتصب كرامتك وسيادتك، وأن تبادر في الآن ذاته لمناشدة المغتصب بإطلاق حريتك لثقتك بقضائه وبرئيسه… وإعلانك بأن الأمر لا يعدو أن يكون ثمة خلاف في وجهة النظر القانونية بين السلطة والمعارضة في إطار تطبيق قانون الطوارئ… أن يحدث ذلك فتلك هي قمة استلاب الذات وفقدانها لذاتها ونشوتها في تعذيبها الجسدي!؟
هل يمكن النظر إلى قضية مسجوني إعلان دمشق على أنها مسألة تندرج في إطار الاستناد إلى قوانين الطوارئ… ألسنا في ذلك نقدم غطاء من الشرعية القانونية، حتى ولو كانت قوانين استثنائية لعصابات ميليشاوية شبيحة خارجة على القانون الداخلي الدولي والعالمي بما فيه الإستثنائي والطارئ!
هل يمكن النظر إلى اعتقال رياض سيف بوصفها قضية سياسية بين السلطة ومعارضة، تسئ فيها الدولة استخدام السلطة من خلال الاستناد إلى حالة الطوارئ؟
هل تتيح قوانين الطوارئ أن تدير عصابات التسلط ظهرها إلى العالم عندما يتدخل لمعالجته من مرض السرطان… ومع ذلك يلقى رياض سيف في ممرات السجن دون غطاء أو فراش في ذروة البرد، ومن ثم يحاكم ويحبس-ولا يزال- ثلاثون شهراً بعد أن لم يمرّ على قضائه خمس سنوات في السجن…
كيف يمكن لقوانين الطوارئ أن تعطي الحق في اعتقال سيدة كالدكتورة فداء حوراني؟ لا نتحدث هنا من موقع الاعتراض الذي مصدره التضامن معها كامرأة: زوجة وأم وجدة وهو أمر مهم مع ذلك…
بل إنه يتأتى الاعتراض ردّاً على ذلك الانحدار بالقيم الوطنية… وذلك عندما تعتقل السيدة الفريدة المتميزة في شكل ونوعية انخراطها في الشأن العام للمجتمع المحافظ التقليدي الحموي الذي يسوّق النظام فكرة شرعية تحطيمه وهدمه، ومن ثم حقه في تدمير مدينته (حماة) لكونها قوة هدم أصولية متعصبة ومتطرفة…
لو أن مزاعم عصبة النظام حول خوضهم معركة تقدمهم الـ (طائفي) ضد التأخر السني التقليدي الحموي، لكان عليهم-لو أنهم صادقون- أن يضعوا تمثالاً لابنة حماة التي تقدّم صورة المرأة العصرية الفاعلة والمنتجة والمنخرطة في الشأن العام من خلال المشاركة المجتمعية والسياسية المنفتحة المدنية والديموقراطية والحداثية…
فالاستنكار إذن لا يمكن أن يكون استنكاراً سياسياً على استبدادية السلطة الحاكمة لدولة شمولية متغوّلة تفرط في استخدام القوانين الاستثنائية والطارئة كما يحدث في ظل معظم الدول الديكتاتورية العربية منها والعالمية… إذ يستحيل أن يكون لدينا الحدود الدنيا من الحس الوطني المدني المحب لوطنه سوريا دون أن يستشعر الاحتقار نحو جهاز مخابرات أمن الدولة الذي اعتقلها بل وكل الأجهزة الأمنية، ونحو كل من حاكمها ومن حكمها من حثالات القضاة المتطابقين مع عقل وثقافة رعاع الأمن، مع بصقة مجتمعية تملأ الفم -وفق تعريف الكرامة بالمعنى التمردي الفولتيري للضمير الحديث- لتغرق كل الطاقم التسلطي العصبوي الحاكم الخلاسي الهجين من أسفله إلى أعلى قمته، الذي لا يملك أي معيار قانوني قيمي طارئ استثنائي أو تالد مدني، سوى السطوة والاستيلاء العسكري الرعاعي الطائفي على السلطة كغنيمة دونها الحرب والدماء وخرط القتاد..
موقع اعلان دمشق