بدءا من اليوم .. معارك فقهية تأخرت 1431 عام
نبيل الملحم
بدءا من اليوم سنشهد جدلا فقهيا واسع النطاق على المستويين العربي والاسلامي أعقاب اطلاق فتوى أجازت الاختلاط بين الجنسين، ومن ثم الاعلان عن أن ‘الحجاب خاص بأمهات المؤمنين وحدهن بنص آيته وسببها وسباقها وسياقها ‘ وبالتالي فانها لاتمس بقية المؤمنات من النساء المسلمات بدءا من 1431 سنة الى اليوم ” وكلا الفتويين أطلقهما مدير فرع هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في مكة المكرمة الشيخ الدكتور أحمد بن قاسم الغامدي.
دون شك بأن فتاوى الشيخ الغامدي ستطلق انقساما (شاقوليا) في المجتمعات الاسلامية، وشاقوليا هنا تعني النخب الثقافية والسياسية، ومن ثم انقساما افقيا ونعني به سائر الناس من رصيف المجتمعات العربية والاسلامية، والمهم هو الانقسام الأول كونه يطال النخب التي تأخذ البقية حيث تختار وتذهب، فيزغرد لها صديقنا المتخفي عن الأنظار نبيل فياض، ويحتفل فيها صديقنا المشغول بهموم النساء بسام القاضي، فيما سيرشق فقهاء بكل اللغات الشيخ الغامدي الذي استثنى بفتواه بقية المسلمات من الحجاب، والأكيد ان صفوفا واسعة من النساء العربيات والمسلمات سيرفعن الرايات للشيخ الغامدي كونهن ارتحن من الحجاب، وبات خارج استحقاقات حياتهن المثقلة بالاستحقاقات، ولكن الفتوى بما لها وما عليها، ستعيدنا الى مربع لم نغادره، وهو (الحجاب):
-ملزم ام غير ملزم؟ فريضة ام فضيلة؟ ثانوي أم أساسي لاستمرار حياتهن في دينهن أم فائض عن حاجتهن؟ الى ماهنالك من أسئلة ستؤجل الكثير من الأسئلة ومن بينها ، أسئلة من نوع :
-ماهو حجم الفساد في المجتمعات العربية والاسلامية؟
-ماهي مساحة الشفافية لحكومات عربية واسلامية؟
-ماهي قوة البرلمانات وحضورها لصوت العربي وارادته؟
-ماهي مقومات الحرب والسلام، وماهو اللازم لكليهما؟
وفوق ذلك ستؤجل الكثير من الاسئلة المرتبطة بعلاقة الشمال المتقدم مع الجنوب الغارق، كما بين مصادر الثروة العالمية ومعظمها من الابار العربية والاسلامية ولمن ستعود هذه الثروة بخيراتها؟
وبذات الوقت ستعطل الحوار المطلوب في كل لحظة ، والمتصل بخيارات امم في تشكيل هويتها بعد أن تاهت الهوية بين (عربية) ام (عربية اسلامية)؟ أم متوسطية؟ ،ام هوية شرق أوسطية؟ ام هوية اورو- آسيوية؟ أم هوية بحجم عباءة أمير أو ملك؟ صاحب جلالة ام صاحب سمو ؟
فتوى الشيخ الغامدي، ضرورية، ولكنها ضرورية قبل 1431 سنة، وهي كذلك لأنها لو جاءت منذ ذلك التاريخ لاختزلت كل القرون الفائتة من :
-تعطيل المرأة وتخبئتها وطيها كما حفنة مخدرات عن عين بوليس المخدرات.
-ولا اضمحلت احتمالات ظهور طالبان في افغانستان أو تلاشت.
-ولتساوت نصف المجتمعات العربية الغارقة في النسيان مع نصفها الذكوري التائه في الحضور، واغلقت بيوت الطاعة او انتزعت أبوابها وجدرانها من الاساس.
ولشهدت هذه المجتمعات ثورات فلسفية واسعة كان يمكن ان تلامس ماأحدثه دانتي ومن ثم روبسبير في الثورة الفرنسية التي كتبت بالدم.
ولكنا بعدها مجتمعات مهمومة بأسئلة أخرى، واشكالات أخرى، على علاقة بالنمو والرفاهية وحقوق الانسان.. و … كذلك بالموسيقى وشؤون الحب.
فتوى الشيخ جاءت متاخرة 1431 وحسنا انها جاءت..
متأخرة .. لابأس ولكنها وصلت، وثمة ملايين الجدران ستبنى منذ اللحظة لاعاقتها وتحويلها الى ركن من أركان :” الاعتذار”.
ثمة شيخ سيعتذر غدا، عن فتوى أصدرها بعد ان تأكله أسنان “حراس الظلام”.
شاكو ماكو