بوش صار جثة في منطقتنا
عبد الرحمن الراشد
ايران تعتقد ان الرئيس الاميركي صار عاجزا لأنه في آخر ايامه، وكذلك تقول تلميذتها المطيعة حماس، وهكذا تفكر سورية القلقة، بل حتى حلفاء أميركا انفسهم يعانون من صداع الافكار المشوشة، معتقدين ان بوش صار رئيسا بروتوكوليا، وخائفون من تبعات عجزه. لكن تذكروا ان رئاسته لا تنتهي الاسبوع المقبل بل في عام 2009 في يوم عشرين يناير، في الساعة الثانية عشرة ظهرا بتوقيت واشنطن، اي الساعة السادسة بتوقيت الضاحية في بيروت.
التصور بأن الرئيس انتهت صلاحيته ربما يكون مسؤولا جزئيا عن شجاعة حزب الله عندما احتل بيروت الغربية، واخاف المعتدلين العرب بأن الرئيس ترك ايران تعيث في فلسطين ولبنان، ومن يعلم ربما الخليج قريبا.
الخطورة ان الاشاعة قد تكون اهم من الحقيقة في المنطقة التي يتبنى فيها السياسيون احاديث المقاهي، اكثر مما يستمعون الى تنظير المختصين في العلوم السياسية، وهذا قد لا يفهمه الاميركيون الذين يرددون انفسهم أن الرئيس في سنة الانتخابات بالفعل ليس الرئيس في السنوات الثلاث السابقة. وقد يتساءل البعض ما الذي يهمنا إن صار الرئيس بطة عرجاء او جثة فاحت رائحتها؟ نعم توجد مخاطر من سوء الفهم، فيقدم فريق، كما فعل حزب الله، باستيلائه على بيروت الغربية، على إخلال للتوازن وانقلاب على الحكم، اعتقادا بان اللاعب الاميركي مشغول بانتخاباته والرئيس يمضي نهاره يحتسي الشاي يحزم حقائبه استعدادا للعودة الى ولايته تكساس. والنظرية الثانية السائدة ان اميركا باتت مثل موريتانيا دولة ضعيفة وان الوقت مناسب اليوم لمعاقبة الاميركيين بالاستفادة ايرانيا والتقدم على الأرض واثقين ان احدا لن يحرك ساكنا. اي ان الفهم الخاطئ لآلية العمل في السياسة الأميركية يشجع على المغامرات والفوضى، كما حدث مع الرئيس العراقي السابق صدام يوم احتل الكويت في صبيحة الثاني من اغسطس عام 1990 ظنا انه مسموح له بشغل الفراغ. انها نظريات خاطئة قادت الى مآس فادحة.
نعم يرون الرئيس بطة عرجاء لكنه قادر ان يكون صقرا أعرج باستطاعته على ان يدمي خصومه. هل تتذكرون متى غزا بوش العراق؟ لم يكن في اول عام من دخوله البيت الابيض بل في مايو عام 2003 اي قبل عام واحد فقط من نهاية رئاسته الأولى. تصوروا، اتخذ قراره، ونفذ اكبر عملية عسكرية في تاريخ الولايات المتحدة منذ الحرب العالمية الثانية. حارب في ساعة كان الرئيس السابق صدام يستبعد حدوثها، معتمدا على تحليل منظري التلفزيونات العربية. كانوا يقولون له ألا يبالي بالتهديدات وحشد الاساطيل، مؤكدين له ان المظاهرات المعارضة واستطلاعات الرأي وقرب انقضاء فترة الرئيس ستحول دون الحرب. كم كانوا مخطئين!
على الأرجح ان بوش لن يقدم على مغامرات عسكرية كبيرة في المنطقة لاسباب من بينها ان سلطاته تنتهي في العام المقبل. صحيح انه بقي للرئيس ستة أشهر فقط، لكنها فترة طويلة في تاريخ منطقتنا، وكافية لان يرتكب بوش حماقات جديدة اذا تمادى الطرف الآخر في استدراجه اليها.
الشرق الأوسط